نحو مؤتمر إجرائي للحفاظ على روابطنا الأسرية أردنيا

نحو مؤتمر إجرائي للحفاظ على روابطنا الأسرية أردنيا
أ.د حسين محادين

علميا واجتماعيا، يكمن دور الأسرة الأساس ، في إشباع الغريزة الجنسية بين رجل وامرأة بصورة شرعية ابتداء، تأتي بعدها عملية إنجاب الأطفال، ومن ثم تنشئتهم لاحقا ،حسب شروط المجتمع ومؤسساته المتكاملة الادوار التربوية ممثلة في المسجد، الكنيسة، العلاقات التكافلية والانسانية بين الأفراد والجماعات، وصولا لإنضاج الهوية الوطنية الجامعة لافراد المجتمع الاردني كمرجع وانتماء أشمل ، مع ملاحظة ان أنماط التربية التي يتلقاها الأفراد عادة تكون وفقا للمسموح به أو المنهي عنه من من السلوكيات الواجب اهلنا إياها من خلال الاسرة اولا، وحسب خصوصية
وثقافة اي مجتمع في العالم والأردني جزء من منه بهذا الخصوص ويقصد بهذا التعلم والتربية هنا من حيث:-
1 -الانفتاح الفكري والحضاري لافراد هذه الأسر التي تعلم الأبناء من الجنسين على، إحترام التعددية والقوانين الضابطة لسلوك الافراد ، سواء أكانت دينية أو تقليدية ماضويه ، أم تربية حداثية معاصرة ومدنية تعظم الحوار وترفع من منسوب الحريات الفردية بتنوع عناوينها عموما.

2- تربية الانغلاق العقلي اي الرأي الواحد، مع اكساب افراد هذه النوع من الأسر الاعتقاد بأن الحقيقة لديهم فقط، اي انها أسرة لاتعترف بثقافات ولغات وعلوم وحريات الاخرين من جماعات او شعوب أخرى . وهذا النوع من التربية تقود إلى ارتفاع وتعدد عناوين التطرف والأرهاب لدى أفراد هذه الأسر تحديدا.
أذن، لابد من الاعتراف أردنيا ومن منظار علمي وتشخيصي، وبناء على طبيعة التغيرات المتسارعة التي يمر بها مجتمعنا من تأثيرات العولمة وقيمها المهيمنة من حيث ، انتشار التكنولوجيا والقيم الفردية، وسيادة حب للمال لدى الناس و التي يمر بها مجتمعنا الاردني الذي كان”محافظ نسبيا” فقد أفرزت هذه المعطيات الداخلية والخارجية معا، العديد من المؤشرات الصارخة التي أصابت وأخذت بنخر بنية وقيم الأسرة الاردنية وتحديدا عبر ما يأتي من مؤشرات :-
1- ارتفاع نسب الطلاق في السنوات الأخيرة بصورة مهولة مقارنة بالمجتمعات العربية والإسلامية الأخرى .
2- تأخر سن الزواج وقلة اعداد المقبلين على عليه بين شبابنا من الجنسين.
3-تفشي العلاقات الجنسية غير الشرعية خارج مؤسسة الزواج وعنونتها بتعبير “المصاحبه”.
4- التأثير الطاغ لأدوات التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا عموما بأدواتها الاتصالية والتصويرية اللحظية بين الجنسين مدعمة بما توفره الكاميرات الحديثة في هواتفنا الخلوية من فرص للتواصل بين الجنسين عبر ما نسميه علميا ب” الجنس الألكتروني”ومصاحباته الكثيرة والميسرة الاستخدام فرديا وجماعيا التي أخذت تهدد الاستقرار الاسري.

5- تراجع الكثافة الدينية غالبا، وترابطا مع ضعف ادوار المسجد والكنيسة في الحث على تيسر كلف وفرص الزواج المتكافىء بين الشباب كحصانة مهمة للتوازن العاطفي والنفسي للأفراد ومؤسسات المجتمع الاردني المتغير بسرعة نحو منظومة قيم الغربية والفردية عموما.

اخيرا اقول، بأن كل ما سبق وغيره قد سارع في اهتزاز قيم وأدوار الأسرة الاردنية، مثلما يؤذن في آذان مجتمعنا :-
علمائه وإعلامه، ومؤسساته العلمية والمدنية المختلفة ، بأننا امام خطر داهم آخذ في تهدد البناء الاجتماعي الاردني الكلية وتنظيماته الثقافية التقليدية التي ما زال جلها صلبا ، مثلما يهدد بذوبان نسبي للمنظومة الدينية والأخلاقية في مجتمعنا، في الوقت الذي يشير بوجع علمي وحياتي صارخ ايضا ، الى تراجع مكانة وأولوية بناء الأسر الجديدة من قبل شبابنا وهم قاعدة الهرم السكاني لمجتمعنا الأردني ،خصوصا وأنهم وحدهم الذين يمتلكون بعدي الزمن حاضره ومستقبله كما يفترض، ما يعني اننا في مواجه صادمه مع تحديات ، قد تأكل بنية وأدوار أسرنا كمنجم أساس ، وكجدار أخير نستند إليها في تمويل المجتمع الأكبر، بعوامل استمراريته اي بالمواعيد الشرعين الجدد والذين أخذت أعدادهم في الانخفاض جراء مثل هذه التحديات اللافته بناء على ما سبق. وبالتالي، هذه دعوة للجامعات والمؤسسات الدينية والعلماء وصناع القرار السياسي الأردني لعقد مؤتمر وطني إجرائي وليس وعظيا بما في ذلك العمل على وضع استراتجية وطنية متكاملة لتدارك خطورة وسرعة هذه التحديات لأسرنا الاردنية، كأساس للتوازن والحفاظ على ما تبقى من مبررات دينية واجتماعية لاستمرار الأدوار الإيجابية الملحة للأسرة الاردنية في ظل عولمة تهدد بإختراق جدارنا الإنساني الاخير الذي يحسسنا بمعاني السكنى البليغة وهو هنا الأسرة الاردنية ابتداء..فهل نحن فاعلون..؟
* جامعة مؤتة-قسم علم الاجتماع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى