الأردن إلى أين !؟

الأردن إلى أين!؟
م. عبد الكريم أبو زنيمة

بتاريخ 22/1/2020 صدر تقرير مؤشر الديمقراطية العالمي لعام 2019 عن مجلة الإيكونومست التي دأبت على إصدار هذا المؤشر منذ عام 2006 لمجموعة من الدول وعددها 167 دولة، هذا المؤشر يعتمد 60 معيارًا مجمعة في خمسة فئات هي “العملية الانتخابية والتعددية، الأداء الحكومي، عمل الحكومة، المشاركة السياسية، الثقافة السياسية والديمقراطية، الحريات المدنية” وعليه يصنف المؤشر الدول في أربع فئات أو مستويات هي:
• الديمقراطية الكاملة
• ديمقراطية معيبة
• نظام هجين
• نظام استبدادي – ديكتاتوري
في هذا التقرير صُنف الأردن ضمن الأنظمة الديكتاتورية وجاء ترتيبنا 114 من 167 وجاءت تونس في الترتيب رقم 53 ضمن الأنظمة ذات الديمقراطية المعيبة بينما احتلت الدول الأسكندنافية المراتب الأولى ضمن الديمقراطيات المكتملة.
يحزّ في نفسي وفي نفس كل الأردنيين أن يكون الأردن في مجموعة الغابون وموزمبيق ومينمار وغيرها بالوقت الذي كان يجب فيه أن ننافس على المراكز العشر الأولى عالميًا ضمن المجموعة الأولى، لا سيما وأن معظم الأسباب متوفرة ومهيئة لذلك وأهمها كفاءة الموارد البشرية الأردنية وتوفر الموارد الطبيعية والمناخ البيئي المثالي والموقع الجيوسياسي والوحدة الوطنية المبنية على التآخي والمحبة والاحترام بين كافة أطياف المجتمع الأردني وإجماعهم على نظام الحكم الملكي الوراثي، لكن ما ينقصنا هو الإرادة السياسية التي تتطلب بالدرجة الاولى التحرر من سياسة المحاور والتبعية وثانيًا القضاء على مؤسسة الفساد بكافة أشكالها وانتماءاتها وولاءاتها.
أتفق بحكم المعايير ومؤشرات الأداء أن ترتيب الأردن هو في المرتبة الـ 114، لكنّي لا أتفق على أن نُصنف كدولة دكتاتورية! فالأردن ليست دولة دموية وليست دولة إخفاء قسري وليست دولة حكم عسكري، إلا أن هناك ممارسات عرفية وتغول للسلطة التنفيذية على بقية السلطات لكنها لا ترتقي للاستبداد، لدينا الكثير من مظاهر الحريات والديمقراطية لكنها غير إيجابية وغير ذات فعالية وتأثير، فمثلاً لدينا أحزاب سياسية مدجنة وأمناء عامين مدى الحياة! أي بالتأكيد لسنا دولة ديمقراطية وقد نكون أقرب ما يكون للأنظمة الهجينة، وللأسف فهذا ليس طموحنا ونحن نستحق الأفضل، أي دولة مدنية ديمقراطية ننافس بها أرقى الدول!
بما أن أول ما يشير إليه فئة المؤشر هي العملية الانتخابية التي نحن نعيشها، فهذا يدفعنا إلى فهم أعمق لجوهر مفهوم الديمقراطية وليس مظهرها، فالنائب بصفته ووظيفته التشريعية يجب أن يكون نائب وطن! لكن ما نشاهده ونعرفه أن غالبية المرشحين هم نواب عشائر ونواب تعيين ونواب صدف، ولائهم وانتمائهم حتمًا سيكون لمرجعياتهم ومصالحها بعد وصولهم لقبة البرلمان، وهؤلاء من السهل جداً انحيازهم وميولهم لهوى ورغبات الحكومة التي ستبادلهم المنافع، هذه الحكومات أثبتت في العقود الماضية أنها حكومات بأجندة خارجية، أما نزاهة العملية الانتخابية فهي مشوهة ابتداءً من سن القانون الانتخابي بنتائجة المبرمجة سلفًا مرورًا بالمال الأسود والتدخلات الأمنية بعدها وقربها من المرشحين والتأثير على الناخبين، وصولاً إلى غربلة قائمة الناجحين النهائية، هذه القائمة لهذة الدورة ستكون نسخة مكربنة عن سابقتها متلقية للإشارة يُتحكم بها عن بعد لن تنقذ وطنًا ولن تبني مستقبلاً، بل الخاسر الأكبر هو الوطن، وإن كنا اليوم في المرتبة 114 سنصبح غداً في المرتبة 134! أما البيئة الانتخابية فهي أكثر يأساً وميلاً للمقاطعة منها للمشاركة لأسباب عدّة أهمها أن درجة الثقة بأداء المجلس التشريعي متدنية جدًا، وثانيًا هو الاستياء العام من نزاهة وشفافية الإجراءات الانتخابية.
أمام المخاطر الحقيقية الخارجية والداخلية نحن أحوج ما يكون لرص الصفوف لانقاذ الوطن، فالأوطان لا تبنى بالتمنيات والتسحيج والأهازيج والأغاني وتقارير إنجازات مزيفة بل بالتضحيات، الشعب الأردني بكافة مكوناته لن يتردد بتقديم الأسمى مهما غلا الثمن في سبيل الوطن، إن أيقن بأن هناك خارطة طريق وطنية واضحة الأهداف تقودنا إلى صعود سلم المجد والازدهار والتنافس العالمي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى