أخرجوا من بيوتكم! أنتم طُلقاء

أُخرجوا من بيوتكم! أنتم طُلقاء
الدكتور ذوقان عبيدات

انتهى الدرس الحكومي! تعلمنا منه أن الحكومة أستاذة، لها حق الطّاعة، نجلس حين تأمرنا بالجلوس، ونحترم المنزل حين تُطالبنا بالاحترام، وتُعلمنا أنواع الأرقام: الزوجية والفردية، تعلمنا الوعي الصحي بمفرداته: غسل اليدين ولبس الكمامات، وزرعت فينا قيمًا اجتماعية مثل التباعُد الاجتماعي، وأن لا نقترب من أحد لا عطسًا ولا تقبيلًا.

ولعل الدرس الأكثر بلاغة أننا تعلمنا أن ندعو للإنسانية جمعاء، وليس لأبناء دين مُعيّن! وهذا الدعاء لو احتفظنا به بعد الأزمة، لكان لها فضل كبير علينا!! اللهم احمِ الإنسانية جمعاء!! ما أجمل هذا الدعاء!

وكأي مدرسة وأي درس، فلا قيمة له دون استمرار، فالتعلم الحقيقي هو ما يبقى مع المُتعلم بعد أن ينسّى ما تعلمه من معلومات، ولذلك نأمل أن تبقى معنا الاتجاهات الصحية السليمة، والقيم الاجتماعية والإنسانية النبيلة، وأن لا نعود عّما تعلمناه، هذا بالطبع سيعتمد على المواطن أولًا وعلى مهارة ” الحكومة المُعّلم “.

هذا ما تعلمناه من الحكومة خلال الأزمة، طبعًا تعلمنا دروسًا غيرها في أهمية العمل عن بُعد والتعليم عن بُعد، فالمكان ليس بذي قيمة للعمل.

لقد قادتنا الأزمة إلى احترام الحكومة وانتظارها لا شوقًا وحُبًا، بل أمل في الحصول على حبل نجاة وخيط أمل! ونور في نهاية النفق!!

لعّل كل ما ذكرت في مقالتي معروف للمواطن، ولكن ما أهدف إليه هو التحدُت عن مُعطيات الأزمة:

1- قَبِلناْ ما هو أقل من الجودة الشاملة من التعليم والعمل وغيره، قَبِلناْ نشاطًا اقتصاديًا مُحددًا ونشاطًا اجتماعيًا قليلًا، وقَبِلناْ انعدام نشاطات رياضية وفنية وغيرها، وقُلت مرارًا: التعليم عن بُعد كان حلًا لأزمة، ولكنّنا تعلمنا منه تطوير أو على الأقل الاهتمام بتطوير أدوات جديدة للتعليم.

2- قَبِلناْ ما هو أقل من الحرُية، وخاصة حُرية الحركة وحتى حُرية التعبير، ولا أعتقد أن كثيرين ظُلِموا بسبب رغبتهم في الحصول على الحد الأعلى من الحُرية.

3- وقَبِلناْ حسم بعض الرواتب وبعض العلاوات، ولم يعترض أحد على حسم علاوته ووقف مكافأته المالية، مع أننا تمنينا حدوث إجراءات أكثر حسمًا لتطال ذوي الرواتب غير المنطقية ارتفاعًا!!

4- وأخيرًا، قَبِلناْ نجومًا على المستوى الإعلامي، وقَبِلناْ تأليف أغانٍ بمسؤولين، والإشادة بجمالهم وطلاقة لسانهم، وحتى هفواتهم، فالنجوم خلال الأزمة هم بعض المسؤولين.

هذا كله مقبول! ومع أن الوقت ليس للنقد، لكني أتحدت باختصار عمّا هو غير مقبول:

– ليس مقبولًا أن تقود شعبية مسؤول للاستبداد برأي، والاستعلاء على أصحاب رأي مختلف من المشهود لهم بالكفاءة والحكمة.

– وليس مقبولًا أن يطفو مسؤول على سطح الحدث، وأن يغرق مسؤول آخر في عُمق الحدث، أقصد ما قامت به وزارة التربية من جُهد مُلفِت، وأنقذت بحدود المُتاح موسمًا دراسيًا كاد أن يضيع: بداية ونهاية.

وزارة التربية ووزير التربية قّاد التعليم عبر موجات مُتلاطمة وظروف صعبة، وأسست الوزارة لتعليم جديد هو التعلّم والتعليم عن بُعد، نأمل أن تستّمر جهودها دون توقف، هذا شأن التربية دائمًا: تعمل بصمت!!

والآن! وبعد خروجنا من المنازل، أهنيء صاحب ذلك الرأي الذي سبق فيه الجميع، حين قال: لا داعي لكل اجراءات الحّجر قبل استفاقة الحكومة!

ألّا يستحق صاحب ذلك الرأي اعتذاراً ممّن هاجموه؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى