ماذا ينقُصُ العَرَب ! / م . عبدالكريم أبو زنيمه

ماذا ينقُصُ العَرَب !

لو ألقينا نظرةً عامة على قاراتِ العالم لوجدنا الوطن العربي يتمتع بميزات تفتقر لها بقية دول العالم وكياناته ، فاطلالتهِ على المحيط الهندي والمحيط الأطلسي والبحر الأبيض والبحرِ الأحمر وتحكُمِهِ بالتجارةِ العالمية البحرية عبرَ مضيق باب المندب وجبل طارق وكذلك طرق التجارة البرية بين الشرق والغرب تجعل مِنهُ سيداً على العالمِ أجمع ، أما مساحاته الشاسعة الصالحة للزراعات كافة وفي كافة المناخات كفيلة بالقضاء على جميعِ أشكال الفقر والبطالة داخل حدوده وتجعل منه مُنتجاً ومُصدّراً للكثيرِ من المنتوجات والمحاصيل وخاصة الحبوب لدولِ الخارج ، أما الثروات والموارد الطبيعية التي يزخر بها الوطن العربي فهي لوحدها كفيلة بأن تجعل من المواطن العربي الأعلى دخلاً في العالم ، أما الموارد البشرية العربية فهي كفيلة بنقلنا إلى مصافِ الدولِ المتطورة لو وفِرت لها البيئة الحاضنة “الحقوق الدستورية” ووظفت لها الموارد المالية للابداع والتطوير والبحثِ العلمي ووسائل الانتاج .
الموازنات المالية العربية تفوق بمجموعها الكثير من موازنات دولِ العالم المنتج والتي تتمتع شعوبها بالرفاهية ورغد العيش ، لكن نِسبة مُساهمة الإنتاج العربي مُجتمعاً بالانتاج العالمي تكادُ تكون صِفراً والسبب في ذلك أنَّ هذهِ الموازنات المالية هي للعرضِ الإعلامي والضحك على الشعوب فهناك أموال ضخمة لا يتم تضمينها في الموازناتِ العامة وهي بعيدة عن الرقابة وعن أعيُنِ الشعوب توضع تحت تصرف الوالي والأمير والوزير ومُدراء الأجهزةِ الأمنية وبها تُحاك الدسائس والفِتن وشراء النفوس وكل أشكال التبذير والرذيلة ، فمن هنا يولد وينمو وينتشر سرطان الفساد بجميعِ أشكاله وهنا تكمن عِلّة تخلفنا وجهلنا وفقرنا ومآسينا وذلنا ، إنَّ دولنا هي عبارة عن مزارع وإقطاعيات تديرها شبكات متجانسة المُصالح والأهداف أو متبادلة المنافع سطت وتسطوا على أموالِ الشعوب العربية ومقدراته وهذه الشبكات خارجية الولاء والإنتماء تؤمر وتنفذ الإملاءات المُعادية لأمتنا وقضايانا الوطنية وآخرها ما يخطط لتهويد القدس وما يتبعه من تصفية للقضية الفلسطينية برمتها وتفتيت وتدمير ما بقي من دول عربية .
ولاةُ أمرنا أو حُكام الشعوب العربية بتعبيرٍ أدّق – إلا من رحم ربي – لم ينظروا يوماً لمستقبل الاوطان العربية وشعوبها إلا بعيونِ الفتنةِ والتفرقة والتجزئة ، حتى أوصلونا إلى هذا البؤسِ العربيّ الشامل خِلافاً لنظرةِ زعماء وقادة أوروبا – وهُنا تصحُّ تسميتهم بالقادةِ والزعماء – الناطقين ب(29) لغة لمصلحة وحاضر ومستقبل شعوبهم الاوربية المتعددة الاعراق والجنسيات ، وإذ ما قورِنت مواردُنا البشرية والطبيعية بمواردهم سترجحُ كَفتنا حتماً ، لكن وللاسف فان مجموع الدخل القومي العربي مجتمعاً لا يساوي نصف الدخل القومي الالماني !!! هناك ألمستشارة الالمانية تخدم المانيا وشعبها ولا تسرق ! وأن سرقت تحاسب علانية أمام القضاء وفي ألوطن ألعربي الدولة وألشعب يخدمان الحاكم وحاشيته ! هناك قوانينهُم مُفصّلة على مقاسِ شعوبهم ومصلحتِها ، على عَكسِ حالنا فالقوانينُ هُنا تُفصَّل وتُعاد خياطتها على مقاسِ الحُكّامِ وزبانيتهم ، ومن هنا أتصور أنَّ ما ينقصنا كعرب لنلحَقَ بالعالم وحضارتِهِ هو قادة وزعماء وطنيين يدينون بديننا وينطقونَ بلُغتنا ويؤمنونَ بماضينا وحاضرنا ومستقبلنا ، قادة تفرزهم دساتير عربية كما تفرز الدساتير الالمانية والفرنسية واليابانية قادتها ! دساتير تسود على الجميع وتعلو ولا يُعلى عليها ..روحها وجوهرها وركيزتها الاساسية أن الشعبُ مصدر السُلطات..عندها سيكونُ لنا حاضر نعيشه ونتغنى به ومُستقبل مشرق نخطوا إليهِ وقادة نُفاخر بهم العالم !
aboznemah@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى