سئمنا خطباء المساجد
خطبة صلاة الجمعة هي: المنبر الإعلامي والإسلامي لدى الأئمة، للوعظ والإرشاد في أمور اجتماعية أو دينية وإن طغى الطابع السياسي على بعضهم في الأعوام الأخيرة بوضوح وصراحة بحجة إنقاذ البلاد وبناء دولة قوية آمنة، من خلال ابتزاز الناس باللوم والتأنيب واستخدام الأساليب المتاحة كافة، الأمر الذي جعل وزارة الأوقاف توحد موضوع الخطبة في جميع مساجد المملكة، خصوصا وأن البلاد تمر بمرحلة عصيبة، وظروف اقتصادية صعبة، وحروب تجتاح دول الجوار، حيث أصبحت هذه المرحلة لا تحتمل تلك المهاترات التي من شأنها أن تثير البلبلة بين الشعب وتوسع الفجوة بينهم وبين مؤسساتهم .
على مدى التاريخ الإسلامي كان للمساجد دور كبير ومهم في عملية الطرح والتوجيه للمجتمع، ولم تقتصر يوما على العبادة والصلاة، لذلك كان الأجدى بأولئك الأئمة الذين تبؤوا صهوة المنابر أن يحتذوا نهج الصحابة في طرح القضايا، وأن يعوا أن إسلامنا في السنوات الأخيرة وكأنه بالوراثة، فارغ من القيم النبيلة والأخلاق، حيث أصبحنا عبيدا للمال وتفكيرنا سلبي يميل إلى النزعة العشائرية والطائفية، ولا هم لشبابنا إلا ريال مدريد وبرشلونة والفيصلي والوحدات، والتفحيط في الشوارع .
والأحرى بالخطباء أن يدركوا أن جرائم القتل المتكررة التي وقعت بالبلاد في الآونة الأخيرة، وعدد حالات الانتحار المتعددة وخاصة في العام الماضي الذي شهد (1177) حالة، وتعاطي “الجوكر” الذي أصبح ظاهرة في الأردن أوقعت بمئات الشباب، وظاهرة الاعتداء على المعلمين في المدارس، ومشاجرات الطلبة في الجامعات الرسمية والخاصة، كلها أصبحت من القضايا الاجتماعية الضرورية التي يجب أن يتم تسليط الضوء عليها .
ولا يخفى على أحد أن ثمة كثيرا من الموضوعات التي أصبحت تبعث الملل والضجر بسبب تكرارها مثل: الخطابات السياسية، وبعض الموضوعات الاجتماعية ومنها: بر الوالدين، والصدق والأمانة في معاملة الناس، وبعض الموضوعات الدينية مثل: أحكام الصوم ومبطلاته، وبديهي أن مثل هذه الموضوعات قد استوفت حقها في الطرح، والناس على دراية تامة بها .
إن خطبة الجمعة وسيلة التوجيه الدائم للمجتمع، ومن أهم وسائل الإعلام، وانطلاقا من هذا المبدأ، يفترض أن تتطرق الخطبة إلى جميع مناحي الحياة وخاصة الاجتماعية منها، وأن تجعل من متغيرات العصر موضوعا تعالجه بالحكمة والموعظة الحسنة، وبما وضعه الإسلام للمشكلات الطارئة من حلول وأحكام .
