مش زابطة عليها / مصطفى الشبول

مش زابطة عليها
من يسكن بالقرب من مدرسة ابتدائية أو روضة أطفال يبصم بالعشرة ويؤيد كلام وقول معلم المدرسة الذي أصادفه كل صباح في موقف باصات الخط العام ( بعز البرد والصقيع) فقد قال (وهو يرتجف من البرد ويفرك يديه ببعضهما لتوليد الحرارة والدفء) : إن الفرق ما بين الموظف الرجل والموظفة المرأة كبير وشاسع لأن الأول ( الموظف) يبقى طوال خدمته على هذا الحال ( وأشار على وقفته الصباحية كل يوم) فيأكل برد الشتاء في الصباح وتحرقه شمس الصيف ولهيبها في الظهيرة… فراتبه مرهون إلى البنوك إما لقسط البيت وأثاثه أو لتكاليف زواجه ومعيشته،ويبقى على هذا الحال وهذه الأحوال من أول خطوة يخطوها في الوظيفة حتى يرث الله الأرض وما عليها أو بصدور كتابه التقاعدي ، ولا يستطيع شراء سيارة إلا بمكافئة نهاية الخدمة الطويلة (وبطلوع الروح) وحتى لو اشترى سيارة بتلاقيها سيارة عجوز وما فيها ولا جيد وقالبة ومقصوصة وكل يوم بزور الميكانيكي والكهربجي .
أما المرأة الموظفة فأول راتب لها يكون بالتدريب في مركز تعليم القيادة وإصدار رخصة قيادة سيارة ( أوتوماتك) ، والراتب الثاني يتحول إلى البنك من اجل شراء سيارة (آخر موديل) خاصة بها …فمن يقف بالقرب من مدارس الأطفال يرى بأم عينيه قوافل السيارات التي تقودها الموظفات لتوصيل الأولاد للمدارس والحضانات، فمن بين عشرين سيارة تقلها سيدة ترى سيارة يقودها رجل .
نحن لا ننكر ولا ننسى العبء الذي يقع على عاتق المرأة الموظفة من خلال الصحو مبكرا والطبخ والتجهيز والتنسيق ما بين عملها في البيت ووظيفتها إلا أن قيادة السيارة ( مش زابطه عليها ) يعني بتشعر انه في خلل معين وهي جالسة خلف المقود ( الستيرنج) ، فالمرأة السائقة تحسب أن الشارع ملكها ولا يوجد في الطريق غيرها ، وتحسب أن عمل المرآة الموجودة بوسط السيارة هي لتفقد المكياج وليس لمراقبة السيارات القادمة من الخلف.
ربما قيادة المرأة للسيارة أصبح من متطلبات الحياة وضرورياتها ، وأصبح شيء عادي ومألوف وبديهي بعض الشيء ، لكن من يقف و ينتظر باصات الخط، والبرد والصقيع يقصم أذناه ويجمّد يداه ويأكل من جسده، يرى في قيادة المرأة خلل وخطأ ويرى أن قيادة السيارة مش زابطة عليها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى