إفساد الرابطة الزوجية …..جريمة يُعاقب عليها القانون

إفساد الرابطة الزوجية …..جريمة يُعاقب عليها القانون
د. مجد القبالين

دكتوراه علم اجتماع / علم الجريمة
مع دخول التكنولوجيا لحياتنا اليومية بأدق تفاصيلها والعولمة التي انغمسنا بها وصاحبتها العولمة الاجتماعية ، والعولمة التكنولوجية اصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تُشكِل جُزءاً كبيراً من حياتنا اليومية ، ومع حدوث الكثير من حالات الطلاق العاطفي بين الازواج والذي يُمهد لحدوث هذا النوع من الطلاق (العاطفي او الصامت) الخلافات المُتراكمة بين الازواج والتي تُترك دون ايجاد حلول لها ويتم استخدام إبر البنج لها ، او يتم حلها على حساب كرامة احد الزوجين دون تقديم تنازُلات من قبل الطرفين ويتم تقديم التنازُلات من طرف واحد فقط وهذا سببه جهل احد الزوجين او كلاهما بطرق مواجهة المشاكل وعلاجها ، او انانيتهما او انانية احدهما ، وعدم استقلالية الزوجين من حيث اسلوب ادارتهما لحياتهما الزوجية والسماح بعناصر خارجية دخيلة للتدخل بأدق تفاصيل حياتهما والقرارات المصيرية المُتعلقة بحياتهما الزوجية ، إضافةً للصورة المسبقة الخطأ عن الزواج لدى الزوجين وجهل الطرفين باحتياجات كل منهما للآخر واقتصار هذا الفهم على الاحتياجات المادية كالأكل والشرب وغيرها من الاحتياجات المادية التي يخرج عن دائرتها فهم وادراك الاحتياجات المتعلقة بالجانب النفسي والاجتماعي والفكري ، وعدم وضوح نظرة الفرد لنفسه وللآخر ، وعزز كل ذلك سوء استخدام التكنولوجيا والذي يشكل احد اهم عوامله الفجوة الثقافية التي حصلت لدينا بين عناصر الثقافة المادية ( الهواتف النقالة والسيارات الحديثة وكل ما هو ملموس ومحسوس مُتعلق بالحداثة والتكنولوجيا) وغير المادية (الفكر والوعي ، والادراك ، والثقافة وكل ما هو متعلق بجوانب الحداثة غير ملموس مادياً وغير محسوس ) ، فلقد لبسنا قشرة الحضارة ولكن بقيت الروح جاهلية واصبحت لدينا طقوس الزواج اهم بكثير من فهم الطرف الاخر الذي سيتم الارتباط به من الاساس.
كل ذلك مهد الطرق وخلق بيئة خصبة مُعززة بالسماد الفاسد لإفساد الرابطة الزوجية بين الزوجين ويتم من خلال إما بالتحريض بطريقة مُباشرة ام بطريقة غير مُباشرة ويتم التحريض بشكل مباشر من خلال ان يطلب طرف دخيل بين الزوجين سواءً رجل ام امرأة بترك شريك حياته والهروب معه وعدم الاستمرار معه مُستغلاً بذلك حالة الطلاق العاطفي التي يعيشها الزوجين وحالة النفور بينهما واستذكار كل ما هو سلبي بينهما واتساع مساحة الطاقة السلبية بينهُما وتعزيز العلاقات الانسحابية بينهُما ، اما الطريقة غير المُباشرة فتتم من خلال قيام الطرف الدخيل بين الزوجين(رجل ام امرأة) بتعزيز عيوب شريك الحياة للآخر والتعظيم منها ومُضاعفة حجمها وفي الواقع هي قد تكون عيوب يُمكن التعامُل معها ويُمكِن تحجيمها والسيطرة عليها ولا تعرقل سير الحياة الزوجية لدرجة ان تنهيها ، وان يُشعِر الطرف الدخيل احد الزوجين بأن حياته جحيم ولا يستحق هذا المستوى من الحياة ، وخلق مسافة وفجوة كبيرة بين ما يتمناه احد الزوجين افتراضياً من اسلوب ونمط حياة مع شريكه وبين حياته الواقعية والفعلية ويتم دخول الطرف الثالث الدخيل بين الزوجين وافساد علاقتهما الزوجية عن طريق فتح المجال له من قبل احد الزوجين وفتح صندوق حياته المُغلق له وبهذه الحالة يتم فتح الصندوق للشخص الخطأ الذي لا يستطيع ان يُساعد في توجيه ونصح احد الزوجين بطرق التعامُل مع مشاكلهما ، وهذا السلوك غير السليم يعزز وجوده جهل الزوجين بمواجهة مشاكلهما وغياب ثقافة استشارة مُتخصص بالمشاكل الاسرية للمساعدة في مواجهة مشاكلهما ، واصبحت جريمة افساد الرابطة الزوجية ترتكب من خلال العالم الافتراضي (مواقع التواصل الاجتماعي كافة) فأصبحت تُشكل الرُكن المادي للجريمة ويتم ارتكاب الجريمة من خلالها.
وتُصنف جريمة افساد الرابطة الزوجية على انها جُنحة ، ويُعاقب عليها القانون بالحبس لمدة لا تقل عن ثلاثة اشهر ولا تزيد عن سنتين ، فالمُشرِع الاردني نص عليها عام 1960 في قانون العقوبات الاردني رقم 16 في الفقرة الثالثة من المادة رقم 304 ، هي جريمة تُهدد استقرار الاسرة من قبل فرد خارجها وتُساعد على تفككها وانهيارها وتتم من خلال توفر عُنصرين وهُما عنصر التحريض والذي يتمثل بأي فعل او عمل او قول مادي يقوم به الفاعل لتشجيع الزوجة على ترك منزلها مما يُلحق الضرر بالرابطة الزوجية وافسادها وانحلالها وعُنصر القصد ويتمثل بوجود النية والقصد الجُرمي لتدمير العلاقة الزوجية بين الزوجين بهدف إيقاع الاذى بالزوجين.
ونهاية قولي اختمه بضرورة استذكار قاعدة حتمية غير قابلة للتغيير ابداً …..
المشاكل تحدث مع الجميع حتى مع غير المتزوج وحالة الفتور العاطفي تحدث مع جميع البشر فأحيانا الانسان يشعر بحالة الفتور العاطفي حتى اتجاه نفسه واتجاه والديه واقرب الناس اليه ، ولكن المتزوجين بهذا الصدد ينقسمون لصنفين الاول : من يريد مواجهة مشاكله وحلها وايجاد نقاط التقاء بينه وبين شريك حياته وتقديم تنازُلات ، والصنف الثاني : من لا يريد الاستمرار مع شريك الحياة واستغلال اي مُشكلة تحدث لترك شريك الحياة ولا يُريد تقديم تنازُلات للاستمرار فهو بالأساس لا يُريد الاستمرار معه. فمهما حصلت مشاكل بيننا وبين اي شخص سوف نُعيد ترميم العلاقة معه عندما نتذكر كل ما هو جميل يربطنا به حتى لو كان بيننا وبينه اموراً بشعة ، وسوف نبتعد عن اي شخص مهما كانت بيننا وبينه اموراً جميلة لمُجرد التركيز على كل ما هو سلبي بيننا وبينه ، بالنهاية الأمر راجع لنا بالإجابة على سؤال جوهري ومُهِم ….هل نريد حقاً الاستمرار معه وبذل جهودنا للمضي معه ام نُريد بذل جهودنا واتباع كل الطُرق لتركه تحت مُسميات عديدة تدخل في اطار….
عدم التفاهم ، وعدم الاهتمام ، وسوء الاختيار !
فقالوا في الامثال الشعبية ……………..
الكلب لا يلُق لسانه إلا بالوعاء المفتوح

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى