نكتب المسرحية ثم نلعنها ! / م . عبدالكريم أبو زنيمه

نكتب المسرحية ثم نلعنها !

منذ عودة ما سمي بالديمقراطية في الأردن ونحن مصابون بانفصام الشخصية ،فمن ناحية ننتقد قانون الانتخاب ونهاجمه ونهجوه ثم ننخرط بحماس في العملية الانتخابية ، وما أن يمضي الشهر الأول من عمر المجلس المنتخب حتى نصب جام غضبنا وسخطنا وشجبنا على أداء النواب الذين أنتخبناهم وكذلك نرفع وتيرة مطالبنا لإقالة المجلس ، وهكذا مضت الثلاثة عقود الماضية من عمر هذه الديمقراطية المزيفة ونحن نجتر مواقفنا السابقة !
الطبقة الحاكمة “المتنفذين وأصحاب رأس المال والمنتفعين من قوة السلطة ” لن يقدموا وحتى المائة عام القادمة قانوناً إنتخابياً يضر بمصالحهم أي قانون وطني يخدم المواطن ويحمي ويحصن الوطن لأن مضمونه سيكون سيفاً يبتر يد كل لص يسطو على المال العام ومقصلة لكل من يتآمر على الوطن وسيادته وكرامة مواطنيه وميزان حق وعدالة يتساوى فيه الجميع بالحقوق والواجبات ،بل على العكس من ذلك ستتفنن هذه الطبقة الحاكمة بإعداد قوانين إنتخابية تحمي مصالحهم وتطلق يدهم وجشعهم للنهب والسلب وقمع الحريات واستباحة الكرامة الوطنية.
أمام هذه المسرحيات الديمقراطية والقوانين الانتخابية العبثية ليس أمامنا نحن ألشعب الأردني إلا طريقان لنفرض إرادتنا وننتزع حقوقنا وكرامتنا ونحصن سيادتنا الوطنية ،الطريقة الأولى أن نقاطع الانتخابات برمتها ما لم يشرع قانون أنتخابي يستوفي المعايير الديمقراطية الحقيقية كالمعمول به في الديمقراطيات العالمية ،وهذه الطريقة لن يكتب لها النجاح لأن هناك من ينتظر موعد الانتخابات كموسم يتنفع به ، أما الطريقة الثانية فهي واقعية وسهلة التنفيذ في ظل وسائل التواصل الاجتماعي ومضمونة النتائج بأن تشكل في كل دائرة أنتخابية ومدينة وقرية تجمعاً ممن يؤمنون بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وعزة الوطن وكرامته يتولى فيه هذا التجمع اختيار من يرونه مناسباً ممن تتوفر فيه النزاهة والاستقامة والجرأة في قول الحق والحقيقة والحس الوطني ويكلفونه بالترشح للانتخابات حتى لو لم يكن راغباً بذلك مع تقديم الدعم الكامل له ، هذه الخطوة اذا ما أقدمنا عليها ستشكل نقلة نوعية في تطوير الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وستشكل منعطفاً في محاربة الفساد بكافة أشكاله .
لا تصدقوا الشعارات الانتخابية وبأن أولئك الذين يرشحون أنفسهم سيدافعون عنكم وعن حقوقكم لأن الحقيقة أنهم سيسارعون بعد نجاحهم لتحقيق أهدافهم ومصالحهم الشخصية ، فها هي يافطاتهم وشعاراتهم لا زالت تلطخ الشوارع ،فماذا حققوا منها ؟! بالمقابل أذا لم نبادر لتشكيل قوى إجتماعية ضاغطة وفاعلة في ظل غياب القوى والأحزاب السياسية البعيدة كل البعد عن هموم الشعب والوطن والتي أصبحت جزءاً من الديكور الديمقراطي والتي تعتاش على معونات وزارة الداخلية فان الحال لن يتغير وسنبقى نفرز نواباً غالبيتهم يتم توظيفهم للدفاع عن الفساد والانغماس في ملذاته ولملمة فتاته ونبقى نحن نكتب المسرحيات ونمثلها ونتسلى بها كل حين…وأخيراً نلعنها !!!
aboznemah@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى