الزحف لاحتلال تلة الرادار والزحف لاختراق الحدود . . !

الزحف لاحتلال #تلة_الرادار والزحف لاختراق الحدود . . !

#موسى_العدوان

من المعارك الهامة التي خاضها الجيش الأردني، على أرض فلسطين المقدّسة في حرب عام 1948، معركة ” تل الرادار “. كانت تلة الرادار تعتبر مفتاحا للدفاع في مرتفعات القدس. وكانت قوة يهودية بحجم سرية من لواء هارل اليهودي تحتل هذا التل. وكان تواجدها به يشكل خطرا دائما على رام الله، وعلى الطريق بينها وبين القدس.

هذا الأمر فرض على الجيش الأردني التفكير باحتلاله، لتفادي خطره في هذه المنطقة. كان الموقع محصنا بالأسلاك الشائكة، كما زُرعت الأرض على امتداد الطريق الضيق، المؤدي إلى المرتفع شديد الانحدار، بالألغام المضادة للأفراد والآليات. ثم قام العدو بإغلاقه بحواجز من الأسمنت المسلّح وحفر الألغام.

مقالات ذات صلة

في تلك الأثناء قَدِمت الكتيبة الثانية من القدس وتمركزت في جبال يالو، لتكون سندا للكتيبة الرابعة في الدفاع عن تلك المنطقة. وبتاريخ 24 أيار 1948 أصدر قائد اللواء الأول المقدم البريطاني ( جولدي ) أوامره إلى قائد الكتيبة الثانية المقدم البريطاني ( سليد )، بالهجوم على تلة الرادار، على أن يتم ذلك في صباح يوم 26 أيار 1948.

وعند العصر اجتمع قائد الكتيبة بقادة السرايا وأبلغهم بصدور الأمر لاحتلال تلة الرادار. فتطوع الملازم سلامه عتيق قائد السرية الرابعة برجاء قائد الكتيبة، أن يهدي إليه هذا الواجب المقدّس، فلبّى قائد الكتيبة طلبه.

استعدت السرية الرابعة لتنفيذ هذا الواجب، وكانت الخطة تقتضي أن يسبقها قصف مدفعي تمهيدي من مدفعيّ 25 رطل، ومدافع هاون 3 بوصة لمدة 9 دقائق فقط لقلّة الذخيرة. كما اقتضت الخطة أن تبقى السرية الثانية في الاحتياط، لمساندة الهجوم عند الضرورة.

وعند الساعة 45 :03 يوم 26 أيار مهّدت المدفعية والها ونات للهجوم حسب التوقيت المحدد، وزحف جنود السرية نحو الهدف ببسالة فائقة، تحت تغطية كثيفة من الرشاشات والبنادق، إضافة لإسنادها من قبل 4 مدرعات.

وصل أول جندي إلى حاجز الأسلاك الشائكة وبدأ بقصها، وما لبث أن أصابته رصاصة معادية فسقط على الأرض. ولكن العريف عودة النهري استحكم بجانب جثته وراح يطلق نيرانا كثيفة من رشاشة على قوات العدو المقابلة، بينما تقدم آخرون لقص الأسلاك الشائكة، تحت نيران كثيفة ومقاومة شديدة من قبل العدو، ولكن الهجوم كان جريئا ويتقدم بثبات.

وبعد وقت قصير توقفت مؤقتا إحدى فصائل السرية، فتقدم قائد السرية الملازم سلامه عتيق ليستطلع الأمر، وحينها أصابته شظية قنبلة كسرت ساقه، ولكنه رفض أن يحمله الجنود ويعيدوه إلى الوراء لتلقي العلاج.

وفي الساعة 04:30 اندفع المقاتلون داخل موقع العدو يرافقهم قائد السرية الذي زحف على يديه ورجله السليمة، يجرّ ساقه المكسورة إلى أن وصل الموقع، واشتبك المهاجمون مع العدو بقتال شديد بالسلاح الأبيض، بينما فرّ بعضهم باتجاه المستعمرات القريبة، وتمكنت السرية من احتلال الموقع، فاطلق قائد السرية شارة النصر بنفسه.

وعندما حاول رفاقه إخلائه للمرة الثانية لتلقي العلاج، إلاّ أنه رفض ذلك إلاّ بعد أن يتم إخلاء الجرحى من أفراد سريته قبل إخلائه. كانت خسائر العدو في تلك المعركة 13 قتيلا، بينما خسرت السرية 5 شهداء وإصابة 16 فردا بجراح.

في الختام أقول : أن هذا هو الزحف المقدّس المطلوب، وليس زحف الفوضى لاختراق الحدود دون استعداد . . !

رحم الله المقاتل البطل سلامه عتيق، وكل شهداء الجيش الأردني في مختلف المواقع، على أرض فلسطين والأردن في جميع الأوقات.

المرجع : كتاب أيام لا تنسى / المؤرخ الأردني سليمان موسى.

التاريخ : 6 / 4 / 2024

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى