من دفاتر معلمة ( اعطني……أعطيك!! ) / خلود المومني

من دفاتر معلمة

( اعطني……أعطيك!! )
أحيانا…. نقف أمام بعض المشاعر عاجزين تماماً عن التعبير عنها حتى لو أتينا ملكات التعبير كلها والعجز الأكبر في تفسيرها.
في بداياتي وقد كنت أعمل في قرية تبعد عن مدينة العقبة حوالي 70 كم…كنت أدرس طالبات التوجيهي وفي منتصف حصة حدث أن أصبت بالم شديد نقلت بعدها إلى العقبة وتم إجراء عملية التهاب الزائدة…. أفقت من العملية مساء لأجد صديقة رائعة تقف إلى جواري تهتم بي وبشؤوني فقد كنت بعيدة عن أهلي ولا أحد منهم حولي….وبعد أن غادرت صديقتي لأن قوانين المستشفى لا تسمح لها بالبقاء…فوجئت بإحدى طالباتي تدخل غرفتي… حزينة…ملهوفة…قلقة….لن أخبركم ما الواسطة التي جعلتها تدخل ولكنها اجتهدت ودبرتها…وعرفت منها أن أباها أحضرها… سارت ليلاً مسافة 70 كم وأبوها مستجيب لرغبتها..وبذل جهداً كبيراً في إدخالها الي….و….وقفت الكلمات عاجزة في حنجرتي عن التعبير وتوقف تفكيري عن الاستيعاب….ماذا فعلت لأستحق كل هذا الإهتمام….ما طبيعة المشاعر التي تحملها طالبة لي لتجازف وتأتي فقط لتراني….وليلاً….أذهلني الموقف حتى كاد يبكيني….وبعد حوار سألت عن أي خدمة أريد….ليس هناك شيء أرد لها به هذا الشعور وهذا الإهتمام الا أن اقول لها: خذي مفتاح السكن..واحضري لي من غرفتي وخزانتي بعض الأغراض التي أحتاجها….خصوصياتي…..لن أنسى أبدا تلك الفرحة التي قرأتها في عينيها…أنا؟؟؟ أنا يامس أدخل غرفتك؟؟؟ أجل فأنا لن اثق إلا بك…….. ومع ان صديقتي الرائعة كانت على استعداد للذهاب إلا أنني رأيت ان أسجل الفضل للطالبة في مساعدتي…وعادت صباح اليوم التالي باكرا تحمل ما طلبت وأكثر من خصوصياتي…وانتهت فترة إقامتي في المستشفى وعدت إلى أهلي بإجازة مرضية…وقد علمت أنه لا معلمة بديلة مكاني…قطعت الإجازة وعدت من أجل إنجاز مادة الامتحان الوزاري الذي اقترب موعده….كانت الطالبات في منتهى التعاون وأغلبهن لم يفارقنني حتى بعد ساعات الدوام الرسمي ويتسابقن في اي خدمة أطلبها ولا أطلبها…..سألتهن مرة : لماذا تعاملنني بكل هذا الإهتمام؟؟؟ هل تعاملن الجميع هكذا؟؟!!!.
أجابت هي : مس أنت تعامليننا على أننا بني آدمين…الأغلب يعاملنا على أننا متخلفون… وقفت طويلا أمام الرد…وتعلمت منهن كيف يجب أن أكون وما الصورة التي ينبغي أن أكون عليها في حياتي القادمة….أنا المتعلمه وهن المعلم هنا.
اعطهم حبا واهتماما…يعطونك كل شيء….معادلة ليست صعبه.
ملاحظة : كانت نسبة النجاح ذلك العام 100% على الأقل في اللغة العربية…أقسم بعضهن أنهن درسن ونجحن حتى لا يغضبنني.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى