نشامى / رامي علاونة

نشامى
سألتني ذات يوم زميلة من أوروبا الشرقية (على معرفة جيدة بالمنطقة وبلدانها وثقافتها بحكم عملها في المنطقة لعدة سنوات) سؤالا لم اتوقع ابدا أن يسألني اياه شخص غير عربي.
سألتني ماذا تعني كلمة ‘نشامى’ ولماذا يطلق هذا الوصف عليكم؟! فاجأني سؤالها، فبحثت بسرعة في مخزوني من المفردات الإنجليزية عن مرادف لهذه الكلمة أو كلمة قريبة منها، لكن لم تحضرني أية صفة باللغة الإنجليزية تحمل في دلالاتها المعنى الكامل لكلمة ‘نشمي’، فأجبتها: انت تعرفين عددا لا بأس به من الأردنيين، كما انك زرتي الأردن من قبل، فماذا تقولين في الأردنيين؟
أجابتني: ما لاحظته في الأردنيين انه يمكن الاعتماد عليهم والوثوق بهم. أسعفني جدا هذا الجواب فقلت لها هذا جزء مما تعنيه كلمة نشامى، فالأردني في الغالب شخص يمكن الاعتماد عليه والوثوق به، وهو غالبا ما يبذل كل ما يستطيع لعون الغير دون انتظار مقابل. ينتصر للحق ويدافع عن الصواب من منطلق المسؤولية الأخلاقية حتى لو ترتب على مواقفه ضرر مباشرا له. لا يقبل الظلم وعزة نفسه و كرامته أغلى ما يملك.
انتهى موضوع النشامى بالنسبة لها عند معرفتها بدلالات المصطلح، لكنه لم ينتهي أبدا بالنسبة لي، فمنذ ذلك اليوم مرت علينا أحداث كثيرة (كان آخرها حادثة السفارة) كنت انتظر فيها موقفا حكوميا نشميا يعكس تطلعات النشامى وال ‘نشمنة’ التي نتغنى بها والتي يعرفنا بها غيرنا.
منذ ذلك اليوم وأنا افكر لماذا يا
ترى لم يعد لدينا نشامى سوى شرطي السير و رجل الدفاع المدني و العسكري والمعلم و الطبيب و سائق التكسي، وغيرهم من المواطنين ‘العاديين’ البعيدين عن دائرة صنع القرار!
لماذا تتبخر صفات النشامى كلما كبرت الكراسي و ازدادت الصلاحيات والمسؤوليات؟
لماذا بتنا نفتقر الى مسؤول نشمي يزلزل الأرض أذا ما استبيح دم الأردني و استهدفت كرامته؟!
منذ ذلك اليوم و أنا اسأل نفسي…’لماذا لا يكبر النشامى’؟!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى