أدهم السوري / م . احمد الكساسبة

أدهم السوري
في شقة صغيرة بائسة متهالكة يأكلها العفن والرطوبة وحيث القصارة العجيبة وعلامات القدم والحرمان الى الحد الاقصى..في احدى الحارات المشطوبة المعدمة في جنوب عمان …يقطن ادهم السوري،طفل يتيم في التاسعة من عمره لجأ الى الاردن هو وأخته الصغيرة ذات السبع سنوات بلا اهل على الاطلاق.أدهم الذي يقف امامك متأملا صامتا مبتسما ,لاتعرف فيما يسرح والى اين يذهب فكره ، اقسم بالله العظيم ان هذه الوقفة وتلك النظرات تترك آثارا ..تحدث زلزالا في قلب الرائي وخاصة عندما يستمع الرائي إلى قصة أدهم واخته!! . أدهم سيحاسب السفاحين الذين قتلوا امه واباه امام عينيه وعيني اخته ..والله ليمثلنّ ادهم واخته امام رب أدهم ورب كل شيء ليحاسب القتلة الفجار ..فيما قتلتم امي وابي امامي وامام اختي ؟ فيما سفكتم دماء المسلمين ؟ وهل هناك ماهو اكثر فجاعة من ذبح ام واب على مرأى طفليهما ذوا القلبين الصغيرين ؟يا الله كم انتما جباران ايها الصغيران !!!
وبعد مجزرة الذبح يركض الجار وزوجته وهما كبيران في السن ، فيلتقطان الطفلين على الفور قبل ان يقتلا، ويحصل النصيب بأن يهرب الزوجان المسنان بأرواحهما الى الاردن ومعهما الطفلان اللطيمان اللذان تشققت قلوبهما قبل ان يشاهدا شيئا في الحياة!! وحطت الاقدار بالعجوزين في خشة معفنة ومعهما ادهم واخته ..يسميها مالكوها شقة ..وماهي بشقة ..لاتصلح لتربية الحيوانات..ويدفعان اجرتها 150 دينار ..ويصر اصحاب الشقة على رفع الاجرة الى مائتي دينار أو المغادرة ! ويفكران الآن بمأوى آخر.
واضافة الى سوء البيت وماهو ببيت..تدخل غرفة الجلوس فلا تجد شيئا ..سوى مالايذكر..سجادتهم بطانية مهترئة..وفراشهم عبارة عن فرشتين سماكة 2سم…وبكسة عليها تلفزيون بحجم يزيد قليلا على حجم الكتاب..ويصوم العجوزان يومي الاثنين والخميس ويصوم ادهم معهم…والصدمة الكبرى ان تذهب لهم وقت افطارهم (وبالصدفة..دون ترتيب او موعد )، فتجد لقيمات !! يعلمها الله !!! أفضلها ضمة جرجير ..والتي دبرتها العجوز.. مخبرة بأنها حاولت الحصول عليها لأن أدهم (مشتهيها )، والرجل العجوز يلاقيك بابتسامات حزينة ..لايشكو الفقر…بل يتألم من رطوبة المأوى السيء…متنهدا…دبحتني الرطوبة يا ابني …ودبحت الكل !!
أدهم وأمثاله سيحاسبوا الجميع ..بل رب أدهم هو الجبار المنتقم..ومهما زاد المكر والقتل والتشريد والمؤامرات …يبقى وجه الله..فهو المولى وهو نعم الوكيل… ايها الاخوة والاخوات …لاتنسوا أدهم وامثاله..عسى الله ان يبارك لكم في انفسكم واهليكم وفي كل ماوهبكم…ابحثوا عنهم بين اقاربكم وجيرانكم وقراكم ومدنكم من الاردنيين وغير الاردنيين ..ومهما شكا احدكم الفقر ..فهناك من هو اشد واشد فقرا لدرجة العدم ..فالصدقة تطفىء غضب الرب..وتطفيء الخطيئة كما تطفىء الماء النار…وداووا مرضاكم بالصدقة . ومانقص مال من صدقة..والكثير الكثير…عند رب كريم وعادل ……..
آسف لأعود وأقول بأن أدهم وأخته يعيشان ثلاث مصائب (يتيما الابوين ، الفقر الشديد ، ومشهد قتل الابوين الذي لم ولا ولن ينسى )…. يا الله سترك ورحمتك وعفوك ولطفك ورضاك…!!

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى