نذالة لاإرادية / ميس داغر

نذالة لاإرادية
مسح مسؤولنا الوطنيّ جبينه المتعرّق بقلق، فقبل لحظاتٍ أبلغه مدير مكتبه أنّ وسائل الإعلام في انتظار تعليقه على عملية المقاومة. وهو لا مشكلة لديه في التعليق، إذ إنّ جوهر رسالته في الحياة هو التعليق، لكنه قلقٌ بشأن نذالته التي خرجت منذ مُدّةٍ عن سيطرته، وأصبحت تشكّل له حَرَجاً أمامنا.
بعد أن تلقى قبل وقتٍ يسيرٍ علاجاً في ترويض النذالة، سيكون هذا هو أوّل اختبارٍ لقدرته في السيطرة عليها بعد العلاج. نظر إلى شاشة حاسوبه، أخذ نفساً عميقا وزفره، ثمّ شرع في كتابة بيانه إلى وسائل الإعلام. وكان في هذه الأثناء يُراقبُ بتوترٍ مستوى النذالة في كل جملة يكتبها. ثمّ، وبخلاف ما توقّع، انتابهُ أثناء الكتابة إحساسٌ غيرُ أكيدٍ بأنّه يستطيع التحكّم في نذالته، فأراد ان يتأكد من هذا الإحساس.
كان صوت النذالة في رأسه يحثّه أن يكتب إدانةً للعملية، لكنه –وللتأكد من تحكّمه في النذالة- قرر أن يكتب مع الإدانةِ اعتذاراً للاحتلال. وهكذا فَعَلْ، متفوّقاً بهذا الفِعل على صوت نذالته، وسط دهشةٍ وانفعالٍ أغرقا عينيه وعيني مدير مكتبه بدموع الفرح.
ومنذ تلك اللحظة اللذيذة، اختفت الأعراض اللاإرادية لنذالة مسؤولنا، وأصبحت نذالته– بكلّ فخرٍ- إراديةً خالصة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى