حديث سواليف الرمضاني 29 : إنّا بفِرَاقِكَ يَا رَمَضَاْنَ لَمَحْزُونُونَ

سواليف – خاص – د. منتصر بركات الزعبي

قرب الرحيل وأزف الفِراق وما هي إلا ساعات وينتظر المسلمون خبر انقضاء هذا الشهر الكريم الذي طالما تاقت إليه النفوس واشتاقت إليه القلوب. كنا بالأمس نعد له وننتظره وإذا بنا اليوم نودعه ،يودعه المؤمنون بقلوب يعتصرها الألم والحزن. فاللهم يا جابر القلوب المنكسرة اجبر كسرنا على فراق شهرنا الكريم اللهم واختم لنا شهرنا بغفرانك والعتق من النار يا أرحم الراحمين. فمن كان محسنا فيه فليحمد الله على ذلك وليبشر بعظيم الثواب ومن كان مسيئا فيه فليتب إلى الله توبة نصوحا فإن الله يتوب على من تاب وليحسن حسن الختام فإن الأعمال بالخواتيم. فالتاجر إذا دخل موسما من مواسم التجارة فتاجر فيه وباع واشتىرى طلبا للربح فإنه وبعد انتهاء الموسم وتصفية حساباته ينظر مبلغ ربحه وما حصل عليه من مكاسب ،هذا في تجارة الدنيا وعرضها الزائل الذي نعتبره حذقا وذكاء . ونحن نعيش موسما من مواسم تجارة الآخرة الباقية تجارة تنجينا من عذاب أليم تجارة لن تبور بإذن الله نعيش موسما مباركا ،فيه من الربح ما لا أذن سمعت ولا عين رأت ولا خطر على قلب بشر ،يفوز فيه أهل الاستقامة والصلاح برحمة الله ويحصل فيه المذنبون على مغفرة الله ويعتق فيه المستحقون لدخول النار من النار إذا تابوا إلى ربهم. لقد مر بنا هذا الشهر بخيراته وعشنا أيامه ولياليه فلنحاسب أنفسنا ماذا ربحنا فيه وماذا استفدنا منه ،وما أثره على نفوسنا وما مدى تأثيره على سلوكنا هل ربحنا فيه أم خسرنا ؟ هل تقبل منا ما عملنا أم رد علينا ؟لقد كان السلف الصالح – رحمهم الله – حينما ينتهي رمضان يصيبهم الهم والغم هل تقبله الله منهم أم لا. فلذلك كانوا يدعون ربهم ستة أشه أن يتقبل منهم رمضان وقد وصفهم الله بقوله : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ ( 60 ) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ( 61 ) المؤمنون إن للقبول والربح في هذا الشهر علامات وللخسارة والرد علامات يعرفها كل إنسان في نفسه فمن كانت حاله في الخير والاستقامة بعد رمضان أحسن من حاله قبله من حسن سلوك ورغبة في الطاعة وابتعاد عن المعاصي فهذا دليل على قبول أعماله الصالحة في رمضان وليل على ربح تجارته في رمضان ومن كان بعد رمضان كحاله أسوأ فإنه لم يستفد من رمضان موسم المغفرة والرضوان. فيا من بنيت حياتك على الاستقامة في هذا الشهر المبارك دم على ذلك بقية حياتك ولا تهدم ما بنيت فتكون كما قال الله تعالى : (كالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا) (النحل: 92) لقد اعتاد كثير من الناس إذا هل شهر رمضان أن يواظبوا على الصلاة ويؤدوها في أوقاتها فتراهم يترددون على على المساجد ويشهدون الجمع والجماعات وتبدوا عليهم مسحة من التوبة والإنابة ولكن ما إن يرحل عنهم هذا الشهر حتى يعودوا إلى سيرتهم الأولى فينقطعوا عن الصلاة ويهجروا بيوت الله فلا يدخلونها طية العام . فيا من تعودت على ذلك لا تقطع صلتك بالله فإن حبل الله متين قال الله تعالى : (فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10الفتح)

ارشيف 2015

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى