حديث سواليف الرمضاني 28 : (اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا) (2)

سواليف – خاص – د.منتصر بركات الزعبي

ماذا لو حُدِّدَ لكَ مِيقاتُ يومٍ معلومٍ للوقوفِ أمامَ محققٍ في أمرٍ نُسِبَ إليكَ ، فماذا تَصنعُ ؟ لاشكَّ أنَّكَ تفكرُ طويلاً في هذا الموقفِ ، وفيما عسى أنْ يُوجَّهَ إليكَ من أسئلةٍ ، وكيفَ تُجيبُ وتعملُ حسابًا لكلِّ احتمالٍ حرصًا منكَ على براءَتِكَ مما نُسِبَ إليكَ ، معَ أنَّ المُحَقِّقَ لا يعلمُ منْ أمرِك َإلا ظاهِرَهُ ، وغايةُ مسؤوليتِكَ ضررٌ محددٌ في الدُّنيا . فلماذا لا تفكرُ أخي وأختِي فِي اللهِ ، في مَوقِفِكَ أمامَ رَبِكَ الذي سَيُحاسِبُكَ ولا يخفَى عليه شيءٌ مِنْ أمرِكَ . أفتعملُ حِسَابًا لحسابِ المخلوقِ ضعِيفِ البطشِ ، ولا تعملُ حِسابًا لمحاسَبَةِ الخالقِ ذِي البطشِ الشديدِ ، وإذا كنتَ تخشَى صحيفةَ سوابِقِكَ التي أُثْبِتَتْ في الدنيا ، وهي عُرْضَةٌ للمحوِ والزوَالِ ، فماذا تصنعُ في صحيفةٍ كتَبْتٍها بِنفسِكَ وسطَّرْتَهَا بعملِك وشهودُها أعضاؤك ورقباؤها حفظةٌ كِرامٌ (لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )[التحريم:6] فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ – رضي الله عنهما – قَالَ : كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَحِكَ ، فَقَالَ : ( هَلْ تَدْرُونَ مِمَّ أَضْحَكُ ؟ قَالَ : قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ ، يَقُولُ : يَا رَبِّ ، أَلَمْ تُجِرْنِي مِنْ الظُّلْمِ ؟ قَالَ : يَقُولُ : بَلَى . قَالَ : فَيَقُولُ : فَإِنِّي لا أُجِيزُ عَلَى نَفْسِي إِلا شَاهِدًا مِنِّي . قَالَ : فَيَقُولُ : كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيَبًا، وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا . قَالَ : فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ [يمنعه من الكلام]، فَيُقَالُ لأَرْكَانِهِ : انْطِقِي . قَالَ : فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ . قَالَ : ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلامِ [يسمح له]. قَالَ : فَيَقُولُ : بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ ) رواه مسلم وصدقَ اللهُ العظيمُ إذْ يَقولُ : (حَتَّى إِذَا مَا جَاؤُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)فصلت 21 باللهِ عليْكمْ أخبِرونِي كيفَ يكونُ تقديرُكُم للموقفِ عندَ السؤالِ بينَ يديِّ اللهِ الحقِّ المبينِ يومَ القيامةِ عندَمَا يقاُلُ لكَ frown رمز تعبيري اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا) (14الإسراء) فنقرؤه خائفا وجلا : (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا) وعندما يقولُ لكَ الحق – جل جلاله – : (يا عَبدِي ، أمَا استحييتَ منِّي فبارزْتَني بالقبحِ ، واستحييتَ مِنْ خَلْقِي فأظهرتَ لهم الجميلَ ، أكنتُ أهونُ عليكَ مِن سائرِ عبادِي ، استخففتَ بنظرِي إليكَ فلمْ تكترثْ بهِ ،واستعظمتَ نظرَ غيرِي ، ألمْ أُنْعِمْ عليكَ فماذا غرَّك بِي ؟) أيها الأحبابُ : أربابُ البصائرِ عَرَفوا أنَّ اللهَ تعالَى لهمْ بالمِرْصَاد ، وأنَّهم سيناقشونَ في الحسابِ ويطالبون بمثاقيلِ الذرِّ مِنَ الخطراتِ واللحظاتِ وتحققوا أنَّه لا يُنجِيهم إلا لزومُ المحاسَبَةِ ، فمنْ حاسبَ نفسَه قبلَ أنْ يُحاسَبَ خفَّ في القِيامَةِ حِسابَهُ وحضرَ عندَ السؤالِ جوابُهُ وحَسُنَ مُنقلبُهُ ومآبُهُ ومنْ لمْ يُحاسِبْ نفسَه دامتْ حسراتُه وطالتْ في عرصاتِ القيامةِ وقفاتُهُ وقادتهُ الى الخِزيِّ والمقتِ سيئاتُهُ وصدقَ اللهُ العظيمُ إذ يقولُ :(يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ «6» فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ «7» وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ «8»( الزلزلة

ارشيف 2015

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى