من سيوقف ترامب؟

المرشح الجمهوري دونالد ترامب يصف حملته الانتخابية للوصول إلى البيت الأبيض بأنها “حرب” ضد “أعداء”، مثل منافسه على ترشيح الحزب الجمهوري وحاكم ولاية فلوريدا السابق جيب بوش، والمرشحة الديمقراطية البارزة ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون.

من جهته، أعلن بوش عن إعادة هيكلة حملته الانتخابية، ونقل عدد كبير من العاملين في مركز الحملة في فلوريدا إلى الولايات التي ستجري فيها الانتخابات، وتحدى منافسه ترامب إلى مناظرة تجمعهما فقط، وتستثني المرشحين الآخرين، طبعا ترامب تجاهل التحدي الآتي من مرشح يفتقر إلى الطاقة والعزيمة، على حد قوله.

في الوقت نفسه، وقبل شهر من بدء عملية التصويت الحزبي الأولى في ولاية آيوا، بدأت عملية التصفية في صفوف المرشحين الجمهوريين “المقبولين” من القيادات التقليدية للحزب الجمهوري في الكونغرس والولايات، للتوصل إلى تحديد المرشح التقليدي للحزب، لمواجهة المرشح الآتي من خارج الطبقة السياسية التقليدية، والمرجح أن يكون دونالد ترامب.

أحيانا يكثر الحديث عن السيناتور تيد كروز، الذي على الرغم من أنه عضو جديد في مجلس الشيوخ فإنه دائما يذكر جمهوره بأنه آت للسياسة من الخارج، وبأنه لا يتورع عن انتقاد قيادات الحزب، الأمر الذي يفسر “عزلته” في مجلس الشيوخ، لأن زملاءه الجمهوريين “لا يطيقونه” كما يقال عنه.

ومع اقتراب موعد تصويت أول ولاية، برزت إلى السطح مخاوف قيادات الحزب الجمهوري من احتمال حصول ترامب على ترشيح الحزب، الأمر الذي قد يتسبب في إحداث شرخ عميق في الحزب الجمهوري، ويعزز من فرص هيلاري كلينتون “بالمشي الهادئ والواثق” إلى البيت الأبيض، كما قال لنا جمهوري مخضرم.

هذه بعض “المشاهد” الانتخابية خلال أعياد الميلاد ورأس السنة التي لم تشهد أي بطء في النشاطات الانتخابية. قيادات الحزب الجمهوري التي لا تريد مرشحا متشددا مثل ترامب أو كروز، يقسم الحزب ولا يجذب إليه أصوات الناخبين المستقلين الذين يقررون عادة من يفوز بالانتخابات العامة، يدركون أن وجود عدد كبير نسبيا من المرشحين يتقاسمون الأصوات فيما بينهم، يعني أن ترامب وكروز سوف يبقيان في الطليعة. ومعضلة قيادات الحزب هي أنه ليس من المتوقع انسحاب أي من المرشحين المتخلفين في استطلاعات الرأي قبل أول انتخابات حزبية في أول فبراير في ولاية آيوا.

هذا الوضع يعني أن المرشحين التقليديين الذين يريدون مباركة وأموال المتبرعين الكبار للتصدي لترامب أو كروز، عليهم أولا تصفية بعضهم بعضا، وهذا ما يفسر الهجمات والانتقادات القاسية التي يتعرص لها المرشح السيناتور ماركو روبيو من قبل مرشحين مثل جيب بوش وكريس كريستي. المرشح روبيو ذو الخبرة المحدودة في واشنطن (لم يكمل بعد ولايته الأولى في مجلس الشيوخ) هو متحدث سلس – بعكس بوش- وليس فظا للغاية – مثل كريستي- وهذا ما يجعله مقبولا في أعين بعض قادة الحزب أو كبار مموليه. هذه المناوشات والمبارزات بين المرشحين الجمهوريين الذين يحتلون المرتبة الثانية أو الثالثة بعد ترامب وكروز سوف تكون السمة الأساسية للسباق بين المرشحين الجمهوريين، والتي سيحسمها الناخبون في الولايات الأولى التي ستصوت في شهري فبراير ومارس.

وبغض النظر عن من سيكون مرشح الحزب الجمهوري، فإنه سيواجه حزبا منقسما بين قيادات تقليدية تعتمد خطابا أيديولوجيا متشددا وانتهازيا للغاية ساهم بشكل كبير في عرقلة برامج أوباما وسياساته داخليا وخارجيا، وقاعدة غاضبة لما تعتبره انحسار نفوذ أميركا في العالم، خاصة في وجه روسيا، وقلقة من خطر الإرهاب، وتشعر بخيبة كبيرة لأن قيادات الحزب الجمهوري أخفقت في التصدي لبرامج أوباما الداخلية. هذا الخطاب السياسي المتشدد مثلا ضد الهجرة، أو المساعدات الخارجية، أو خطر الإرهاب، هو الذي استغله ترامب وكروز للقول بأن قيادات الحزب غير جدية أو انتهازية. هذه المواقف المتشددة لقيادات الحزب هي التي تفسر جزئيا على الأقل النبرة المتشنجة لبعض المرشحين، ومن بينهم روبيو الذي وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه “رجل عصابات وقاطع طرق”.

على الصعيد الديمقراطي، تحافظ هيلاري كلينتون على مركزها الأول، وتواصل التصرف كأنها المرشحة الرسمية للحزب الديمقراطي، خاصة أن ترامب يتصرف كأنه المرشح الرسمي للحزب الجمهوري. وفي الأيام الماضية شن ترامب هجوما شرسا ضد هيلاري كلينتون، وذكّر بالفضائح الجنسية للرئيس الأسبق بيل كلينتون، مدعيا أن إثارتها أمر مشروع لأنها تمس بشخصه، وشخص زوجته.

وردت كلينتون بالإعلان عن أن زوجها بيل كلينتون سيبدأ في أول سنة 2016 نشاطاته الانتخابية نيابة عنها، وهذا ما يسمونه في السجال الانتخابي الأميركي “نشر المدفعية الثقيلة” التي لا ترحم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى