المطلوب من الحكومة الجديدة

المطلوب من الحكومة الجديدة
د. قــدر الدغمـي

في البداية أن تكون الحكومة بمستوى الاداء في مهامها، والتي حددها لها كتاب التكليف، وأن تكون قادرة على الاصلاح المنشود الذي يتوق إليه المواطن، والاهتمام بالأولويات الحقيقية له، وبالتالي فإن إنجاز هذا الهدف بأفضل ما يكون، يصبح هو الغاية من تشكيلها في معالجة قضايا المواطن، وتحسين عوامل صموده أمام التحديات التي تعتريه من خلال تحسين اوضاعه المعيشية ومستوى الخدمات المقدمة له، وهذا يتطلب وضوحا وصراحة وتغييرا حقيقيا في والبرامج التي ستقدمها الحكومة.
الحكومة بمفهومها هي صاحبة الولاية واعضاؤها ليست لجنة متابعة، بل سلطة تنفيذية للبرامج والخدمات التي تؤثر على واقع ومستقبل الوطن والمواطن، وعليها أن تقدم هذه البرامج وتلك الخدمات في نطاقها المتاح، وبأولويات واضحة، وتوجهات واضحة، وبشفافية عالية، دون ارتجال وتردد وتخبط.
إن أكبر إنجاز يمكن أن تقوم به الحكومة هو أن تحول البلاد إلى دولة مؤسسات وأن تعمل على تنظيف الإدارات من الترهل والمحسوبية والمحاصصة والفساد، وأن تضاعف نسبة الجدية والحزم في قراراتها، وأن تكون قادرة على الانفتاح في المشهد العام فعلا وليس قولا، وأن لا تكون خططها مرتجلة وآنية بل عقلانية تناسب مع روح العصر، وعليها تغيير مفاهيم الإدارة السائدة وهذا يتطلب تغيير في العقليات والسياسات التي ظلت مسيطرة عليها لفترة طويلة من الزمن.
لا بد لهذه الحكومة من أن تبسط كامل نفوذها على مساحة الوطن، وأن تكون منفتحة على الجميع وأن تسمع للمعارضة ونصحها وتجعلها شريكا مهما لها في صنع القرار، مع مراعاة الاختلاف في بعض الجزئيات بين الحكومة والمعارضة، وعليها أن تناقش معها المشاكل المباشرة اليومية التي يعاني منها المواطن بسبب فشل بعض القطاعات بكل جرأة وشفافية، وطرح القضايا المهمة وتوضيحها للرأي العام.
على الرئيس – بعد مضي المئة يوم – أن يخرج للرأي العام ويلقي خطاباً مفصلاً لطمئنة المواطنين على الحالة العامة للوطن، وأن يتكلم بكل صراحة عن الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والشؤون الصحية، وأين وصلت حكومته وأين اخفق وما الذي ستقوم به لاحقا، وأن يعطي أرقاماً حقيقية وحقائق واضحة، وأن يتحدث بموضوعية عن خطته لمحاربة الفساد والفقر والبطالة، وعن مشاكل التعليم والإدارة وعن كل شيء يلامس حياة المواطن.
وعليه ايضا أن يدرك بأن الآمال معقودة عليه وعلى فريقه الوزاري خاصة في هذا الظرف الصحي الخطير بسبب جائحة وباء كورونا وتزايد اعداد الوفيات والمصابين بها، وبأن الشعب ينتظر منه الكثير من الاجراءات الصحية السريعة والعاجلة، وإن الشعارات والوعود حول مثل هذه القضايا بالذات غير كافية، ولا تحتمل التأجيل بل المطلوب اجراءات وبرامج عملية وفعلية على أرض الواقع، وعلى الحكومة أن تتحمل كامل مسؤوليتها في الحفاظ على حياة ومستقبلهم.
على الحكومة اصلاح الإعلام بشكل مؤسسي، وضبط إيقاع الوسائل الإعلامية الرسمية، والحد من ظاهرة الفوضى في تصريحات المسؤولين الرسميين (خبر، نفي، نفي النفي ، خبر معدل)، وتنظيم تلك التصريحات وتحديد من هو مخول بها، والسيطرة على إعلام (السوشيال ميديا) الذي في الغالب يعتمد على اخبار مسربة من مصادر حكومية وبثها قبل إعلان الحكومة عنها مما أربك المشهد، بالإضافة ملاحقة مروجي الإشاعات بالطرق القانونية.
ايضا على هذه الحكومة نشر الوعي وترسيخ مفهوم المواطنة والوطنية في نفوس الاجيال، والعمل على اطلاق الحريات العامة المسؤولة وعدم التضييق على الناس، ومحاربة توطيد علاقات الانتماء الضيق، وعلى رئيسها أن يتخلص من المتنفذين والمتكسبين أصحاب المصالح الشخصية (الباحثين عن الثراء على حسابها)، والتصدي لهم وعلى الرئيس يضع ثقته في الوطنيين القادرين على العمل على ازدهار هذا الوطن ونهضته والنهوض به دون طمع وانتهازية وانانية.
أرى من وجهة نظري بأن جلالة الملك في كتاب تكليفه لهذه الحكومة قد أعطى رئيسها صلاحيات واسعة، ولهذا لا عذر لأي وزير فيها أمام تقصيره وفشله وعجز وزارته عن القيام بالمهام الموكلة له مهما كانت الدواعي والأسباب، فالمطلوب سياسة جديدة ونهج جديد يعيد على الأقل الثقة المفقودة بين الحكومة والمواطن وبعيدا عن الشعبويات الزائفة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى