من عمق الصحراء / منصور ضيف الله

من عمق الصحراء

فجأة ينبري أمامي , عصفور متوسط الحجم . ريشه بألوان زاهية . يبدأ برقص غريب ولذيذ ومدهش . مزيج من الدحية والدبكة , بإيقاع منفرد , وأداء منفرد , وإصرار عجيب . كانت لوحة جمالية , زاد فرادتها تركيز العصفور نظره في نظري . يخفف رفيقي من سرعة سيارته ويضحك . إنه يخدعك ! يسلب نظرك ولبك . دقق جيدا فيما حولك . فعلا , في منتصف الدرب الترابي ثلاثة فراخ , بالكاد تقطع الطريق بتمايل وتؤدة ومشقة . تقف السيارة تماما . تلحق الفراخ بإمها …… ونمضي . سبحان الله .

بين يدي مجموعة من البدو يقع نسر ضخم . مضت أيامه الأولى بسلام , يأكل جيدا , ويشرب جيدا , ويعيش جيدا !! عندما أدرك أنه فقد حريته إلى الأبد انكفأ على ذاته . اضرب عن الطعام والشراب . كان يزداد ضعفا وإرهاقا . لم يبال بشى , يمضي نحو غايته بشجاعة . أيام قليلة ومات . انتحر المسكين . الحرية غالية , تستحق الموت دائما وأبدا .

يخبرني محدثي : فقدت “طليا” , والبهم راسمال مال البدوي , وسر شقائه ……من بعيد لمحت ذئبا احتمله على كتفه , وترك رجلي الطلي الأمامتين حرتين للحركة مع إحكام الخناق حول رقبته . بالسيارة ذات الدفع الرباعي وصلت حالا . اطلق الذئب فريسته , وغاب بين التلال , لم يؤذه ولو بخدش , لم يخنقه , لم يرق نقطة دم واحدة !! الذئاب أنيقة , حتى في عز قوتها وانتصارها , بخلاف الكلاب , تجر ضحاياها قبل خنقها والتهامها .

مقالات ذات صلة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى