النهضة الاقتصادية في الصين الشعبية / موسى العدوان

النهضة الاقتصادية في الصين الشعبية

عند الحديث عن الصين الشعبية، لابد من التذكير بنهضتها الاقتصادية والتنموية، إذ كانت هذه الدولة تعاني من الفقر والتخلف قبل عام 1977، ولكنها نهضت من فقرها وتخلفها على يد رئيسها ” دنج هسيا ونج ” الأب الروحي للنهضة الحديثة في الصين، والذي اعتمد على البروفيسور العراقي المدرّس بجامعة أكسفورد البريطانية ” إلياس كوريكيس “، في صناعة إستراتيجيتها الاقتصادية.

ارتكزت تلك الإستراتيجية على أربعة محاور أساسية هي :
• العمل من أجل حكومة نظيفة وأمينة ونزيهة.
• تضييق الفجوة الاقتصادية بين شرق وغرب الصين بتبادل الخبرات المتوفرة.
• العمل على تقليل التضخم بالعملة المالية.
• القيام بتدريب الوزراء على الإدارة والقيادة وتعلم اللغة الإنجليزية، ونقل هذه التجربة إلى موظفيهم.

بعد ثلاث سنوات من بداية عمله ووضعه خطة إستراتيجية لكل وزارة، أخذت تجربته الإصلاحية لاقتصاد الصين تظهر للعيان. وبعد خمس سنوات استطاعت الصين بلورة مفهوم اقتصاد السوق الاشتراكي، وإحداث التوازن بين دور الدولة في التدخل بالاقتصاد والعولمة وربطه بالاقتصاد العالمي. ثم قام بالقضاء على الفساد والرشوة والسرقة، التي كانت متفشية في دوائر الدولة، وأصبحت الصين اليوم صاحبة أقوى اقتصاد في العالم بعد أمريكا.

مقالات ذات صلة

ومن أهم المشاريع التي ستنفذها الصين ” مشروع طريق الحرير الجديد “. والذي يهدف إلى إحياء وتطوير طريق الحرير التاريخي، ويشمل تشييد شبكات من الطرق وسكك الحديد وأنابيب النفط والغاز وخطوط الطاقة الكهربائية والانترنت. ومن خلاله سيتم تحقيق الرؤية الإستراتيجية للصين الشعبية التي أعلنها الرئيس الصيني ( شي جين بينغ ) عام 2013 إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي والسياحي، وغيرها من التطلعات الطموحة للأمة الصينية مع العالم، لتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة في الصين.

يتكون طريق الحرير البري من ثلاثة خطوط رئيسية هي :
1. الخط الأول : يربط بين شرق الصين عبر أسيا الوسطى وروسيا الاتحادية إلى أوروبا.
2. الخط الثاني : يبدأ من الصين مرورا بوسط وغرب آسيا ومنطقة الخليج، وصولا إلى البحر الأبيض المتوسط.
3. الخط الثالث : يمتد من الصين مرورا بجنوب شرق آسيا وآسيا الجنوبية فالمحيط الهندي.

وبالإضافة لذلك فهناك العديد من الممرات البرية في إطار المشروع، منها ممر الصين وشبه القارة الهندية، وممر الصين وباكستان، وممر يربط إقليم يونان جنوب غربي الصين مع مينمار وبنغلادش مع شمال شرق الهند.

أما طريق الحرير البحري فيتكون من خطين رئيسيين هما :
1. الخط الأول : يبدأ من الساحل الصيني مرورا بمضيق ملقة إلى الهند والشرق الأوسط وشرق أفريقيا، وصولا إلى سواحل أوروبا.
2. الخط الثاني : يربط الموانئ الساحلية الصينية بجنوب المحيط الهادئ.

ماذا بعد هذه الخطط الصينية الطموحة، التي ستفتح الأبواب على مصراعيها أمام الصين في مختلف دول العالم، وستكتسح كافة الخطط الاقتصادية الأمريكية والأوروبية. ويتوقع أنه بحلول عام 2030 سيكون الاقتصاد الصيني أكبر اقتصاد في العالم. وهذا قد يكون ردا على الولايات المتحدة التي تفرض اليوم قيودا على استيراد البضائع الصينية، التي غزت الأسواق الأمريكية بحجة الحفاظ على صناعاتها الوطنية.

ما حدث في الصين الشعبية من نهضة اقتصادية، كان بفضل الخطة الاقتصادية التي وضع لبناتها البروفيسور العراقي إلياس كوريكس، الذي استقدمته الصين من جامعة أكسفورد بعد طلبات متعددة، لكي يبني اقتصادا عظيما في الصين ويرسم لها مستقبلها الزاهر. لم تخجل الصين من استدعاء هذا المفكر الاقتصادي، ولم تدّعِ أن عندها علماء وخبراء يمكن أن يقوموا بهذا العمل، كما هو حالنا في الاعتماد على جهابذة الأردن الاقتصاديين.

وهذا هو الطبيب المصري ( مجدي يعقوب ) فله قصة يجب أن تُروى : فهذا الطبيب والمولود علم 1935 في مدينة بلبيس في محافظة الشرقية ويعمل في بريطانيا، هو أعظم جراح قلب في تاريخ البشرية. أرادت بريطانيا منحه لقب ( سير )، ولكن القانون البريطاني يفرض أن يكون حامله بريطاني الجنسية. فعرضوا عليه التخلي عن جنسيته المصرية وإعطائه الجنسية البريطانية فقال لهم : ( لو عرضتم عليّ عرش المملكة مش حتنازل عن مصريتي ).

وأخيرا اضطرت بريطانيا إلى تغيير القانون الذي كان عمره 300 عام وإلغاء شرط الجنسية البريطانية ومنحه لقب ( سير ). وأصبح الدكتور مجدي يعقوب أول شخص يحصل على هذا اللقب من غير البريطانيين. ومن الجدير بالذكر أن هذا الطبيب قد أجرى ما يزيد على 20 ألف عملية قلب في بريطانيا، واعتاد على زيارة مصر بين آن وآخر وإجراء بعض عمليات القلب في مستشفياتها.

في عام 2011 منح الدكتور مجدي من قبل الرئيس المصري السابق حسني مبارك وسام ( قلادة النيل العظمى )، كما منح من قبل ملكة بريطانيا عام 2014 وسام ( الاستحقاق البريطاني ). وما زال الدكتور مجدي يعيش اليوم في بريطانيا ويتمتع بصحة جيدة، إذ يعمل مستشارا في جراحة القلب. أمد الله في عمره وعمر كل المخلصين لأوطانهم.

ختاما . . أتساءل : لماذا تحارب الدول العربية أبناءها من العلماء والمفكرين، بينما تستقطبهم الدول الأجنبية وتقدم لهم كل الامتيازات والإمكانات، لكي تستفيد من علومهم وخبراتهم وتنهض باقتصادها، وتطور مجتمعاتها المحلية، بعكس ما تفعله دولنا العربية، التي تستثمر في الفساد والتخلف ؟ الجواب قد نجده عند أصحاب القرار . . !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى