مسلسل هوجان وتحليل للاحداث ونقد درامي

#مسلسل #هوجان وتحليل للاحداث ونقد درامي

بقلم فراس الور

آمل على فريق العمل بالكامل لهذا #المسلسل ان يأخذوا هذه المقالة بصدر رحب و بصبر و روح رياضية عالية، فلم يدفعني لأمضي ايام طويلة بكتابتها سوى ضميري المهني و حبي للدراما و عشقي لمهنة #النقد و محاولاتي الدؤوبة للإرتقاء بالدراما المصرية و  العربية الى الاحسن، فلولا ايماني بأن #الدراما_العربية قاردة على تقديم الأفضل دائما للمشاهدين لما كنت لاكتب بالإعلام و على صفحتي على الفيس بوك مقالات ناقدة لما ارى انه بحاجة للتحسين، فعن طريق النقد البناء نستطيع ان نتوقف قليلا لنرى اين اخطأنا و باي مشاهد لم نحسن تقديم ما اردنا و اذا كانت رواياتنا الدرامية التي نقدم بالمستوى المطلوب، فليس هنالك اداء متقن من دون النظر على ما سبق من تجارب و تحليلها لنرى مستوى ابداعاتها، فلذك كلني أمل طيب ان تؤخذ وجهة نظري دائما بصدر رحب و نتحمل النقد دائما الذي يكتب من النقاد عموما و ان نرى اين كان بإمكاننا ان نحسن من هذه الأعمال التي نراها…   

أ) شروحات عامة عن العمل :

مما لا شك به ان (مع حفظ الالقاب) المخرجة شيرين عادل و المؤلف محمد صلاح العزب قدما لنا عملا دراميا مبدعا كنت اقلق بشأنه كثيرا، فقلت في نفسي مرارا و تكرارا ان اعمال السوبر هيرو او الأبطال الخارقين ستكون كارثة حقيقية ان تم انتاجها في مصر، و السبب في   هذا القلق هو موضه سيئة جدا انتشرت بالعالم الفني في مصر كنت اراها من حين لآخر لأتضايق منها كثيرا، و هي تقليد سينما هوليود، تأخذ بعض الشركات المادة في الفيلم الأمريكي و تضعها بخلاط ابداعي فقير جدا و كانها تحاول اضفاء عليه نكهة مصرية معينة ثم تطلق العمل بالأسواق ليكون فيلم ذو ابعاد تجارية ليس الا، و حصل هذا الأمر مع افلام كوميدية كثيرا، و في حقيقة الأمر خفت مِنْ ان يسقط منتيجوا مسلسل هوجان الذي كان من بطولة محمد عادل امام في نفس الغلطة…فالابعاد التجارية ليست الوحيدة التي قد تتحكم بما يجري بقطاع الإنتاج، فقد يقع صناع الدراما في هذا الخطئ ايضا ظنا منهم انهم اذا حافظوا على نكهة قريبة من نكهة نفس الفيلم الأصلي سيحققوا ريعا تجاريا مجزيا…لأنها ثيمة مجربة،

و لكنني و انا اشاهد حلقات هوجان شعرت بالإرتياح، فبالغرم من غضبي الشديد من ثلاثة اخطاء بالغة الخطورة وقعت بها شيرين عادل و المؤلف الا انني شعرت بالإرتياح من السياق العام للعمل، بل شعرت و كأنني اشاهد عملا اخرجته عملاقة كبيرة بمهنتها…ألا و كأنني كما أسلفت شعرت و كأن هذا العمل اعرج بسبب اخطاء تقنية سأمر عاليهم بالأسطر القادمة تدنت بالقِيَمْ الإبداعية به، سأبدأ بالنقاط الإيجابية لأيماني بأنها ستكون لبنات اساسية برفع نوعية المنافسة و الجودة الإنتاجية لهذه الفئة من الأفلام في الوطن العربي عموما و في مصر الحبيبة و الغالية هوليود الشرق خصوصا،

لهذا المسلسل الكبير تفاصيل كثيرة و طويلة لا نستطيع ذكرها جميعها هنا، و لكن نستطيع المرور على الأحداث الرئيسية به، “هوجان (محمد عادل امام) راجل مصري ميه ميه،” انه شخصية تنحدر من صميم واقع الشارع المصري، تربى على يد رجل عروض موالد حيث كان يقدمه كجزء من عروض المولد الترفيهية، فكان هوجان يتمتع بقوة خارقة، و هو فقير الحال طيب القلب لا يتمتع بنسبة ذكاء كبيرة على الإطلاق، فكان يرعاه والده بالتبني بهلول (صلاح عبدالله)،  و كانت ترعاه مع بهلول راقصة تساعده في عمله اسمها ورده (ميرنا نورالدين)، و لمحة سريعة عن الاحداث ستبين لنا ان هوجان كان يعيش بسلام مع هذه الاسرة الى ان عصفت بهم كارثة لها علاقة بتجارة الاثار، فلبهلول ماضي كبير يتعلق بتجارة الاثار و تهريبها، و يتم ملاحقته من قبل عائلة صعيدية قوية النفوذ بمنطقتها تسعى لتصفية حساباتها معه، في المشاهد الأفتتاحية للمسلسل و بعد عراك بين عائلة سليمان الورداني و عائلة بهلول يقتل بها شقيق سليمان على يداي هوجان يهرب بهلول و هوجان مع ورده من وجه الوردانية خوفا من ما حصل، و لكن سرعان ما ينكشف المعدن الحقيقي لبهلول فيقوم بالإبلاغ عن هوجان للشرطة ليتخلص من ثأر الوردانية، و نرى مواجهة بينه و بين ورده و هي تترجاه ليعطي هوجان حقه و يمارس معه الرحمة و لكنه يرفض طلبها، و سرعان ما تهجم عائلة الوردانية عليهم مرة ثانية قبل وصول الشرطة، و ينجح هوجان بمهاجمتهم و إنهاء خطرهم بفضل قوته الكبيرة، و يهرب هذه المرة بمفرده و يصعد بالصدفة الى قطار يكون عليه اثنين من اللصوص، و هما لطفي الحراق (كريم محمود عبدالعزيز) و حورس (محمد اوسامة و لقبه اوس اوس)، و يتم سجن بهلول من قبل الشرطة لتصبح ورده حرة طليقة منه، تستفيد ورده من ورطة بهلول مع الأمن حيث تقع ثروة لبهلول كان يخفيها عن الناس بمكان آمن بين يديها، و يساعدها بتدبير شؤنها محامي فهلوي اسمه مجدي (سلميان عيد) حيث يساعدها بشراء فيلا فاخرة لتعيش فيها و يكون ساعدها الأيمن بأمور كثيرة حتى بتنفيذ جرائم ضد القانون، فنراه يدبر بإعايز من ورده محاولة قتل بهلول في السجن، و يلتحق هوجان بعصابة الحراق و حورس، و يقنعاه بمشاركتهم ببعض عمليات السرقة بعد ان يكتشفا سذاجته و بساطته، لطفي الحراق رجل ملتوي السلوك و التفكير ينتهج اسلوب الكذب على والدته المسكينه ام لطفي (عارفة عبدالسول) ليبرر لها ما يجلب الى المنزل من مسروقات و مقتنيات، و زميله حورس رجل منعدم الشخصية امامه فيتبعه باساليب الاجرام ليتورط معه بعمليات خطيرة جدا، تشهد حياة هوجان تقلبات كثيرة و هو يصارع الحياة بمفرده فبالرغم من شخصيته البسيطة الا ان الحياة و الظروف سرعان ما تكشف له نوايا العصابة الخبيثة و تجبره للجوء الى الشارع، فيجد نفسه بمفرده لعدة ايام جائع تائه ينام على الارصفة مثل المشردين بعد ان كان ينعم بدفئ اسري مع بهلول و ورده رغم سوء معاملة بهلول له، تقسو عليه الحياة الى حين و لكن سرعان ما يتعرف على نجوى و المعروفة بنوجه (اسماء ابواليزيد)، و هي بائعة متجولة تقتات مما تبيعه في محطات المواصلات العامة، فتقع منها بعض من مقتناياتها من كيس كانت تمسك به بأمسية من الامسيات ليلتقطهم لها هوجان عن الارض و يعيدهم لها، فيتعرفا على بعض و يتحدثا لبعض الوقت لتشعر نوجه بطيبته و حسن نواياه، و تشاء الظروف بعدها بفترة ان تنقذه من ورطة بعد ان حاول اخذ بعضا من الطعام خلسة من وجبة احدهم و هو بنفس المحطة، فيصرخ صاحب الوجبة بوجهه متجاهلا تبريرات هوجان له بانه سرق لقمتي الطعام بدافع الجوع، فتهب نوجى لنجدته و توبخ الجمع على قلة ادبهم و ضميرهم معه،

تتعرف نوجه على هوجان اكثر بعد هذه الحادثة، و تعرض عليه المبيت بملحق صغير مهجور فوق سطح عمارة سكنها، و يكون امام بيتها مباشره، فيقبل عرضها لتبدء علاقة هوجان بها، و يتعرف على شقيقها الصغير و والدتها ام نوجه (احلام الجريتلي) لتبدء بينهم علاقة طيبه تقوده نحو الزواج بها خلال حلقات العمل خصوصا حينما ينقذها من طليقها الذي يعترض طريقها بالحي من حين لآخر، نرى ايضا طيبة قلب هوجان توقعه بمشاكل كثيرة مع عصابة الحراق، فيبوح هوجان بمكنونات كثيرة عن حياته مع بهلول و ورده للحراق و حورس في اولى ايامه معهم،حيث يخبرهم ما كان يسمع من حين لآخر بأن لهم علاقة بتجارة الاثار، و رغم انفصالهم عن بعض لفترة الا انه  تبدأ هذه العصابة برحلة بحث عن ورده و بهلول بهدف مطامع مادية لديهم مستندين لما سمعوه من هوجان، و يعلمان من هوجان ايضا ان ورده لديها خالة اسمها كوثر (انعام السالوسة) قد ترشدهم الى دربها، و تنجح العصابة باقناع هوجان بأنهم ابتعدا عن السرقة و بانهم ينون اعادت حقوقه من بهلول له حال ايجادهم ورده، و يجدان خالة ورده بعد رحلة بحث طويلة، الا انها تنجح بأقناعهم بأنها لا تعلم مكان اقامتها، فيعودان حورس و الحراق فارغي الأيدي من هذه الرحلة التي لم تنفعهم بشيئ، و يفترقا عن هوجان نهائيا لفترة ، و لكن للطمع روايته مع الحراق الذي لا يَكِلُ و لا يمل بهذا العمل الدسم بحثا عن الثروة الذي سمع عنها من هوجان، فيتبع بهلول لمكان سجنه و يلتقي به، و هنا يتواجه هوجان مع كارثة كبرى، فيزور خالة ورده لحزنه الشديد عليها كإمراة طاعنة بالسن، و تطلب منه بعض من الطعام فيذهب لشراءه ليتناول طعام الغذاء معها|، و خلال هذه الفترة يزور بهلول مكانه السري الذي اخفى فيه ثروته ليكتشف بأن ورده قد اخرجته من باطن الارض و سرقته|، فيغضب الغضب الشديد و يزور خالة وردة و يحدث بينهم شجار كبير، فيقتل بهلول خالة ورده و يهرب من بيتها، و بعدها بفترة بسيطة يعود هوجان ليجد ورده بمنزل خالتها و خالتها بين يديها متوفية، فتبدأ بِلَوْمِهْ على قتلها، و رغم انكاره المتكرر الا انها لا تصدقه، فيهرب هوجان من المكان،

 تجد المشاكل طريقها الى هوجان ايضا بسبب السرقات التي يمارسها مع الحراق و حورس، ففي سابقة سرقوا بها خزنة لرجل الاعمال والمليونير كمال اللباد (رياض الخولي) من قصره يتضح  لنا مع مرور الحلقات ان القصر كان مراقب بالكاميرات، فيصل اللباد الى بيانات العصابة و يرسل رجاله لخطف هوجان، و يطلب منه ارجاع خزنته مع يو اس بي، و ينجح باقناعه بإتمام هذه المهمة عن طريق اكراميات مادية، و هنا تتغير حياة هوجان كثيرا، فتتوضح لنا  اسرارا كثيرة عن ماضي كمال اللباد و سبب تمسكه باليو اس بي و عن الحياة الماضية لبهلول، كما يقدم لنا العمل اطراف آخرى لها مطامع كبيرة بثروة اللباد مثل زوجته لميس (عايدة رياض) و شقيقها محمود (سامح السيد) فهذه الشخصيات تشكل بهذا المسلسل عصابة على حدة، فتوضح لنا الحلقات ان هنالك حسابات بالشركة يتم التلاعب بها لصالح لميس و حمود، 

بعد عشرة زوجية قصيرة نرى انفصال كلي بين هوجان و نوجه حيث يتبين لنا انها تطمع بالمسروقات التي يجنيها الحراق و حورس من عملهم بالممنوع، و تنضم الى عصابتهم و تتزوج بالحراق، و حتى تخفي خبر حملها عن هوجان و ابوته للجنين الذي في رحمها لتغدر به كليا فالمال حينما جرى بين يديها غيرها كليا الى إنسانة جشعة و مادية بصورة مطلقة، و يضع كمال اللباد جاسوس ليراقب تحركات هوجان حيث يهدف الى معرفة كل شيئ عنه، و يتفاجئ بأنه على صلة بافراد عصابة قديمة كانوا يعملون معه مع وردانية الصعيد بتهريب الأثار حينما كان في بداية مشواره المهني، و عن طريق علي (كريم عبدالجواد) و الذي يكون من اصدقاء اسرته و متيم بإبنته نور (هاجر أحمد) ينجح بالإمسك به مرة ثانية، و يعرض عليه وظيفة حارس شخصي له و لإبنته نور، فللباد اعداء كثيرة بسبب تجارته بالإثار مما يجعله يضع حراسة مشددة على قصره و مما يجعل ابنته نور متضايقة منه و تفكر مليا بالسفر الى الخارج، و يرحب هوجان بالعرض و يبدأ عمله مع اللباد ظنا منه انها ستكون وظيفة مريحة و هانئة، و لكن سرعان ما يكتشف ان للباد اعداء يسعون لقتله فيقف الى جانبه و ينجح بحمايته من دائرة معارف تسعى للغدر به، و نرى مع تقدم حلقات العمل ان ابنته نور تقع بحبه، فهوجان ينقذ حياتها من الخطر بحادثة من الحوادث، و يبدأ بسبب تواجده اليومي حولها بملئ فراغ كبير كانت تعيشه بحياتها، و ينجح بهلول بإستخراج اثار كان قد واراها عن الأنظار منذ فترة ليحاول بيعها و لكن ينجح لطفي الحراق بسرقتها منه، و عن طريق علاقات بهلول بالسوق السوداء ينجح بالوصول الى الرؤوس الكبيرة وراء بيعها و تداولها بالاسواق السوداء، و هنا يتعرف هوجان اكثر على تجارة اللباد بالاثار ليتأكد بأنه وسط عصابة كبيرة، و نرى تطور بعلاقة هوجان بنور حيث يقعا بحب بعض، و يصارح هوجان نور بما يعرفه عن والدها و عن ما قاصاه من مشاكل بحياته، فتصدم بحقيقة والدها و تصبح عازمة اكثر على السفر، و نرى هنا تبدل جذري بحياة الحراق فيصل الى اتفاق مع اللباد بتسويق ما لديه من اثار مقابل مرابح ماديه ليصبح صاحب شركة و من ذوي الاملاك و مقربا جدا منه،

تغير نور رأيها بخصوص سفرها الى الخارج فحبها لهوجان يعيدها الى ديارها، و تقترب من هوجان اكثر ليصبحا عشيقين، و تبدأ بمساعدة هوجان لتعلم القراءة و الكتابة و للتحسن لكي لا تكون قوته محور حياته…بل العقل و المنطق و السلوك المتحضر، فتبدأ شخصيته بالتبدل ليصبح رجل مثقف و متعلم، و تتغير شخصيته بصورة جذرية و كأنه انسان آخر في آخر حلقات العمل، بل نرى قوته الخارقة تختفي تماما من نهج حياته، و تدعمه نور لدرجة انها تذهب معه الى منطقة الوردانية بالصعيد لكي يقدم كفنه للوردانية ليتخلص من الثأر الذي عليه، و ينجح بهذه المهمة فتنتهي أزمته معهم، و لكنه هنا يعرف الحقيقة المُرًة عن والده و عن نشأته بالمنطقة، بأنه ضحية عصابة اللباد و بهلول و لميس و محمود…فكانوا السبب بقتل والدته و هو طفل و سجن والده لفترة طويلة جدا من الوقت، فحينها اخذه بهلول ليربيه عنده، و لكن نراه هنا يبتعد قليلا عن نور و يبدأ بعملية انتقام ممنهجة له و لوالده و من كل من استغله و غدر به و خصوصاً من هذه العصابة التي دمرت سعادته كليا و يتمته طوال حياته و حرمته من اسرته، و ينجح بإيجاد والده ليتمم حلما كان يسعى اليه منذ بداية حلقات العمل، و لكن تأخذه رياح الإنتقام الى دروب لا يعود منها اطلاقا حيث يقتل في أخر حلقات العمل،

ب) نقد فني و تحليل درامي عن الأحداث :

ب.1) النقاط الايجابية: هذا العمل امتاز بهويته الدرامية الواضحة و المستقلة عن سائر الاعمال الدرامية التي تقع تحت نفس التصنيف سواء في الدراما الأمريكية او المصرية، فله نكهة مصرية مميزة جدا اذ لم نرى انه مسروق او مقتبس عن اية اعمال آخرى، فبطله ابن عائلة فقيرة مصرية كان والده بالتبني يسرح به بالموالد لِيَعْرِضَ قوته الخارقة لعامة الناس مقابل المال، و هو ابن بيئة فقيرة و أُمي لا يقرأ و لا يكتب اذ لم يهتم والده بأمره كثيرا، و حتى والدته بالتبني كانت راقصة لم تستطع فعل له الكثير بسبب سلوك والده السيئ معها، و حتى حينما هرب من ثأر عشيرة الوردانية رافق عصابة في حارة شعبية فقيرة جدا بين ناس مساكين الحال من نفس البيئة و المستوى المادي، و كان جُلْ اهتمام هوجان النجاة بروحه بهذه الفترة من الثأر بينما انصب جل اهتمام العصابة على الاثار و الثروة التي اخبرهم هوجان عنها و التي كانت بين ايدي بهلول و ورده، و رأينا بسطاء كثيرون يريدون الستر بهذه الحارة مثل والد حورس الشيخ عبدالجواد (محمود جمعة) و هو الرجل التائب الذي يدير قهوة بسيطة بالحي ليعيش منها، و راينا والدة لطفي الحراق البسيطة التي تصدق كل اكاذيبه لإيمانها بأن ولدها مكافح يحاول كسب رزقه بعرق جبينه، و تعرفنا ايضا على نوجه التي يتزوجها هوجان و التي تكون بائعة مكافحة بمواقف الموصلات العامة و التي تحاول كسب رزقها بعرق جبينها، و هوجان نفسه الذي شعرت بالرغم من ذكائه الفقير الا انه يمثل الشباب المكافح الذي يحاول نيل لقمته بشرف، و رفضه للحرام و استغلاله تارة من قبل عصابة الحراق و تارة من قبل اللباد ليحميه بقوته الخارقة لربما يرمز الى معاناة شباب كثيرون من الأستغلال و طغيان اصحاب النفوذ عليهم…لن انسى التنويه عن صراع الخير و الشر بداخل نوجه، فحينما شعرت بنعمة القرش يجري بيدها لم تكترث لمصدره، بل استسلمت لنداءات الطمع بلداخلها و سلمت نفسها للحراق و السير بالحرام، و اللباد الذي كان شخصية صعبة تُحْسٍنْ التستر بعباءة الدين و الظهور للناس بهيئة رجل الأعمال المحترم، و لكنها من الداخل كانت تسرق ارث قومي لمصر و تبيعه لأعداء وطنه مقابل النقود، قصة درامية مغمسة بعبق الحارة الشعبية المصرية و الكفاح و الصراعات الإنسانية و روح روائية مصرية بإمتياز اثني عليها بالكامل فقد امتعتني جدا، و طريقة تقديم هوجان كبطل خارق بهذا القالب الدرامي كان رائع جدا، حتى مشاهد الأكشن كلها تم تقديمها بقالب درامي مشوق غير مسبوق إطلاقا بالسينما المصرية،

مسلسل هوجان لغاية تاريخ نشر هذا المقال لا ينافسه الا عملين بالسينما المصرية، و سيتفاجأ القارئ ان منافسه هو عنتر بن شداد، و انا على يقين انني مصيب بهذه المعادلة ففكرت بها كثيرا الا انني كنت اصل الى نفس النتيجة في كل مرة، فإن اختلفت البيئة و الموضوع الدرامي و الحقبة الزمنية للعملين الا ان عنتر بن شداد بما تم ذكره عنه تاريخيا بالكتب و طريقة معالجة حياته دراميا في الأفلام كبطل خارق له قوة جيش جرار بالقتال يضعه بهذه الفئة من الافلام، فكان فارس مُهَابْ بالجزيرة العربية بحسب كتب التاريخ لدرجة ان المؤرخون المعاصرون استنتجوا استنتاجا ان عبلة قد تزوجته بالرغم من ان هذا الأمر لم يذكر بوضوح، والسبب هو خوف رجال القبائل من طلب يدها، فكان الكل يعلم تعلق عنتر بها فكانوا يمتنعون عن طلب يدها او الزواج بها خوفا من ان يثأر عنتر لكرامته و ان يطلب مقاتلتهم وجها لوجه، فكان فارس شديد البئس قوي البنية ذا قوة شديدة لدرجة ان قتاله بجانب جنود عشيرته قد يحدد خسارتهم او انتصارهم بغاراتهم و حروبهم، هنالك عملين رائعين تم انتاجهما عن عنتر بن شداد، الأول حمل اسم عنتر و عبلة و تم انتاجه سنة 1945 و كان من بطولة سراج منير و كوكا و اخراج نيازي مصطفى،  و الفيلم الثاني حمل اسم عنتر بن شداد و تم انتاجه سنة 1961 و كان من بطولة فريد شوقي و كوكا، و اخراج ايضا نيازي مصطفى، 

ب.2) النقد الدرامي،

شأنه شأن اي عمل درامي لاحظت ان هذا العمل تضمن ضعف اخراجي و روائي بارز، فهوجان شخصية فريدة من نوعها بسبب قوتها الخارقة وبسبب نسبة ذكائه المتدنية و عقليته البسيطة، فكلها اجتمعت لتعطيه فرادة تشويقية للمشاهد طوال حلقات العمل، لذلك انتظرت طيلة حلقات العمل ان اجد تفسيراً درامياً لمنشأ قوته، فلم اجد لها تفسير او تبرير، بقصص الابطال الخارقين بالدراما الأمريكية نجد التفسيرات لمصادر قوتهم ضمن سياق العمل، او قد نجدها بأجزاءها المتتالية ان وجدت، ففي فيلم السوبرمان Superman نرى ان شخصية كلارك كنت انحدرت من كوكب آخر غير الكرة الأرضية لتتوضح لدينا حيثيات قوته الخارقة لطبيعة البشر، و في افلام الرجل الوطواط Batman نكتشف في اولى افلامه ان معظم الادوات التي بين يديه و اللباس الذي يرتديه من تصميم مرافق له مخلص صممها ليكافح بها الجريمة، فحب الرجل الوطواط لتنفيذ العدالة في بلدته يدفعه لملاحقة المجرمين ليخلص المجتمع منهم و من شر اعمالهم، في الرجل العنكبوت Spiderman و في اولى افلام هذا العمل الكبير نجد ان زيارة البطل مع طلاب صفه خلال رحلة مدرسية لمخبتر من المختبرات تسبب له بلسعة عنبكوت في منطقة من جسده، مما نقل له قوته الخارقة ليتحول جسمه الى سلاح فتاك ضد شخصيات مريبة و مجرمة بمجتمعه، فلذلك ليس من المقبول ان نبقى كمشاهدين نتابع عمل عملاق كهوجان و هو ناقص على هذا النحو، استغربت من هذا الأمر و فعليا انتظرت من اول حلقات المسلسل لأخر مشاهده في الحلقة الأخيرة ان اجد تفسيرا دراميا لقوته و لكن دون جدوى،

السلبية الثانية صعقتني لدرجة انني ادركت تماما ان معها قد يكون هذا العمل غير صالح للعرض بالرغم من النقاط الأيجابية التي اشرت لها بهذا المقال، فهوجان بجزء كبير من حلقات العمل لم يكن انسان امي فحسب، بل من الذي رايته انه إنسان يعاني من ضعف كبير بعقله و بالذكاء، انه بسيط جدا لدرجة ان التعليم لا يجدي معه نفعا، فهذا ما يُفْهَمْ من الشخصية، و لكن هنا حدث تباين غير منطقي بالشخصية خلال احداث العمل، فبعد ان وقع بحب نور اللباد نراها تحاول تعليمه و تثقيفه لتحسن من مستواه الإنساني، و مع ما تَيَسًرَ بين يديه من اموال نرى نقلة نوعية بشخصيته و احواله المادية فيصبح ذو ذكاء ثاقب يحسن لعبة الإنتقام و تصفية الحسابات مع اعداءه و هم اناس ذوي نفوذ كبير ببلاده، و تنجح نور بإقناعه بأن القوة الحقيقية هي بعقله لتختفي بصورة غير منطقية قوته الخارقة من حياته كليا، و لكن لا نرى هذا التطور يتجسد بالصورة المثالية فيصبح سكير غارق بحياة اولاد الذوات و الترف الكبير،  التغير لا ضرر به و لكن اذا قارنا هوجان قبل و بعد التغير يتضح لنا و كأننا ننظر الى شخصياتان مختلفاتان عن بعض، حتى منطق الشخصتيتن مختلف كليا، فهوجان انتقل من سذاجة كبيرة و قلة ذكاء و امية كانت تسيطر عليه بصورة مطلقة و حيث كانت قوته محور حياته الى رجل مثقف رَتًبَ اقوى الخطط الإنتقامية من اكبر رجال الأعمال و الممنوعات و لتختفي قوته الخارقة منه، ما هذا التغير الغير منطقي؟ فهل هنالك علاج لقلة الذكاء بهذا الشكل؟ فعليا شعرت و كأن هوجان بطل المسلسل خرج من شخصيته stepped out of character و اصبح شخصية آخرى مختلفة تماما عن شخصيته السابقة، هذه اول حادثة من نوعها اصادفها بحياتي كناقد في عمل درامي…ان تخرج شخصية في مسلسل من وحي الخيال من اصولها الدرامية و مكوناتها و عناصرها لتتحول الى شخصية هويتها تختلف تماما عن ما قبل، هذا الأمر غير مقبول و لم يتم دراسته بعناية من قبل فريق العمل،

بقي امر واحد صدمت ايضا حينما رايته، فلم اكن اتوقع ان المخرجة شيرين ستستقط به، فحينما يجد هوجان والده (عبدالرحمن او زهرة) و يقرر رؤيته بالسجن، يدخل والده علي مكتب الضابط بالسجن ليلتقيا لاول مرة بهذا العمل الدرامي، فالظروف حرمت هوجان من والده طيلة حياته ليسمح له القدر اخيرا بالإلتقاء به في آخر حلقات العمل، و لكن حينما يلتقيا يقترب منه هوجان و يقول له بأنه ابنه بلال، فيسرع بإحتضانه و يصدقه على الفور و يهم الطرفان بالبكاء؟؟؟؟!!! ما هذا المشهد الذي يستخف بذكاء المشاهدين؟ هل من المنطقي ان يصدق رجل مسن و بخبرة والد هوجان بالحياة اي شاب سيقترب منه ليخبره بأنه ابنه؟ لا اعلم و لكن هذا المشهد ليس منطقيا إطلاقا و كان يجب ان   يعالج بأسلوب آخر،  

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى