الزراعة الحديثة والاستجابة الغذائية لجائحة كورونا

الزراعة الحديثة والاستجابة الغذائية لجائحة كورونا
إبراهيم عجوة

السؤال هنا في زمن الجائحة الوبائية، هل كان من الممكن للزراعة الرأسية المعززة تكنولوجيا ان تساهم في التقليل من التنقل، وفي التقليل من الازدحام في محال الخضار، والتخفيف من كلف الغذاء في ظل ضغط المداخيل المتدنية؟
لم يكن الناس حينها بحاجة لطرود البصل والبندورة والبقدونس والكوسا وغيرها، وربما كانوا سينتجون فائضا ويوزعون خيرا ويتبادلون ما نقص وفاض.
نعم كان باستطاعة الزراعة فعل ذلك، وما زال امامها فرصا للاستجابة لأي جوائح قادمة مثل شح الماء وغول الفقر.
لم تعد الزراعة اهتماما ريفيا، خاصة في ظل الكثافات الحضرية واكتظاظ المدن. لقد بات القطاع الزراعي التقليدي مهددا بعوامل التغير المناخي، ومهددا بمفاجآت المواسم، ما يؤدي لخروج الكثير من المستثمرين في القطاع، ويؤدي ايضا الى ندرة او قلة الانتاج وبالتالي ارتفاع الاسعار للحد الذي لا يعود محتملا للكثير من فئات المستهلكين.
في حوار لي مع أحد الفائزين في انتخابات الحكم المحلي، اقترحت عليه ان تتبنى البلدية مشروعا لزراعة الاسطح والمساحات الممكنة حول البيوت بالزراعة المائية العمودية المعززة تكنولوجيا، بما يجعلها بلدية رائدة وتقدم للمجتمع المحلي مبادرة تنموية فريدة. طبعا اظن ان الاقتراح لم يعش أكثر من المسافة الفاصلة بين الاذنين، حيث دخل من واحدة وخرج من الاخرى.
لقد اتفق علماء المناخ البارزون ان نمطنا الزراعي القائم هو المتسبب بربع انبعاث غازات الاحتباس الحراري.
لذلك لم تترك تكنولوجيات الثورة الصناعية الرابعة هذا الميدان دون ان تضع عليه بصمتها الخاصة. فقد ادخلت تكنولوجيا الزراعة(agritech)، أو ما يمكن تسميته الزراعة الدقيقة، الهواتف المحمولة، والحساسات الالكترونية، ومنصات التكنولوجيا الرقمية الى جانب البذور المحسنة كي تتيح الفرصة امام هذا النمط الزراعي ليعطي انتاجا اكثف وتكاليف ادنى واستهلاكا اقل للمياه والبيئة والمناخ. وذهبت شركة Planet Labs الى تشغيل 1490قمرا صناعيا لالتقاط صور يومية عالية الدقة لسطح الارض وما تحملها من معلومات تزود بها المزارعين لفهم تغيرات التربة.
لقد استطاعت بعض المزارع الرأسية في ضوء هذه التكنولوجيا ان تنتج من زراعة وحدة بمساحة 320 قدما مربعا ما يعادل 76 فدانا من الزراعة التقليدية.
ما زالت الزراعة الرأسية لم تحظ بالاستثمارات الكافية لكن مشروعا اماراتيا بين شركة كورب ون، ومؤسسة تموين طيران الامارات بقيمة 40.0 مليون دولار يعتبر مؤشرا على الثقة التي بدأت تترسخ في هذا القطاع.
المستثمرون ما زالوا أسرى النمط التقليدي من الزراعة، والحكومات مركزية ومحلية ما زالت حائرة في كيفية تنشيط التنمية المحلية، دون الاستناد على التمويل المركزي الذي غالبا ما يكون على هيئة عطايا وسرعان ما يتحول الى رشاوى سياسية.
الأزمة التي خلقتها جائحة كورونا تصرخ في وجوهنا حتى لا نغرق في جديد الجوائح بينما كل ما حولنا ينادينا ويضع الحلول بأيدينا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى