لا شيء يُسكر كالحرية / جروان المعاني

لا شيء يُسكر كالحرية

للتو فرغت من قراءة رواية(الخمر ما عادت تسكر احداً) للمصري محمد الجيزاوي وهي رواية تناولت الواقع الاجتماعي لمصر على مدى يصل لمئة عام حيث تفاصيل الحكمة تختفي، وحالة السُكر تطال كل جوانب الحياة وان الخمر اكثر ما أثر على أولائك المُطالبِين بالحرية والعدالة اما البقية الباقية من الناس كأنه لا شأن لهم في الحياة فاسكرتهم الاحداث وغرقهم في الضعف والعوز.
منذ العام 1989م حتى اليوم كانت مجالس النواب تتشكل باسماء اقرتها الحكومات حيث الشفافية والنزاهة لا يصيبها السُكر، وحيث النواب العادي منهم صار ممتلكا للنفوذ فإما طاله الثراء المادي واما صار وزيرا وزاد ثراءه، حيث ان كل مرشح قد دفع اموالا طائلة لينجح وما ان يفوز حتى يبدأ بالتفكير بكيفية تعويض ما خسره من مال فتقدم له التسهيلات البنكية والرواتب المجزية عدا عن رحلات الاستجمام والغرق بالملذات في ملاهي بيروت وشرم الشيخ وغيرها وقد وثقت الصحف كثيرا من هذه الاحوال، ربما في ذلك بعض التجني لذا اقول الا من رحم ربي واكتفى بدعم حزبه ومن والاه .

الاسماء هي الاسماء ومن مات اباه أو اخاه تصدى للعشيرة بانه الاولى فابن النائب نائب واذا كان ابنه عازفا عن خوض الانتخابات دخل اخاه.
القوانين هي القوانين رسمت لخدمة فئات محددة من المرشحين المضمون سكوتهم على المصائب والخراب والفساد او غير القادرين على رفع اصواتهم داخل القبة خوفا وهلعا وقليلا ما يكون صمتهم قناعةً .
الناخب هو الناخب متعصب لزيد او عبيد اما لانه من عشيرته واما لانه قبض ثمن صوته او لانه ساعده بامر ما ودوما الاقربون اولى بعيدا عن المعروف او المفاهيم الفضفاضة القائلة بانا نحتاج نواب وطن ..!!
واقع مزري مُكلف، ملهاة ملها العقلاء الذين طالهم اثر الخمرة فصاروا حكماء، حتى النساء في المجالس النيابية المتتالية ينطبق عليهن ما قاله الراوي في رواية الخمر ما عادت تسكر احد فكل نساء الكون مهما بلغت قسوة احداهن لا يمكن ان تقسو على رجل يعترف بهزيمته امامها، ودوما حكوماتنا تلتزم الصمت امام النساء مهما بلغت قسوة كلامهن وانتقاداتهن .
ايها القراء والقارءات، سواء قاطعت الانتخابات او دخلت في تفاصيلها، سواء صرخت بضرورة التغير او ركنت للمعتاد، فانت مأكول مذموم، من جيبك ستدفع نفقات الحملات الانتخابية ومصاريف المراقبين وما ستتكلفه البلديات عقب الانتخابات من ازالة للافتات .
عزيزي الناخب حبا في الله لا تدخل بعراكات ومشاحنات من اجل احد، فانا ذات يوم جمعت 60 انسان مع عين من الاعيان تنازل عن منصبه الرفيع كعين ليصبح نائبا بعد ان اقنعني انه يريد خدمة مدينتي معان والاردن وقضية القدس، ولكن تبين لي انه كان موعودا بوزارة، فصار وزيرا واقسم بانه ما وعدني بشيء، فلا تكن مثلي وتصيبك الخمرة بالحكمة فتعود ملوما محسورا، كل المجالس لم تمثلنا فلا حرية هنا الا حرية توزيع المال وشراء الذمم، وحكومتنا العتيدة سترفع يدها عن نزيهة بكل شفافية وتقول لنا نحن بلد حر ديمقراطي والدليل ان للجميع حق الشرب ولكن اياكم ان تسكروا وتظهر الحكمة في تصرفاتكم، فخمرتنا يجب ان لا تُسكر احد، ولا شيء يُسكر كالحرية وهي ما خلقت لنا .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى