وتستمر الحياة / عودة عياصرة

وتستمر الحياة
ناجيتهُ في ليلي ربي العبادُ لك غيري كثير وليس لي ربٌّ سواك ، ضاقت فلما استحكمت حلقاتها أتاني فرجٌ من الله ، أدركتُ وقتها أن ربنا يعاملنا بفضلهِ لا بعدله ، أدركتُ أن الله حبيبُ الصالحين وطبيبُ العُصاه ، أدركتُ حقيقة الدعاء وأنهُ يتصارعُ مع القضاء في السماء فيغلبُ الدعاء القضاء ، تمعّنتُ كثيراً بذنوبي فأدركتُ أن الله أرحمُ بي من أمي وأنهُ لطيفٌ حليمٌ كريم .

لقد نفذت السُبل وتعاظم الخطب وتلاشت الحلول وانقطعت الحبال وأُغلقت الأبواب وتكالبت علي الأهوال ثم أيقنتُ أنها القاضيه فناديتُ يا الله ليأتي الخبر على طبقٍ من رحمة ، صحتُ يا الله فلم يردّني خائباً ، لهجتُ باسمه فوجدت العونَ والمدد يتساقطُ علي من السماء ، فتقطّعتُ أوصالُ الكارثة والتأمَ الجرحُ وتلاصقَ الحطامُ واستقرت العاصفة .

وأقسمُ بعظمته لو بقينا ساجدين مهما حيينا لن نبلغ العُشرَ من معشارِ نعمتهِ ولا العُشيرَ ولا عُشراً من العُشرِ ، كلُّ شيءٍ نخافُ منهُ فنهربُ عنهُ الا الله نخافهُ فنلجأُ اليهِ واذا العونُ والمدد والكرمُ ، فاذا النجاةُ والسلامةُ والأمن رالطمأنينه ، نهرعُ اليهِ خاشعينَ خاضعين فلا يُردنا خائبين ، الظيوفُ كثر والزيارةُ في حجرةٍ بعرشِ أرحم الراحمين .

كل يومٍ تكشفُ لي الحياةُ عن قناعها فيظهرُ المزيد من وجنة تلك العجوز الشمطاء ، كل يومٍ أقرأُ من كتابها أهوالٌ وألغام ، احذروا منها واياكم أن تثقوا بها ، تعاملوا معها بحذر كي لا تصيدكم بسنارةِ الألم ومكائد الوجع ، احذروا بسمتها ففي ضحكتها يختبئ ويلٌ وبكاءٌ وعويل ، اعملوا لها كأنكم تعيشونَ أبداً واعملوا لآخرتكم كأنكم تموتونَ غدا.

ها نحنُ مسافرون في الدنيا وسيأتي اليوم عاجلاً أم آجلاً نصلُ فيهِ من سفرنا الى منازلنا حيثُ القبور ، كل شيء يبقى هناك وليس في جعبتنا من تلك الرحلة المريرة الا المبدأ والأخلاق وما صنعناهُ من خيرٍ وشر .

بعدَ أن انقضت أزمتي وهي ربما رفاهيةٌ في عالم الأحزان ، سأختمُ بجملةٍ يشهدُ عليها الله أنها أصدق وأنقى ما كتبهُ قلمي : أنهُ كلما كنتَ صادقاً مع الله كلما كنتَ راضياً سعيداً برغم كل ما تواجههُ من مصاعب .

يا الله تلاشت السُحب ومن جديد تستمرُّ الحياة .

عودة عياصرة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى