” الشلولو ” والكوميديا الحمراء

” الشلولو ” والكوميديا الحمراء .
أسامة العربي

من فرط ألم الديكتاتورية في العالم الثالث انتشرت الكوميديا السوداء التي تلامس ذاك الألم وتجبرك على الضحك ، وبعد أن تحالفت الديكتاتورية مع وباء كورونا انتجت المحطات الإعلامية ما يمكن تسميته الكوميديا الحمراء ومع أنها منقعة بدم الفرد إلا أنه لا يجد سبيلا في مواجهتها إلا الضحك .

كان هدف الكوميديا السوداء التنبيه لمواضع الألم واستدعاء احتياط الوعي وتحفيز الارادة للنجاة والتخلص من الألم ، أما الكوميديا الحمراء مهمتها تغييب ما تبقى لديك من وعي ، لتساق للمسلخ بضحكة بلهاء تزيد من حدة ألم سكين الجزار .

ولدت الكوميديا من رحم ثقافة التمرد على الاستبداد ، وترعرت الحمراء على يد الاستبداد، وكلما ارتعشت يد الاستبداد ، وتتخوف من ارتخاء قبضتها ، اختلقت أداة لإحكام هذه القبضة ، ووفرت لها البيئة الملائمة ووفرت لها كافة الامكانيات لتنمو وتؤتي أكلها.

مقالات ذات صلة

في الوقت التي تنهمك فيه مختبرات العالم في تجارب لايجاد لقاح أو دواء الفيروس وتصل الليل بالنهار وتوظف خيرة العلماء لأجل هذه المهمة ، يخوضون سباقا مع الزمن، وسرعة انتشار الفايروس، وتعلن منظمة الصحة العالمية عن جائحة تجتاح العالم ، ويتساقط الناس بالالاف بين مصاب وقتيل ، ومع الجائحة تتعرى الأنظمة الصحية المتهالكة ، وتفوح روائح الفساد والاستبداد ، وتتعالى الاصوات التي تغرد خارج السرب ، يطل علينا أحدهم ليضع وصفة علاج كورونا ، وصفة خالية من أي معلومة علمية ،” الشلولو ” ، ثم ما يلبث أن يعود الى وصفة الفول .

ولأن العلم الحقيقي لا يتوافق مع المسرحيات الهزيلة ، ويأبى التوظيف لمبادئ دنيئة ، ويرفض أن يكون ألعوبة بأيدي مهرجين يذهبوا به “كدة ” و” كدة” ليتغنوا بمعجزات ، يسقط “الشلولو ” في استوديو التصوير مع ردة فعل المذيع الذي يسابق المخترع في توصيف العلاج بلا اي دهشة أو تعجب ، وكأن لسان حال المذيع يقول للمخترع ، أعرف أنك تكذب ،وأعرف أنك تعرف أنك تكذب ،

الكوميديا الحمراء ، وعي مسروق ، وغفلة عن جرح مميت ، قوس مشدود بسهم مسموم ، قبضة استبداد تسدد أللكمات لوجه الحرية ، ستار يحجب الرؤيا عن فساد ومفسدين ، هستيريا دولة مجنونة تقامر بالشعب ، مصلحة منتفعين لا يعنيها إلا الذات !!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى