أين وصلت قضية أراضي الفحيص ؟ / د. سليمان صويص

أين وصلت قضية أراضي الفحيص ؟

على النقيض مما يبدو ظاهرياً للبعض بأن الجمود والمراوحة لا يزالان يتحكمان بقضية أراضي الفحيص المقام عليها مصنع الإسمنت، فإن ما يجري على أرض الواقع كان ولا يزال ـ ونأمل أن لا يستمر لفترة طويلة ـ هو صراعٌ بين طرفين؛ أحدهما يملك قوة الحق والقانون والدستور والشرعية الشعبية؛ والآخر يملك وسائل الضغط المخالفة للقانون ويراهن على قدرته على القفز عن الإستحقاقات التي تفرضها عليه الأنظمة والقوانين.
بالرغم من الجهود التي بذلها عدد من النواب في الصيف الماضي؛ وبالرغم من تقديم بلدية الفحيص لرؤيتها حول الإستعمالات المستقبلية للأراضي المقام عليها المصنع الى السيد رئيس الوزراء في الخريف الماضي، فإن الطرف الآخر لا يزال متشبثاً برؤيته / «مشروعه» الذي قالت الفحيص فيه كلمتها منذ ما يقارب الثلاثة سنوات. يستند ذلك الطرف في تشبّثه هذا إلى دعم جهات متنفذة في الدولة، وعلى الضغوط التي يمارسها على جهات عديدة. وقد جاء مؤخراً نشر النص الكامل للرسالة التي بعث بها السيد عمرو رضا، المدير التنفيذي السابق لشركة لافارج إلى رئيس الوزراء السابق السيد هاني الملقي قبل بأسابيع من استقالته، عبر شاشة قناة «جوسات» في 9/1/2019؛ وقبلها جاءت المذكرة التي رفعها المئات من الموكلين في قضايا الضرر البيئي إلى رئيس محكمة التمييز/ رئيس المجلس القضائي بتاريخ 27/11/2018، واعتصام أهالي ماحص والفحيص أمام محكمة التمييز في 16/12/2018 لكي يكشف عن جانب خطير من الضغوط التي تمارسها شركة لافارج على مسؤولين من أجل تمرير «صفقة» من وراء ظهر أهالي الفحيص وحقوقهم التي تريد شركة لافارج ابتلاعها، تمهيداً لبيع أراضي الفحيص المقام عليها المصنع وقبض ثمنها، وهو الهدف النهائي للشركة مهما حاولت التمويه عليه. ونضيف إلى كل ما ذكر أعلاه بأن تجاهل المسؤولين حتى الآن للرؤية ولحزمة المشاريع التي قدمتها بلدية الفحيص الى الحكومة قبل أشهر يصبّ أيضاً في خانة الشكوك التي تراود عدداً كبيراً من أهالي الفحيص حول ما يحاك ضد مدينتهم ومستقبلها.
ومثلما تبيّن في ختام الحوارات التي جرت على شاشة قناة «جوسات» حول أراضي الفحيص خلال الأسابيع الماضية، فإن الكرة باتت منذ فترة في ملعبي السلطتين التنفيذية والتشريعية من أجل إنصاف الفحيص وحل مشكلة الاراضي وفقاً للدستور والقانون.
في هذه الأثناء، لم يتعوّد أهالي الفحيص ومؤسساتهم البقاء مكتوفي الأيدي؛ وهم بالتأكيد لم ولن يتخلوا عن حقوقهم، كحقهم في التعويض عن الضرر البيئي المزمن سواء الخاص أو العام، أو حقهم في تقرير مستقبل مدينتهم، وفقاً لمصالحهم ومصالح ابنائهم وأحفادهم، وبما ينسجم مع خصوصية هذه المدينة الرائدة التي أثبتت على الدوام بأنها قيمة وطنية لا يجوز التفريط بها ـ وخصوصاً ضرورة المحافظة عليها كجزءٍ يُغني التنوّع في أردننا العزيز.
بقي أن نهمس كلمة في آذان أولئك الذين لا يملّون من ترديد اسطوانة «ضياع الفرص»، فنقول : لو كان هناك ذرة من الصحة في تلك الإسطوانة لما شهدنا هذه الجهد المحموم للتطاول على الحقوق بصورة استفزازية فجّة ومحاولة اغتصابها تحت جنح الظلام، ومن خلال محاولة التخلص من الكفاءات النظيفة والشريفة. لم تضيّع الفحيص أية فرصة خلال السنوات القليلة الماضية…وإذا أردنا قول الحقيقة بدقة وأمانة فإن الفحيص ـ بفضل جهود ابنائها المخلصين وحنكتهم وحكمتهم ـ هي التي حمت نفسها ومستقبلها من الضياع خلال الفترة الماضية !
… وما مات حق وراؤه مُطالب !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى