مبررات رفع الأجور / سلامة الدرعاوي

مبررات رفع الأجور
قضية رفع الحد الأدنى للأجور إحدى القضايا المحورية التي تعصف بعلاقة القطاع الخاص مع الحكومة، التي كانت قد وعدت على لسان رئيسها الدكتور عبد الله النسور في احتفالية عيد العمال بزيادته، وهو الآن قيد النقاش والتباحث داخل أروقة الحكومة .
صناعيا؛ الأمر مرفوض لأنه يزيد كلف الانتاج عليهم، خاصة في ظل الظروف الراهنة وإغلاق الحدود وتراجع الصادرات وارتفاع كلف الطاقة وتزايد حالات الاغراق لمنتجاتهم.
لكن علينا ان ندرك ان الحد الأدنى للاجور على ارض الواقع في القطاع الصناعي، يتجاوز في الغالبية الحد المنصوص عليه، وأن معظم العاملين تتجاوز رواتبهم الحد الادنى، وفي بعض الشركات يفوق بكثير ذلك الحد، لكن هذا لا يمنع من وجود حدود دنيا في الرواتب عند بعض المنشآت، خاصة الصغيرة منها.
اقتصاديا؛ في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي الذي لم يتجاوز الـ3.5 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي في السنوات الاربع الماضية، وعدم وجود آليات وخطط سريعة لتحفيزه، فإن زيادة الحد الأدنى للأجور فيه انعاش للحركة الاقتصادية بشكل ايجابي على مختلف القطاعات، سواء اكانت الخزينة العامة او فيما يتعلق بالامن المعيشي للمواطنين، خاصة اذا ما علمنا ان 40 بالمائة من دخل المواطنين ينفق على الغذاء والباقي يذهب الى سداد التزاماته الاساسية الاخرى من نقل وسكن وصحة ومدارس وغيرها، ما يعني ان جزءا كبيرا من هذا الدخل سيتجه للخزينة التي ستقتطع 16 بالمائة ضريبة مبيعات وغيرها من الضرائب والرسوم، وهذا امر طبيعي يعكس دوران الاقتصاد وحركة الاموال التي ستزيد من ايرادات الخزينة وتنعش الاسواق والحركة التجارية من جديد.
بقاء الحد الأدنى للاجور عند 190 دينارا يعني ان اقبال الشباب على التوظيف يتباطأ بشكل كبير، فهذا المبلغ لا يكفي حتى لايصال العامل الى مكان عمله وتوفير وجبة غذاء بسيطة له، وهو ما يجعل البعض يفكر بالجلوس بالبيت على ان يعمل بهذا المبلغ الزهيد، الذي يجعل من العاملين يقبعون تحت خط الفقر، والمعروف حسب الاحصاءات الرسمية ان أكثر من 35بالمائة من سكان الأردن يقبع تحت خط الفقر، وهو 814 دينار سنوياً للفرد الواحد، أي ما معدله 4,070 دينار سنوياً على مستوى الأسرة المكونه من 5 أفراد، أي ما معدّله أيضاً 339 دينار شهريا للأسرة، وبالتالي فان حوالي 15 بالمائة من الأردنيين قابعين تحت خط الفقر طيلة فترات السنة، بينما حوالي 20% منهم عرضة للفقر خلال فترات زمنية محددة من السنة.
إن لزيادة الحد الأدنى للأجور الكثير من الآثار الإقتصادية المتباينة على الإقتصاد الكلي، والمالية العامة، حيث تقود زيادة الرواتب إلى تحسين دخول المستفيدين منها، وترفع الطلب الكلي على السلع والخدمات وتزيد ايرادات الخزينة، اضافة الى انه يساهم خاصة في هذا الوقت، بانعاش الأسواق المحلية التي تعاني من ركود بالرغم من قرب حلول شهر رمضان المبارك وما يليه من أعياد ومناسبات خاصة، اذا ما علمنا ان ما نسبته 39% من القوى العاملة الأردنية يعملون في قطاع التجارة والخدمات بحسب إحصاءات الضمان الإجتماعي.
ولا ننسى أيضا أنه في ظل وجود معدلات تضخم متدنية في الاقتصاد الوطني، فإن الامر بحاجة الى زيادة التضخم الايجابي الذي يحرك الاسواق ويدلل على النشاط الاقتصادي، وسيكون رفع الحد الادني للأجور احدى الوسائل الفاعلة في هذا الامر.
لكن هناك تخوفات من ان تمتد حالة رفع الاجور من الحد الادني الى الشرائح المختلفة في معظم القطاعات نتيجة مطالبات الفئات الاخرى، وهو ما يؤثر على عمل تلك قطاعات.
أخيرا؛ بقاء الحد الادنى للاجور على حالها (190 دينارا)؛ يعني ببساطة مزيدا من الفقر والبطالة، واستمرار مشهد التباطؤ الاقتصادي وحالة عدم اليقين السائدة في المملكة، وهي بأمس الحاجة اليوم الى انعاش حركتها الاقتصادية.
Salamah.darawi@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى