أُولِي الأسباب..

مقال الاثنين 25-4-2016
النص الأصلي
أُولِي الأسباب..
في السياسة ، لا تعتبر كل بدعة ضلالة ، على العكس قد تكون هناك بعض البدع السياسية هدى وسمواً ورقيّاً ان تم تطبيقها على وجه صحيح..ولا بأس ان يتعلّم أهل السياسة من أهل الفن او أهل الرياضة بعض “البرتوكولات” وحتى الطقوس في تعاملهم مع الجمهور والمتابعين…

جرت العادة في الدوريات “المسعدة” والبطولات “اللي عليها العين” ؛ كمباريات الدوري الإسباني ،الأندية الأوروبية ، كأس أمم أوروبا ،وحتى كأس العالم ، بعد ان يطلق الحكم صافرة النهاية ويحتفل الفريق الفائز بفوزه ، ويلملم الفريق الخاسر جراحاته، يتوّجه كلا الفريقين الى غرفة تبديل الملابس بعد احتفال قصير ،بينما يذهب كل مدرّب إلى صالة منفصلة ومجهّزة بالكاميرات والميكروفونات ويعمرها عشرات الصحفيين ليعقد مؤتمره الصحفي الذي يبين فيه أسباب فوزه ، أو يعزي فيه أسباب خسارته، ويتكلم عن نقاط ضعفه ورأيه بالتحكيم وكل ما يتعلق بظروف ومجريات المباراة…هذا المؤتمر الصحفي الذي عادة لا تزيد مدته عن نصف ساعة يقطع كل اجتهادات المجتهدين و يختصر تحليلات الهواة ويبين ما حدث بإخلاص وأمانة دون تأويل أو تهويل..
ولأننا مجتمع يحب “الآكشن” ، ودائماً ما يبحث عن “الغموض” بدءاً من “البحث عن الذهب” و” الرصد على المغاير “..و”قصص الجن والسّاكونة “…فما أن يَخرج المسؤول الأرني – بفتح الياء – من منصبه أو يُخرج –بضم الياء- الا وتتصاعد ألسنة التكهّن والتحليل والمصادر المقربة ، وما أن يجري تعديل وزاري أو تتم “إقالة” مسؤول من مكانه “ع السكّيت” ..حتى تتكاثر الأسئلة حول الخروج وملابسات “الإقالة”،وتبدأ خيوط القصص تحاك بصنارة الخيال لتفصّل حكاية تبدو حقيقية تماماً، الروايات قد تتضخم وتصبح خرافية للغاية ،وقد تصبح حقيقية بالتقادم بفضل اصرار الحكومة على تسطيح وتتفيه أسباب “إقالة” المسئول من جانب…واعتكاف المسؤول “المُقال” والتزامه الصمت ورفضه الحديث من جانب آخر طمعاً في منصب قادم ،وكأن خروج المسؤول من موقع المسؤولية ” خادش للحياء العام” او “فيها عيب ونقيصه لا سمح الله”…طيب لماذا لا يخرج الناطق الاعلامي ويصرح انه تم قبول استقالة فلان او خروج علان من الحكومة لأنه قام بكذا وكذا وقصر في جانب كذا لكنه نجح في جانب كذا؟؟..ولماذا لا يقوم المسؤول الخارج من “اللعبة السياسية” ان بعقد مؤتمراً صحفياً بنفسه يبين أسباب خروجه ،ومعيقات عمله وغياب التوافق مع الرئيس الخ؟؟…
في أوروبا فور خروج وزير من وزارة خدمية يكتب في كل صحف العالم بما فيها صحف بلاده استقالة وزير الصحة البريطاني،الفرنسي /الايطالي / بسبب تلقيه رشاوى ومبالغ مالية على سبيل المثال ، إقالة وزير الإسكان بسبب استغلاله وظيفته والتوسط في معاملة استقدام عاملة منزل..الخ.
المضحك في وضعنا المحلي أنه في ظل الصمت الرسمي وصمت المسؤول “المُقال”…الإشاعات التي تطلق على أسباب الخروج أخطر وأقسى وأهم من أسباب الخروج الحقيقية التي قد لا تعدو ان تكون اختلاف في وجهات نظر…
أرى أنه من محاسن الديمقراطية الحقيقية ، أن يتم مكاشفة الشعب بكل شيء ،ومصارحتهم بجل التفاصيل التي تشغل بالهم ، والقضايا التي تؤرقهم وإشراكهم في العمل السياسي كشركاء حقيقيين ..بدلاً من “تحزيرهم” و”حرقصتهم”..وإقصائهم…ولسان حالهم الحكومة يقول : “شغلة بيننا وبين الزلمة مالكوش دعوة”..
الجمهور هم من يدفع رواتب اللاعبين …ومن حقهم ان يعرفوا لماذا وكيف يخرج فلان ولماذا وكيف يدخل علان..

ولكم في الرياضة مثال يا “أُولي الأسباب”..

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. مقال رائع
    الفرق بيننا وبين الغرب أستاذ أحمد بأن المنصب في الغرب هو تكليف لا تشريف والمسؤول بالنهاية هو موظف وليس بأعلى قدرا من باقي المواطنين فتجده إن دخل لمحل أو مطعم أو استقل وسيلة نقل وحيدا لا يتراكض الناس حوله,و هو أيضا يحاسب إن أخطأ , أما في بلادنا العربية فالمسؤول عكس ذلك تماما فوظيفته تصبح تشريفا له فيها يعلو فوق باقي المواطنين و يترفع عنهم لتجده إن حل في مكان بينهم يتراكضون حوله متمنين منه بسمة أو كلمة متمنين أن يبقى ذاكرا لهم فهو الأن فوق الجميع , وهم للأسف لا يعلمون بأنه وظف هنا لخدمتهم فقط لا غير, وكونه قد بات أعلى منهم قدرا فهو بات لا يخطىء وإن أخطأ لا يحاسب.
    برأيي المشكلة ليست بالمسؤول بقدر ما هي في العقل العربي وتعاطيه مع ذاك المسؤول وعدم معرفة المواطن لما له وما عليه.

  2. العلّة الموجودة عندنا ان المسؤول ما دام على الكرسي فهو معصوم عن الخطأ والمساءلة والمحاسبة والسهو والنسيان ، حتى اذا ما قام عن الكرسي يتم شطب كل السجل وعفى الشعب عما سلف .. واقلب الصفحة ولنبدأ مع مسؤول جديد . لا يُسأل .
    ترى ممكن المسؤول يكون مظلوم كمان لا تفكروش . لانه بالأصل لا يدري عن الطبخة ومكوناتها … فبالتالي لا تتم محاسبته
    المدرب يتواجد دوما في الملعب لذلك يعرف مكامن الخطأ … مسؤولنا دائما في غرفة الغيار ينتظر الى ان يؤذن له بالتغيير

  3. ليش لازم يخبروك باسباب اقاله فلان وتعيين علان..؟؟!! انت حضرتك شو بتكون في حساباتهم…وشو هو وزنك اصلا”….!! يا رجل كان حسني مبارك محمل الشعب المصري جميله انه بحكمهم…مربط الفرس انه انت لست اكثر من عنصر من عناصر الانتاج في مشروع يمتلكوه وما يقومون به ليس الا انهم يبيعوك لبعضهم البعض.

  4. اذا أخطأ لاعب فالخطأ عادة يكون منه شخصياً أما اذا أخطأ جميع اللعيبة فالخطأ بالطبع يكون من المدرب وطريقته في التدريب . وأجمل ما في المباراة بأن اللعب فيها دائماً على المكشوف وأمام الجمهور مباشرة وليس خلف الكواليس .

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى