المشاركة السياسية الإلكترونية في ظل رقمنة السياسة

د. ماجد الحنيطي

المشاركة السياسية الإلكترونية في ظل رقمنة السياسة
د. ماجد الحنيطي

رافق انخفاض المشاركة السياسية لدى المواطنين من خلال المؤسسات السياسية التقليدية وعزوف المواطنين الانخراط في العمل السياسي الحزبي البحث عن نوع من المشاركة السياسية تمتاز بأقل قدر من العقبات، فظهرت مواقع التواصل الاجتماعي كنمط جديد من المشاركة السياسية تتيح لمستخدميها إمكانية نشر المعلومة السياسية دون عوائق، مما يساهم في رفع الوعي المشترك بين المواطنين.
وفــي إطــار نمــو الــدور الــذي باتــت تلعبــه مواقع التواصــل الاجتمــاعي ، والمنظمــات الطوعية في استقطابها لاهتمامات الأفـراد والمجموعـات، وفـى التعبيـر عـن آرائهـم فــــي الشــــئون الخاصــــة والعامــــة دون قيــــود، لــــم تعــــد الأحــــزاب السياســــية هــــي المؤسسـات الوحيـدة التـي تعبـر عـن الاتجاهـات السياسـية ، وتقـدم مصـالح الأفـراد والفئــات المختلفــة فــي المجتمــع ، جــاء التطــور التقني واستقصــاءات الرأي العــام المسـتمرة حـول القضـايا السياسـية والاجتماعيـة والثقافيـة، كبـديل عـن الخطابـات السياسية المعتادة للأحزاب.
ولكن يظل السؤال المطروح هو: هل يمكن اعتبار الشخص الذي يقوم بكتابة تعليق سياسي على حسابه الشخصي هو شخص نشط سياسيا؟ وهل يمكن التعامل مع هذا الفعل كنوع من المشاركة السياسية؟
تكمن الإجابة عن هذا التساؤل عن طريق تصنيف الناشطين السياسيين الى ثلاثة أنماط:
1. الناشطين سياسيا في الفضاء الالكتروني فقط وغير ناشطين خارجه.
2. الناشطين سياسيا خارج الفضاء الالكتروني فقط.
3. الناشطين سياسيا داخل وخارج الفضاء الالكتروني.
فلا بد من عدم الخلط بين هذه الأنماط الثلاثة عند التحليل، لمعرفة مدى التأثير لهذه المواقع على عملية صناعة القرار.
وهنا لابد من الإشارة الى مساهمة مواقع التواصل الاجتماعي في تسهيل الحراك السياسي بين الافراد وتعزيز القدرة على اتخاذ فعل جماعي كونها تعتبر منبرا تستخدمه الحركات الاجتماعية المختلفة لنشر أفكارها ودعوة الآخرين الى اعتناق تلك الأفكار، وعمل تلك المواقع على تحفيز الفعل الجماعي الى جانب المؤسسات السياسية التقليدية.
يمكن الإشارة أيضا إلى بروز ممارسة سياسية جديدة تتمثل في رغبة الأفراد والمجموعات تجاوز وساطة جميع البنيات السياسية والمدنية والنقابية والمؤسساتية المنظمة والتحرك تلقائيا دون مواجهات مباشرة مع السلطة بالارتكاز على ثقافة رقمية كأداة للتأثير والفاعلية والإقناع والتوافق والانخراط الجماعي، فالممارسة السياسية الافتراضية بالنسبة للفرد والمجموعات صارت هي الضامن لاستمرارية الممانعة والتعبئة والتحدي الإيجابي.

ويختلف التأثير السياسي لمواقع التواصل الاجتماعي من دولة الى أخرى، حيث يتعاظم تأثير مواقع التواصل الاجتماعي في الدول التي تتمتع بمجال عام قوي يحد من تغول السلطة السياسية فتنجح في توظيف تلك المواقع للتغيير، بينما يتضاءل تأثيرها في الأنظمة السلطوية حيث أخفقت الحركة الخضراء الإيرانية مثلا في تحقيق التغيير المنشود رغم استخدامها نفس الوسائل.
وفي النهاية فما زالت الساحة الأكاديمية بحاجة الى مزيد من التفسيرات النظرية المبنية على أدلة إمبريقية من أجل توسيع الفهم وإعادة اختبار هذه المقولات.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى