ببالغِ الحزنِ والأسى ,تلقيتَ نبأ التشكيلةِ الحكوميَّةِ الفاجعِ ,والمخيِّبِ للآمالِ , الذي أبقى الغُصَّةَ في اختيارِ الوزراءِ على أساسِ الكفاءةِ السياسيةِ والجدارةِ هي المعيارُ, هو محضُ خرافة , يستمرؤها الناسُ ويَلَذُّ لهم سماعُهَا , ولكنَّها على أرض الواقع محض خيال . لقد كانَ أمامَ الحكومةِ فرصةٌ ذهبيةٌ ,لاستعادةِ الثقةِ , التي هي المفتاحُ الذهبيّ لنجاحِ أيِّ حكومةٍ ، لو أحسنَ رئيسُ الحكومةِ اختيارَ الوزراءِ ,بعيدًا عن المحاصصة والترضيات . إنها بحق حكومة استنساخ لتجارب فاشلة ،لن تحل أيّا من المشاكل ولن تحقق أي مكسب للشعب ,لقد ألقت بآمال وطموحات الشعب الأردني في مهب الريح . المركبة الفضائية إذا أرادت أن تتخلص من الجاذبية ,أطلقت صاروخا للدفع ,فنحن بأمسَّ الحاجة في ظل الظروف الصعبة والمعقدة التي نعيشها ،وتعيشها المنطقة بأكملها إلى من يدفع المسيرة ،لا إلى من يعيدها إلى الوراء . ما أودُ الإشارةَ إليه ,هو الضعفُ المخجلُ لشخصيّةِ الحكومةِ وافتقادُها لمقوماتِ فرضِ احترامِها لدى الشعبِ الأردنيِّ ،ولستُ مبالغاً إنْ وصفتُ الحكومة بأكبر من هذا الوصف , في ما يتعلّق الأمر بما تمتلكه من شخصيّة تتّصف بالهشّاشة ,وأقرب ما تكون إلى ألأمية السياسية إذا جاز الوصف ،و بالنظر إلى أكثر شخوصها فسنكتشف تواضع مؤهلاتهم الفكرية ,والسياسية , وبساطة خلفياتهم الثقافية . ألم يئِن الأوان لعهدٍ ونهجٍ جديد ؟ ففشلُ حكوماتِ العهدِ القديمِ أصبحَ عبئًا كبيرًا , والتكلفةُ أصبحت عاليةً جدًا . ومما يدمي القلب ،أننا سنشاهد تمثليةٌ ساخرةٌ ،ستجري أحداثُها على خشبة البرلمانِ الأردنِيِّ ،أثناءَ التصويت على الثقة بالحكومة ،حينما يتبارى الخطباءُ بالّلطمِ والنواحِ والعويلِ والصراخِ وفردِ العضلاتِ ، وإذا بهم في نهايةِ الحفلِ يمنحونَ الحكومةَ صكوكَ الغفرانِ “ثقة”. وبهذه الفاجعة الأليمة أبعث مقدما لكل الشعب الأردني ،أحرَّ التعازي وأسمى آيات المواساة ,وكلُّ مشاعري تشاركه الحزن والمصاب الأليم ,لتقديري بعظيمِ الصَدْمَةِ والفَجِيعَةِ لشعبٍ فقدَ ثِقَتَهُ بنظامه السياسي .رحم الله معروف الرصافي عندما وصف الحكومات قائلا : أفهكذا تبقى الحكــومة عَنــدَنا كَلِمًـــا تُمَوَّه لِلْوَرَى وتُزَخْــــرَفُ كَثُرَت دوائِرُهـا وَقَلَّ فِعْلُـــــها كالطَّبلِ يَكبُرُ وهو خـالٍ أجـوفُ كَمْ سَاءَنَا مِنْهَا ومِنْ وُزرَائِــهَا عَمَلٌ بِمَنْفَعَةِ المُواطِنِ مُجْـِحـفُ
