هل أيقظ الكورونا ضمائرهم ..؟

هل أيقظ الكورونا ضمائرهم ..؟
د. قــدر الدغمـي

اصحاب رؤوس الأموال والتجار وأمثالهم في المجتمعات المتحضرة هم قطب اقتصادي واجتماعي رديف للدولة لا يستهان بهم خاصة في استقرار المجتمع، فهم الذين يمتلكون رؤية استراتيجية متكاملة تستهدف الحفاظ على مصالحهم وأموالهم، فالمشاركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لا تطغى على مصالحهم وواجباتهم اتجاه الوطن إذا دعت الحاجة والضرورة لذلك، فلا توجد خيرات وطن جاهزة من دون تضحية.
فرأس المال الخاص عليه واجب إنساني في خدمة المجتمع حيث يبدأ سلوكه في المساهمة المباشرة في العمل الخيري والاجتماعي وهو ملزم أدبيا وأخلاقيا عندما يتعرض الوطن لأزمة طارئة بالمساهمة ولو بجزء يسير بدعم اقتصاد الدولة التي وفرت له الرعاية والحماية لإدارة مصالحه، فكما كنا نرى مساهمته في أيام الرخاء في شتى المجالات الفنية والرياضية والثقافية، فأنه مطلوب منه على الأقل وبشكل طوعي المساهمة في دعم بعض فئات المجتمع الأكثر تضررا نتيجة لأزمة وجائحة كورونا.
على سبيل المثال فالتاجر عندنا يختلف عن نظيره في الدول الأخرى، فهو لا يعترف للمجتمع الذي آواه بأي فضل له عليه، وأن كل ما حصل ويحصل عليه إنما يعود بفضل اجتهاده وشطارته، لذلك لا يهمه إلا الربح والربح فقط لا غير، الأمر الذي ولد انطباعا عند غالبية بعض الشعوب العربية بأنه سبب ويلاتهم ومصدر بؤسهم وأنه العلق الذي مص دماءهم، فنراهم عند أول هزة أو فرصة للانفلات الأمني تتم مهاجمته وتنهب محلاته وتدمر ممتلكاته، ويتم الاقتصاص منه، فالتجار في نظر هؤلاء أوغاد يستحقون الانتقام .
فنحن اليوم يحذونا الأمل ونتمنى أن تكون مبادرات أصحاب رؤوس الأموال من كبار التجار والصنّاع والمقاولين والمستثمرين والشركات العابرة للقارات والملاك وغيرهم الكثير الكثير، فعليهم واجب وطني ولتكن جائحة كورونا بداية ليقظة ضمير وعنوان للتكامل والتكافل والتضامن اتجاه الوطن والدولة والمجتمع، الوطن الذي أمنّ لهم البيئة المثالية لنشاطاتهم المالية وتحقيق أربحاهم بكل يسر وسهولة وأمان.
فالدولة ليست عاجزة عن فرض ضرائب عليهم بشكل عنيف أو بشكل إجباري، أو حتى سن قانون ملحق لقوانين الدفاع المعمول بها في هذه الظروف الاستثنائية وفي هذه الأزمة التي تجتاح العالم يجبرهم من خلاله على تحمل مسؤولياتهم الوطنية والاجتماعية تجاه وطنهم وأبناؤه المتضررين ليعبر الوطن بسلام وبأقل الخسائر من هذا الظرف .
فالعدالة أن يجد كل واحد حقه والمساواة أن يتساوى الجميع أمام القانون، والواجب يتطلب من الجميع الوقوف بجانب الوطن الذي أطعمنا من جوع وأمنا من خوف في محنته وفاء منا وعرفانا، ومساندة للجهود الجبارة والحثيثة التي بذلتها وتبذلها الحكومة والجهات المعنية من أجل محاربة هذا الوباء الذي لا يرحم، فلا مجال للتهرب أو للتكاسل والتباطؤ, ولنتخلى عن سياسة النأي بالنفس والتخاذل، فلنستيقظ جميعاً لهذا الواجب، وليأخذ كل منّا بيد الآخر ليبقى الوطن كما هو قويا منيعا بقوة قيادته الحكيمة وأهله الأوفياء في مواجهة التحديات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى