نعم! أؤيد امتحان القبول


نعم! أؤيد امتحان القبول
د. ذوقان عبيدات

هل خيارنا في التوجيهي خيارنا في الجامعات؟

قلت من التسعينات: إن الجامعات تواجه مشكلة غير تلك المشكلات المزمنة التي تشعر بها الجامعات، وهي: تشدّد في القبول، وتساهل في التخريج! لقد دأبت الجامعات على وضع معايير قاسية في القبول لتضمن إمكان حصولها على مدخلات جيدة بدلًا من تطوير مهامها وعملياتها لتحويل معظم مدخلاتها إلى مخرجات جيدة مهما كانت هذه المدخلات! نعم اختارت الجامعات الحل الأكثر سهولة، واعتمدت على امتحان التوجيهي وما يفرزه من متاعب لها ولحاملي التوجيهي، وطالما سألت: لماذا يقبل معدل 95% في كلية ما ولا يقبل 94؟ وما مدى عدالة ذلك؟ وكان الجواب: ليس لدينا معيار آخر!!

تحركت الجامعات سنة 1992 وتشكلت لجنة من الوزارة والجامعة الأردنية للبحث عن شروط قبول جامعية غير التوجيهي، ولم تنجح تلك الجهود، فالمجتمع على ما يبدو، والجامعة كذلك لم يكونا مستعدين، وفي ندوة لمركز الدراسات في الجامعة الأردنية قبل حوالي شهر، أعلن د. توق عن النية بل الجهد المبذول لوضع امتحان قبول جامعي!

مقالات ذات صلة

شكّكت في ذلك، وقلت: لن ينجح هذا المسعى! ولكن إصرار وزير التعليم العالي فاجأني والجميع بقرار مجلس التعليم العالي بالتوجه نحو معادلات جديدة للقبول تعمق دور شهادة التوجيهي، وتحررها من الشوائب، وباعتقادي هذا هو المطلوب.

فإذا كنا – وما زلنا – نتشدد في القبول، فإننا يجب أن نضع أسلوبًا: عادلًا، وأخلاقيّا، وإنسانيّا، وتربويّا: فمن الناحية التربوية: فإن التدريس في التعليم العام تلقيني والامتحانات حفظ وتذكر. والمتفوقون ليسوا هم أفضل الطلبة بالضرورة. فالطلبة المبدعون والمنطقيون والتحليليون قد لا يكونون من فئة المتفوقين.

ومن الناحية القانونية: فإن التوجيهي ليس عادلًا ولا منصفًا لأن هناك تفاوت بين ظروف الطلبة والمدارس والتدريس، وبين بيئات شديدة التفاوت، مما يجعل المساواة التي يفرضها التوجيهي غير عادلة، فالفيل لا يستطيع تسلق الشجرة!! والتفوق على العصفور!.

ومن الناحية الأخلاقية: فإن غياب العدالة يعني تحيزًا لطلبة يعيشون ظروفًا أفضل، وهذا ما اضطرنا لوضع مكرمات وتحيزات إنقاذًا لما سميناه طلاب عشائر، ومناطق محرومة، ومعلمين، وجنودًا!! الأمر الذي أثار زوابع عديدة على نظام القبول من اتهام بعدم العدالة وتحيز فئوي أو مناطقي، أو حتى إقليمي!!

ومن الناحية الإنسانية: كيف نحرم طالباً أو طالبة من اختيار حياة غير تلك التي تريدها، وكيف نقرر لها دراسة جامعية لا تريدها، ومستقبلًا مهنيّا لا ترغب فيه؟

إن امتحان القبول المقترح هو تصحيح لأخطاء تاريخية وتربوية وخلقية إذا استطعنا أن نضع:

– اختبارات قبول غير تحصيلية تعتمد القدرة على التفكير والإبداع، وعلى اختبارات ميول تكشف عن رغبات حقيقية.

– قبولًا واسعًا يحقق درجات عالية من الرغبة، ثم تصنيف الطلبة بعد فترة سنة أو سنتين من الدراسة.

– تطوير برامج الجامعة بحيث لا تركز على تخصصات عفا عليها الزمن، فالمستقبل ليس لتخصصات محددة، بل لأشخاص قادرين على النمو والتطور والتغير والتكيف مع العصر الرقمي.

وللتوضيح، ما يدرسه طالب طب في الجامعة، قد يلتغي جزء كبير منه قبل تخرجه، فالطب مناهج متغيرة، ومعارف حديثة جدًّا، وأساليب سريعة التغيير، وأدوية جديدة.

وهذا صحيح أيضًا بالنسبة للغة والتاريخ القديم، فقد تتغير مفاهيم بل ومعلومات تاريخية عديدة مع تقدم الاكتشافات والوثائق الجديدة.

إن امتحان القبول ليس حلًا سحريّا، إلّا إذا كنا قادرين على إعداد الامتحان، والابتعاد أكثر عن نتائج التوجيهي.

والتحدي هو: هل نستمر في هذا الاتجاه؟ وكيف نطوّر قرار معالي “محي الدين توق” إلى قرار وطني؟

وأخيرًا، يجب أن لا نبقى عند شعار: خياركم في التوجيهي خياركم في الجامعة!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. المشكلة ليست في معايير القبول
    المشكلة تكمن في نزاهة القائمين على تطبيقها

    الحمد لله ازمة الثقة بين الشعب والمسؤول في وضع لا نحسد عله

    وسلملي على النزاهة والشفافية

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى