
دعوشة الصمت الأردني
لما كانت لغتنا العربية بحر في أحشائه الدر فقد تجاوب هذا البحر وهضم كثير من الكلمات والمصطلحات بكل سلاسة، وعُربت كثير من الكلمات الفارسية والتركية والهندية وصارت عربية الأصل، وفي البحث عن كلمة (داعش) وجدت أنها كلمة يمكن الاشتقاق منها مثل متدعوش ويتدعوش وتداعشَ كفعل ماضي.
ولما كانت داعش إلى انتهاء في سوريا والعراق أراد صانعوها أن ينهوا علاقتهم بنشأتها فصدروا أقلاما صحفية وساسة لتبرئ أمريكا وإسرائيل وتركيا وتتهم إيران بتأسيسها، وكما العادة ربما نعود للاقتتال حول من أنشأها وننسى فعلها وهانحن اليوم إذ نتجهز لاحتفالات كبرى بالتحرير والقضاء على الإرهاب الداعشي نلتقط إشارات تُعظم إنسانية الأمريكان وأعوانها لإنقاذ الروهينجا متناسين أبناء جلدتنا في اليمن وفلسطين .
من القواعد الكبرى لتبرير القتل عند الدواعش اعتبارهم أن الجاهل بأمور الدين مرتد، وتشير الأخبار أن مجلس الشورى الداعشي أو ما يسمى (القراديش) يعيش حالة فوضى في سوريا والعراق نتيجة لاختفاء كبار أعضائه حيث يُعتقد أنهم تجاوزوا الحدود باتجاه تركيا والأردن، ومنهم من توجه لأفغانستان استعدادا لتخريب باكستان .
باختصار دواعش سوريا والعراق تُرسم ملامح انتهائهم وستبدأ مرحلة جديدة في أدبيات التاريخ العربي الإسلامي لتوثيق أفعالهم واثبات أن إيران هي من أوجدتهم، لتستمر حالة النقمة وتأصيل العداء لإيران الشيعية كعدو رقم واحد للعرب والسنة وستكون إسرائيل هي الأقرب لنا بحكم المنطق حيث أن عدو عدوك صديقك وستعود إسرائيل لتحتفل بانتصار صلاح الدين على الصليبين بمعركة حطين كما فعلت قبل سنوات، وسنحتفل معها بتحقيق الانتصار على داعش وستعاد الفتوى لتقول الكافر بالجهل ليس بكافر ولا مرتد .!
ولما كان من غير المعقول ان تعيش المنطقة بسلام بعد اختفاء داعش، يجب البحث عن بديل لاستمرار الرعب ومسلسلات الموت والتدمير، ولما كانت اللمسات الأخيرة توضع لولادة دولة جديدة في المنطقة للأكراد فان امتداد الفوضى سيتخذ معالما جديدة ومبتكرة، أوضحها احد مُنظري السياسة الأمريكية حين سُئل ( متى سيتوقف الصراع في منطقة الشرق الأوسط) فجاء جوابه واضحاً ينتهي حين نسلخ المال العربي بكل أشكاله لتستمر أمريكا كدولة رقم واحد اقتصادياً وأشار إلى إسرائيل وأمنها واقتصادها، وهنا راودني سؤال في بلد كالأردن ما هو شكل السلخ للمال حيث الدولة مدانة بمليارات صار يصعب تحديدها فجاء الجواب تلقائيا ان السلخ سيكون لأصحاب المليارات من خلاب تحويل أموالهم جبرا للبنوك العالمية وما قانون ضريبة الدخل الجديد إلا وسيلة ومن وسائل تجريد مليونيرية الشعب الأردني حيث كل من يزيد راتبة عن 500 دينار يُعد بعرف الملقي وحكومته مليونيراً ..!!
إذن الأردن مرشحة لمزيد من الخراب بفعل دخول أعداد كبيرة من الدواعش واستمرار مسلسل زحزحة السكان خاصة من الداخل الفلسطيني حيث التسهيلات الكبيرة لهم، وما سينتجه من تفريغ لسكان فلسطين عدا عن ممارسة الحكومة الاقتصادية التي تهيئ الناس للدعوشة .
ربما يجد بعض القراء مبالغة في كلامي، وأتمنى أن يكون كذلك، ولكن من يضمن ألا يخرج الناس عن صمتهم الجائر ويتجاوزون خوفهم من داعش باتجاه خوفهم من جوع أطفالهم، السياسة لا دين لها، والجوع كافر، والجاهل بجوع الناس وتعبهم كافر، والدواعش الصامتون جاهزون .