
هردبشت يبحث عن شركاء
على ذمة وسائل الإعلام ، فإنّ مجموعة من الألمان يضعون صورهم ومعلومات مفصلة عنهم ، تصل حتى نمرة الحذاء ، على الأنترنت ، ويعلنون عن استعدادهم للقيام بالتظاهرات مقابل أجر .
نعم ، يحملون لافتاتك وبوستراتك ، يهتفون ، يحملون واحداً منهم على الأكتاف ، وربما يشتبكون مع الشرطة .. مقابل أجر يصل إلى 150 يورو ، على الرأس ، في كل تظاهرة !
إنه مشروع ناجح يا جماعة الخير ، من يشاركني في إنشاء شركة مسجلة في وزارة الصناعة والتجارة ، والموافقة مضمونة على الطريقة الأردنية ، كل ما علينا هو استئجار مكتب والإعلان عن فرص عمل للطموحين من مختلف الأعمارعن طريق ملصقات على أعمدة الكهرباء ، إذ ينبغي أن يشترك الشيوخ والشباب والنساء والأطفال حتى تبدو( المظاهرة ) بشكل لائق وحقيقي أمام الفضائيات .
طبعا لا داعي للتفرّغ ، كلّ ما على المشترك في برنامجنا هو الحصول على إجازة أو مغادرة من موقع عمله ساعتين زمان ، والقدوم إلى المكتب لاستلام الشعارات والهتافات والانطلاق إلى موقع المظاهرة الذي هو في العادة مجمع النقابات المهنية أو أمام مبنى مجلس الأمة أو ساحة الجامع الحسيني الكبير أو جامع الكالوتي .
و يمكن نقل هذه المظاهرات الى القرى والبوادي الأردنية ، والتي قد تتطلب الإشتباك مع قوات الدرك وتحمل الغازات المسيلة للدموع، والإعتقال ، وربما الضرب المبرح وربما التحويل الى تلك العمارة البهيجة في شارع الشعب.
وليس من الجيد أن نهين أبناء عشائرنا وقرانا في مواجهات مع شرطتنا ، فالجرح في الكفّ، لكننا في ذات الوقت لا نستطيع أن نقف مكتوفي الأيدي بينما أبناء العشيرة أو الحزب يتظاهرون خلال فورة الدم .. لذلك فأن استئجار المتظاهرين المرتزقة هو حلّ ممتاز يرضي الأطراف الثلاثة .
للعلم ، أنا شاطر في تأليف الشعارات والهتافات الموزونة وقد شاركت خلال الثمانينيات في كتابة الكثير من الهتافات للمظاهرات التي كان يقوم بها أو يقودها طلبة الجامعة الأردنية ، ولا يزال صديقي عامر الجابر يحتفظ بمعظمها بخط اليد ، وربما ينتظر وفاتي لنشرها في كتاب مطنطن يعوض فيه عن خسائره في البورصة ( أعتقد أنه سيرفع مجموع خسائره ألف دينار أخرى ).
أكثر من مرة دعتني الصديقة الأستاذة زينة كرادشة للمشاركة في مظاهرات تنطلق من أمام مجمع النقابات ، وكنا لا نجد هناك أكثر من عشرين شخصا وبعض الفضائيات ، فنعود مخذولين لأن المظاهرة تحولت إلى مؤتمر صحفي لبعض الثرثارين ، ونلوم زينة التي ما عادت تزعجنا برسائلها النصية ولا مكالماتها المنفعلة .. لذلك أدعوها فوراً إلى مشاركتي في إنشاء (شركة المتظاهرين الأحرار).
هكذا يستطيع الحزب الشيوعي مثلاً ، أن ينطلق بمظاهرة عرمرمية أكبر من أي مظاهرة يمكن أن يقترفها حزب جبهة العمل ، مقابل بضعة آلاف من الدنانير(سعر المظاهرة عندنا أرخص بكثير من ألمانيا ) ، فهو أولاً يتخلّص من فائض القيمة ويحافظ على طهارته الثورية ، وهو ثانيا يجعل راياته ترفرف في سماء الوطن دون أن تلتهب حناجر أعضائه وعضواته ، أو يتعرضون للحنتش بنتش .
وبالتأكيد ، فالمتظاهرون المرتزقة مؤمّنون تأميناً شاملاً .. صحيّا وضدّ الغير وهناك إعادة تأمين وإعادة إعادة التأمين .. ويمكن أن ندفع لهم أكثر في المشاجرات العشائرية بعد تعريضهم لدورات عسكرية في (لهد) الشباري و(فنع وصهد) القناوي.
أنا مشغول في البحث عن شركاء لتنفيذ الفكرة .. فالزبائن ينتظرون على أحرّ من الشطّة.
من كتابي(هكذا تكلم هردبشت))الصادر عام2011