يحكى أن

يحكى أن
أسامة العربي

رجلا من البادية العربية منبع الحكمة ، تزوج زوجتين ، لم يرزق من الأولى بالذرية ،فتزوح الثانية فانجبت ولدا ، تملك من الزوجة الأولى ما تملك أخوة يوسف من الغيث ، فألقت بالطفل في غياهب الجب ،فقتلته، ولأن الشر من الشرارة ، دقت طبول الحرب ، بين قبيلة الزوج والزوجة الأولى ،بعد إتهام الزوج لها بقتل ولده ، اجتمع شيوخ قبائل المنطقة لوأد الفتنة ، ولإصرار الطرفين على كشف الموضوع ، قضى الاتفاق على ان يعرض الامر على أشهر قضاة البادية في وقتها .
فض الاجتماع ، وصباح اليوم التالي توجه المجتمعون للقاضي ، لما عرض الامر على القاضي قال ائتوني بهن ، وادخلوهن على المجلس واحدة تلو الاخرى دون تعريف ، دخلت إحداهن على مجلس القاضي ، فطلب منها الكشف عن ساقها وتمشي بين الحضور لمدة محددة ، فقالت ليمت من يمت ولن اكشف عن ساقي بين الرجال ، فأوعز القاضي لغلمانه بادخال الثانية ، وطلب منها نفس الطلب ، قالت بل ساقي الاثنين ، وما أن همت لكشف ساقيها حتى صدر حكم القاضي عليها بأنها القاتلة فكانت الزوجة الاولى .
لما للقتل في المجتمع البدوي وعاداته من وقع مدوي ، كان الاختبار على نفس المنوال من العادات البدوية الرصينة !
ليمت من يمت ، ولن اكشف عن ساقي في مجلس رجال ، اشياء لا تباع ولا تشترى ، اشياء لا يمكن المراهنة بها ، ، مجموعة قيم جعلت منك ذاتك ، مجموعة مقدسة كسبحة في يد عابد على كل حبة ورد وذكر متصل بما قبله ، ان انفرطت حبة انفرط عقدها ،قيم مترابطة هي انت .
ما أكثر أمنيات العربي في هذه الايام ، مع سياسة الانحدار والتردي التي يتبعها الساسة، ولو تعلقوا بقول البدوية تلك لبقي قول الشاعر العربي عمرو بن كلثوم بيننا ،نعيشه واقعا
اذا بلغ الفطام لنا صبي ،،،، تخر له الجبابرة ساجدينا .
ولو تعلقوا بقول البدوية تلك لبقي قول عنترة قائم في كل معاركنا .
لا تسقني ماء الحياة بذلة …بل فاسقني بالعز كأس الحنظل
كشفوا عن الساقين ، ولم يبق ورقة توت تستر عوراتهم ،فكان ما كان

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى