أبـــــــو الطبايخ!

أبـــــــو الطبايخ! / #يوسف_غيشان

في عصر المماليك الذي تم افتتاحه رسميّاً عشية انهيار الدولة الأيوبية باغتيال شجرة الدرّ، وانتهى بالاحتلال العثماني للعالم العربي. في ذلك العصر الملتبس، الحائر بين البطولات الكبرى والهزائم المدوّية، بين العلم والجهل، وبين وبين وبين …. لا يهمّنا هنا سوى مصطلح ( الدوادار ) ، وربما مصطلح آخر هو ( جاشكنير ).
الدوادار، تعني بلهجة المماليك حامل الدواة، وتعني تحديداً الكاتب. نقصد الكاتب الذي يعمل مع الحكومة للتدوين والتخمين، وما بينهما من قضايا تتعلّق بالحبر والدواة، والكتابة للولاة وتحديد قيمة الضرائب، ناهيك عن تحرير الاتفاقات العلنيّة والسرية مع الإقطاعيّين وغيرهم من الأمراء الأقوياء أو الخصوم المنافسين.
أمّا الجاشكنير، فهي مهنة رفيعة كانت تطلق على رجل بعينه، كانت مهمته تقتصر على الأكل من الطعام قبل أن يأكل منه المملوك المناوب، خشية أن يتمّ تسميمه، يعني هو ذوّاق مأكل ومشرب السلطان، ليس لغايات التمتع، بل لغايات التأكد من خلوه من السم ّ.
بين الدواردار والجاشكنير كانت تدور المعارك للاستيلاء على السلطة، التي كانت تنتهي على الأغلب لصالح الجاشكنير، الذي كان يسمّم معلّمه ويستولي على السلطة، ويعيّن له جاشكنيراً جديداً لا يلبث أن يستولي على السلطة بالطريقة ذاتها، وفي حالات قليلة تمكن الدوادار من الاستيلاء على السلطة، لأنه كان يعرف ألاعيبها ونقاط ضعف السلطان ويستغلها لصالحه، لحين أن يفهم الدواردار الجديد اللعبة، ويستولي على السلطة.
الغريب أن أمر تداول السلطة في ذلك الوقت كان يتمّ بتكرار مملّ، دون أن يستفيد السلطان الجديد من خطأ السلطان القديم، وكان أبو الطبايخ يستولي على السلطة ويقع في الخطأ ذاته أمام جاشكنيره الجديد أو دوارداره الطامح.
ترى هل اختلفت المعادلات حالياً في العالم العربي ؟؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى