نجوم السياسة وسياسة التنجيم

نجوم السياسة وسياسة التنجيم

قاسم الزعبي

درجت العادة في معظم الأحيان أن يكون التعامل تدريجيا مع أية مشكلة… فمثلا عندما تذهب إلى المكانيكي لتشكو له صوتا في الماكينة.. فإنه يفترض الحلول الاصغر فالاكبر.. فيبدل ما يشك به من حيث قلة التكلفة.. ثم يقول لك ارجع بعد يومين إن لم يختف الصوت… واذا بقي الصوت فإنه ينتقل للمرحلة التالية التي يبدل فيها قطعة أغلى قليلا…

في عالم الطب أيضا… إن شعرت بدوخة فإن الطبيب يفحص دمك وفيتاميناته وحديده ثم الأذن الوسطى ثم العيون والجيوب والضغط ثم ينتقل لتصوير الدماغ وما شابه..

مقالات ذات صلة

اليوم.. ومع وجود مشكل كبير وعضال في العالم.. فقد اعتادت الشعوب أن يقدم سياسيوها حلولا أقل تكلفة.. وأقل ضررا.. ثم ينتقلون لما بعد ذلك إن تطلب الأمر.. وذلك حسب المعطيات الوبائية للبلد المعني…

في الأردن.. ومع وجود حكومات متعاقبة.. ووزراء نجوم وتعديلات وزارية شهرية.. وأعيان انتهت صلاحيتهم… فإن صناع القرار يتبنون فكرة النجومية والتنجيم بكل ما أوتوا من شهوانية سياسية وحب للظهور…. فمثلا فإن الوزير في بلادي يريد أن يكون وحده ملك الساحة (كقايد الدبكة في الاعراس) فنجد وزير الصحة يخالف وزير الداخلية.. ورئيس لجنة الاوبئة (يداقر) وزير الصحة.. ووزير العمل زعلان.. ووزير الإعلام يدحرج رؤوسا… وبعد كل ذلك فإن رئيس الوزراء يقرر حسب كفاءة رئيس لجنة الاوبئة.. وحسب خبرة وزير الصحة.. وحسب سطوة وزير الداخلية… وحسب فتوى وزير الاوقاف.. فنجدنا أمام قرار صحي سياسي أمني وبائي ديني… ثم يطلبون من الشعب أن يحل هذه الطلاسم القرارية….

لم نجد دولة قررت تعطيلا لبيوت العبادة مسبقا…ودون الوقوف على الحالة الوبائية المستقبلية…. ولم نجد أيضا دولة أصدرت عشرات من قوانين الدفاع دون أدنى تفكير بعواقبها الاقتصادية والمجتمعية…. ولم نجد وزيرا ينجم بجدارة حول المنحنى الوبائي دون توقع يعتمد على دراسة واقعية منطقية…

اليوم.. الشعب الأردني مكلوم جدا بعواطفه الدينية ومشاعره الايمانية التي بدا يشعر أنها مستهدفة تزامنا مع قرار اغلاق المساجد أمام التروايح للسنة الثانية على التوالي… الامر الذي قد يخلف جيلا لايعرف قداسة رمضان ولا حلاوة تراويحه.. مع علمهم (أي الحكومة) أن المساجد أنظف الامكنة وآمنها على وجه البسيطة… الأمر الذي جعلنا نشك أن كورونا يشهر سيفه بوجه الدين ويخفض جناحه للمولات والأسواق…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى