تقرير اللجنة الاستشارية للمشروع النووي / د . أيوب أبو دية

تقرير اللجنة الاستشارية للمشروع النووي
​نشرت جريدة الغد بقلم رهام زيدان شرحاً عن مضامين التقرير الصادر عن اللجنة الاستشارية للمشروع النووي الأردني في 12 فصلاً، ونود أن نضع بعض الملاحظات على هذا التقرير إيماناً منا بأن النقد هو وسيلة حضارية ضرورية للتقدم وتحسين الآداء.
​يقول التقرير أن هناك 439 مفاعلاً عاملاً في العالم الآن وهذا الكلام صحيح وفق بيانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولكن هذا الرقم هو رقم هابط نسبة لما كانت عليه أعداد المفاعلات في العالم سنة 2002 حيث بلغت 444 مفاعلاً الأمر الذي يشير بوضوح إلى تراجع أعداد المفاعلات النووية في العالم خلال 14 عاماً مضت. ثم إن اللجنة لم توضح أن المفاعلات في اليابان وكان عددها 54 مفاعلاً قبل كارثة فوكوشيما قد توقفت جميعها عن العمل وتم شطب المفاعلات الستة في فوكوشيما ديشي، والآن في اليابان لا يوجد سوى مفاعلين يعملان فقط. وبناءً عليه فإن عدد المفاعلات العاملة هو أقل من 400 مفاعل.
أما المفاعلات قيد الإنشاء فهي 64 مفاعلاً، وهذا صحيح ايضا ولكن 22 منها في الصين و8 منها في روسيا 6 منها في الهند، فأغلب هذه المفاعلات هي في دول صناعية متقدمة.
أما القول أن ألمانيا هي الدولة الوحيدة التي قررت إغلاق محطاتها النووية تدريجياً حتى عام 2022 فهذا كلام غير دقيق، حيث أن السويد وبلجيكا أيضاً قد قررتا إغلاق مفاعلاتهم في عام 2025، وسوف تتبعهم سويسرا عام 2032، كما صوتت إيطاليا بعدم الاستمرار في مشاريعها النووية، فيما أغلب الدول الأوروبية لا علاقة لها بالنووي مثل النمسا والدنمارك والبرتغال وإيرلندا واليونان وغيرها.
​أما القول “وقد أثبت الواقع بأن الطاقة المتجددة هي ذات كلفة عالية ولا يمكن أن تغني عن استخدام الطاقة النووية” فهو قول متهالك قديم لا يصدر إلا عن أشخاص من ذوي الخبرات القديمة لم يتعرفوا إلى الإنجازات في السنوات الخمس الأخيرة على صعيد الطاقة المتجددة في العالم، وبخاصة تجارب ألمانيا والسويد والصين، حيث حققت هذه الدول إنجازات هائلة في تطوير الطاقة الشمسية وطاقة الرياح حيث بلغت تكلفة الكيلوواط. ساعة من الطاقة الكهربائية التي تقدمت بها شركات عالمية للمرحلة الثانية من مشروع حديقة محمّد بن راشد الشمسية في الإمارات بسعر 2,99 سنت؛ اي قرشين اردنيين. فهل هناك أي طاقة في العالم تستطيع أن تنتج الكهرباء بهذا السعر المنخفض؟ لا يوجد في الحقيقة ولا حتى باستخدام الغاز الطبيعي وفي بلد مثل الإمارات. وألمانيا نفسها تجيب عن هذا السؤال وتقول: نعم الطاقة المتجددة سوف تستغني عن الطاقة النووية والطاقة الأحفورية أيضاً كما حدث في ألمانيا بتاريخ 3/10/2014 الساعة الثانية عصراً عندما بلغت قدرة الطاقة المتجددة من الشمس والرياح معاً في تلك اللحظة 75% من حاجة ألمانيا إلى الكهرباء في تلك اللحظة. وتتطلع كثير من دول العالم عبر تخزين الطاقة وتحويلها من مكان إلى آخر عبر شبكات النقل من سد حاجتها من الكهرباء بنسبة 100% في عام 2050. ومحليا تقدمت عشرة عروض لوزارة الطاقة كان معدل سعر الكيلوواط بالساعة أقل من 6 قروش ويتوقع أن تنخفض الأسعار في هذا العام بنسبة تصل الى 20%. وهذه الأسعار أقل من كلفة إنتاج الكهرباء من الغاز المسال أو النفط أو الطاقة النووية التي يؤكد الخبراء بأن سعرها سيكون الأغلى من جميع المصادر والأقذر بيئياً.
أما القول إن الطاقة النووية هي طاقة نظيفة لا تنتج ثاني أكسيد الكربون فهي مفاجأة كبرى لنا في هذا التقرير الذي يدل على عدم معرفة إن دورة إنتاج الوقود النووي في مراحل التعدين والطحن والحرق وإنتاج الكعكة الصفراء وصولاً إلى تخصيب اليورانيوم ومعالجة النفايات النووية وطمرها وإعادة تدويرها هي كلها مسارات معقدة وتنتج غاز ثاني أكسيد الكربون. وتعتمد كمية إنتاج ثاني أكسيد الكربون لطاقة مقدراها كيلوواط. ساعة من الكهرباء النووية على تركيز أكسيد اليورانيوم في المادة الخام، إذ تقدر أحدث الأبحاث اليوم أن اليورانيوم المستمد من مادة خام تركيزها 600 جزء بالمليون ينتج الكيلوواط. ساعة الواحد ما مقداره 288 غرام من ثاني أكسيد الكربون؛ وهي كمية قريبة مما تنتجه محطة حرارية تعمل على الغاز الطبيعي. وبمرور الوقت فإن الغاز الطبيعي سيستمر في الإنتاج بتلويث مستقر نسبياً بينما خامات اليورانيوم سوف تقل في التراكيز وبذلك سوف تنتج كميات أكبر بكثير مما ينتجه الغاز الطبيعي وبذلك سوف تسهم مساهمة كبيرة في زيادة التلويث وتعمق ظاهرة الانحباس الحراري.
وأخيراً من اللافت أن اللجنة من الفصل التاسع في التقرير تثني على الإدارة الجيدة لهيئة الطاقة الذرية الأردنية في مسألة تعدين اليورانيوم في منطقة وسط الأردن، إذ نستهجن هذا الثناء ونسعى إلى تتبع خطوات مراحل المشروع المتعثرة ولماذا تستحق هذا الثناء؟ وما نسبة التراكيز في اليورانيوم وهل هي تجارية؟ ولماذا إنسحبت ثلاثة شركات عالمية من إتفاقيات لتعدين اليورانيوم؟ أليس بسبب أن الكميات التي وجدت ليست تجارية وأن الأرقام المعلنة محليا كانت مضللة؟ ولماذا لم يتم إنتاج اليورانيوم عام 2012 كما وعدت الهيئة؟ فكيف يمكن أن يكون هذا المسار قويما طالما أن الوعود لم تتحقق والنتائج ما زالت في عالم الغيب؟

وفي النهاية نقول أن النقد البناء هو الطريق الوحيد لتحسين الأداء في أي مشروع كان، لذلك نأمل أن يكون مفيداً. فعندما عدنا لقراءة التقرير مرة ثانية وثالثة لم نجد نقداً بناءً واحداً للمشروع النووي الأردني إنما مدحاً وثناء وحسب، أهكذا تكتب التقرير؟ ولمعرفتي بمنهجية كتابة التقارير في الغرب أكاد اجزم أن هذا التقرير صنع في الاردن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. القصة حرمنة وسرقة وفساد وإلا فأين وثائق دراسة الجدوى الإقتصادية والأثر البيئي للمشروع يا إخوان أي مستثمر لو أراد إنشاء مصنع حلوى وبسكوت للأطفال فإنه قبل أي شيء يبدأ بدراسة الجدوى فكيف يتم بناء مشروع نووي بمليارات الدنانير دون أي دراسة جدوى طاقة الشمس والرياح أرخص وآمنة ولاتشكل قنبلة موقوتة على أرضنا كطاقة النووي

  2. مقال رصين يحتوي على معلومات تدحض كل ما ورد في تقرير اللجنة. فإذا كان عندها شجاعة الصدق فلترد على هذه المعلومات واحدةً واحدة ! / زيد حمزة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى