حرب باردة وتحالفات جديدة / كمال الزغول

حرب باردة وتحالفات جديدة
بعد دخول روسيا الى الساحة السورية انقلبت الامور رأسا على عقب في المشهد السوري والعراقي على حد سواء ودخلت المنطقة في مرحلة جديدة تعدت على حقوق الشعوب بسبب الابتذال السياسي المرتكب هنا وهناك سواء كان اقليميا او دوليا .هذا الامر ادى الى تمهيد الطريق الى حرب باردة قامت الطائرات الروسية بتسخينها واشعل نواتها في السابق غزو تتاري طائفي كاد ان ينفي وجود الحياة على جزء من كوكب الارض بسبب افرازه لحركات ليس لها مرجعيات محددة تضبط سياستها الداخلية والخارجية.
بعد اسقاط الطائرة الروسية من قبل تركيا بدأت بوصلة السياسة العراقية تنحرف نحو المد “البوتيني” وجرت مطالبة الاتراك باخراج قواتهم من العراق المتواجدة بمهمة تدريبية هناك بعدما شددت روسيا العقوبات على تركيا ونصبت صواريخ جديدة في عرض المتوسط .اذا وبكل بساطة تشكّل حلف ثلاثي في المنطقة من روسيا وايران والعراق هذا الحلف يخفي وراءه اشياء كثيرة مثل هيمنة روسيا على الشرق الاوسط ودعم ايران في بناء ملفها النووي من خلف الكواليس.
بعد خسارة ايران لعدد كبير من ضباطها وجنودها في سوريا سحبت بعض القوات للتحصين على الجبهة العراقية وفي الوقت نفسه دعمت ما يجري داخل اليمن من تمرد حوثي صالحي حيث تزامن سحب القوات مع صمود القوات الحوثية على اطراف تعز وقتل قائدالقوات الخاصة السعودي في اليمن ومنعت المساعدات الطبية من الوصول الى المستشفيات متبنية عقيدة قتالية جديدة في تبديل الجبهات في المنطقة العربية بين سوريا واليمن .
هذه المعطيات اعلاه اجبرت حلف النيتو على دعوة جمهورية الجبل الاسود للانضمام الى حلف النيتو كي تصبح الدولة رقم 29 في الحلف وبدأت تفكر امريكا في كيفية احتواء التواجد الروسي في المنطقة لأنها في السابق في عهد الشاة كانت تعتمد على الشاة بعدم قبول التواجد الروسي في منطقة الشرق الاوسط بالاضافة على اعتمادها على المملكة العربية السعودية في هذا الشأن لكن بعدما سقطت ورقة الشاه عام 1979 انقلبت الامور حتى وقتنا الحاضر. الآن تخبطت السياسة الامريكية بعد دخول روسيا الى المنطقة حتى توصلت الى سياسة احتواء جديدة وهي استنهاض المحور السعودي القديم حيث ايدت تشكيل حلف من 34 دولة اسلامية لمحاربة الارهاب من قبل المملكة العربية السعودية .
الحلف المفاجيء بالنسبة لأمريكا مفيد لسببين : الأول في السياسة الداخلية وخاصة في التنافس الانتخابي بين الديمقراطيين والجمهوريين حيث جاء تشكيل الحلف ردا على سياسة الجمهوريين الداخلية خاصة بعد تصريح دونالد ترامب بمنع دخول المسلمين الى امريكا وهذا يفضي الى كسب الاصوات المستحقة لأكثر من 3 ملايين مسلم امريكي لصالح الديمقراطيين في المعركة الانتخابة ،و السبب الثاني هذا الحلف مفيد في السياسة الخارجية لتمكين الديمقراطيين من احتواء التواجد الروسي بالاعتماد على الحلف الاسلامي من خلف الكواليس وخدمة الحملة الانتخابية بنفس الوقت خاصة بعد تصريحات المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون بأنها لن تمنع المسلمين من دخول امريكا ولكن ستستعين بهم لمساعدة امريكا في محاربة الارهاب بعد يوم من اجتماع الرئيس الامريكي اوباما بمستشاري الامن القومي وقوله بأن دول المنطقة يجب ان تساعد امريكا في التخلص من الارهابيين بالاضافة الى ان هذا الحلف هو بمثابة رسالة لروسيا تذكرهم بخسارتهم في افغانستان بسبب التكتل الاسلامي مع الامريكان في محاربة الروس في تلك الفترة لاعادة التاريخ نفسه وكبح جماح المد الروسي .
بغض النظر عن نوايا السياسات الغربية فأن الحلف الاسلامي الجديد الذي تم الاعلان عنه قد يخدم الامة الاسلامية ولكن الطريق ستكون صعبة خاصة اذا تم تجاهل المد الايراني والانخراط بمحاربة جهات قد لا تكن مؤثرة في تغيير خارطة المنطقة كي لا يضِع الوقت في تبديد جهد التحالف هنا وهناك دون جدوى لكن موافقة الحكومة اليمنية والمملكة العربية السعودية على الهدنة في اليمن لم يكن عبثا في ظل تشكيل هذا الحلف لتحقيق اهداف مشتركة على الجبهة السورية واليمنية الى حد سواء وهذا يعتبرتكتيك سياسي وعسكري في آن واحد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى