جدتي الUnderage / كمال عفانه

جدتي الUnderage
قد يكن السبب اللذي جعل صورة جدتي رحمها الله ما تزال عالقةً في ذهني هي انني اكبر احفادها ووالدي رحمه الله هو باكورة انتاجها … وكثيراً ما كانت تروي على مسامعي ان جدي عندما تزوجها لم تكن تعرف الفرق بين الجنسين وانه ولمدة عامين لم يقربها كأنثى وكان يعاملها بإختصار على انها (Underage) …وكان يُحممها ويُسرّح لها شعرها … الى ان كان ما كان بعد عامين من عقد القران …وبالرغم من انها
( قد الكمشه) الا انها استطاعت بعناية الله ان تترك خلفها قبيلةُ من الابناء والاحفاد يفوق عددهم المئة روح …
ما زلت اتذكّر ظفائرها القصيره … وكان جُلُّ ادولت ماكياجها ..الحناء والكحل
حيث انها كانت تستعمل لصبغ شعرها وكفتي الاقدام واليدين الحنّاء .. والكحل العربي لعينيها اللذي كانت تقوم على تصنيعه من سنا زيت الزيتون المحروق …
عايشتها في شبابها المتأخر وكهولتها …
عايشتها وهي تكاد تشق مذياعها القديم لتدخل وسطه و اللذي كان يرافقها لتستخلص منه الاخبار بعد ان تكن بطارياته قد ضعُفت حيث ان خدمة التيار الكهربائي لم تكن تغطي كافة المناطق …
كانت مدمنه على اذاعة الBBC وتحب التعليقات السياسيه اللتي تتبع نشرة الاخبار
كان لها تعابيرها السياسيه الخاصه …
فكانت تقول عن الروس ..السوفيت ..
وعن اليهود و الاميركان… (البُعدا)
حيث كانت تقول الله لا يوجّه (للبُعدا) خير ..
كانت تحرص على تجفيف البندوره والملوخيه للشتاء .. تجرش الفريكه وتطحن قمحها على الرحى وتعجنه وتخبزه … كانت تفعل الكثير الكثير كانت تفعل ما لا تعرف مصطلحاته معظم نساء هذه الايام… اللتي اصبحنا نراهُنَّ وقد تدلى من اذنين معظمهن خيطين رفيعين ابيضين او اسودين … يضع كل واحدة منهن في عزلةٍ دنيويه … عالمها ينحصر فيما تبثّه سمّاعتي هاتفها… المحمول لا تعرف اكثر مما تعرفه خادمتها عن شؤون بيتها … لم تعرف عرق الحصيده ولا لذة الطابون وخبزه … لم ولن تعرف مصطلح وشكل الرحى …
ليس لها هم في ان تملأ بيت المونه بما تحتاجه العائله في الشتاء لانها بإختصار لا تعرف معنى كلمة بيت المونه … لا تعرف شيئاً عن الBBC ولا عن مهمتها في الإعلام … هي تعرف عن اغاني البوب والسلوموشن …وما شابه … هي لا تعرف معنى كلمة (دخشى) وهو الغد الاسود اللذي كانت تخشاه جدتي …الخوف مما تُخبئه الايام والخوف من فراغ بيت المونه … الموت كان لجدتي بالمرصاد فاصطحبها وببت مونتها الى رحمته تعالى
حكوماتنا المتعاقبه كانت ايضاً لبيت مونتنا بالمرصاد فانتعدمت عافيته واصبحنا نبحث عن كفاف الساعه فقط …
راحت المونه وانهدم بيتها
اصبح المواطن يحمد الله كثيراً إن انقضى يومه بكفافه… فهي نعمة لا توازيها نعمه واما (دخشي) الاسود وارقام ميزايته داكنة الاحمر … فنتركه لله يدبر فيه امراً كان مقضيا …. ولنعش حياتنا مع الطبقه الفاضله اللتي تصحوا بين صلاتي الظهر والعصر تصرخ على الخادمه
…. شانتي … وير از ماي كافيه …؟
لتتأوه قائلةً آخ خ خ … يا ربي .. مش آدره ..
سُداع فزيع فزيع….(صداع فظيع)
لتصرخ ثانية باستعجال (الكافيه) من الخادمه …. رحمك الله با جدتي تفّاحه…
لم اكن اتخيل يوماً ان يكن اسمك … نانسي او ايڤيلين … ولا استطع تخيلك كطبيب حربٍ تدلّت من اذنيه سماعتي التنصت على نبضات الآخرين … اتخيلك كما كنتِ … بظفيرتيك المخضّبتين بالحنّاء
تجلسين تُحللين مجرى الحروب
( الموويه) الروسيه الامريكيه البارده والسخنه منها .. جدتي بذهابك ذهبت البركه من النساء و انعدمت المونه و انهدم بيتها … رحمك الله انت وأجيالك الماسيه …
ــــ>>> كمال عفانه ــ>5/2016
Kamalafaneh@yahoo.com
13330492_641667342656771_196938722_n

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى