ما هي الخطوات التالية للقرار بشأن الباقورة والغمر ؟

سواليف
مع كل قراءة اضافية للقرار الملكي التاريخي بإلغاء ملحقي الباقورة والغمر من اتفاقية السلام، تتكشف حقائق جديدة، ومسلمات تجعل من القرار نصرا أردنيا بإمتياز، وحالة وطنية تؤكد أن الأردن هو من قال لإسرائيل «لا»، مؤسسا بذلك حالة سياسية مختلفة، وسابقة بالعمل السياسي والوطني.
ولا يمكن التعامل مع هذا القرار والقضية بأسرها، بنهج الكلام الفضفاض أو التعابير اللغوية التي لا تضع حقائق واضحة أمام الجميع، فهي من القضايا التي تتطلب ثقافة قانونية وساسية خاصة، ومحددة، توضح خطوات القادم عمليا، وإعلاميا وسياسيا، وتضع أسسا لأدوات تنفيذ تبعدنا عن أي مفاجآت من أي نوع.
وفي قراءة حول الإجراءات القادمة، ما بعد القرار الملكي التاريخي، والمتطلبات القانونية لما هو آت، في هذا الشأن، أكد قانونيون أن العمل ما يزال مستمرا في ملحقي الباقورة والغمر من اتفاقية السلام مع اسرائيل حتى التاسع من تشرين الثاني من عام 2019، وعلى الجانبين الدخول في مباحثات مباشرة لغايات الإتفاق على تسليم الأراضي، وآلية ذلك.
ورأى متحدثون أن الأردن سيلجأ للتحكيم الدولي، في حال رفضت اسرائيل المباحثات الثنائية، لوضع أسس تسليم الأراضي، مؤكدين أنه في حال اللجوء لهذا الخيار، فمن المؤكد سيكون الأردن منتصرا، ذلك أن السيادة الأردنية منصوص عليها تشريعيا، بالتالي فإن اسرائيل ستخرج من هذا التحكيم بخسارة مؤكدة.
ونبه متحدثونا الى الإجراءات الإسرائيلية ما بعد الإنسحاب، كونها معروفة تاريخيا أنها لا تترك أي منطقة دون تخريب، بالتالي فهي حتما ستقوم بأعمال تخريب في أراضي منطقتي الباقورة، والغمر، ولن تترك أيا من أعمالها فيها، بل ستتركها منطقة بدائية، تغيب عنها أي مظاهر تطوير أو تنظيم.
إبراهيم العموش
وزير العدل الأسبق الدكتور ابراهيم العموش، قال في هذا الشأن ان جلالة الملك حسم بكل حزم ووضوح أمر ملحقي معاهدة السلام مع اسرائيل الخاصين بالباقورة والغمر، وأمر بإنهاء العمل بهما.
وأشار إلى ان العمل بالأحكام الخاصة بالباقورة والغمر يستمر وفق ما جاء بملحقي الاتفاقية حتى نهاية السنة الخامسة والعشرين من عمر الإتفاقية.
وبين العموش أنه في حال طلبت اسرائيل التشاور حول ما سيؤول اليه وضع هاتين المنطقتين، فإن لها ذلك وفق البند السادس من كل ملحق.
وفيما يخص الموقف القانوني للأردن حيال ما سيؤول اليه وضع هاتين المنطقتين، أكد الوزير الأسبق أن الموقف الاردني قوي ويستند الى البند الثامن من المادة الثالثة من المعاهدة الذي نص صراحة على أن السيادة على هذه المناطق هي للأردن وأن الأحكام الخاصة الواردة في الملحقين ينقضي العمل بها بانقضاء مدة الخمس وعشرين سنة.
وأوضح العموش أنه في حال لم يتم الإتفاق على أحكام جديدة، أو على تسوية معينة تخدم المصالح الأردنية، فإن للأردن سيادة كاملة على هاتين المنطقتين تماما كما هي السيادة على أي بقعة من تراب الوطن وبحيث تطبق القوانين الأردنية (القوانين الضريبية والجمركية والعقابية وغيرها) على جميع الأشخاص (بغض النظر عن جنسيتهم) المقيمين في هذه المناطق والداخلين اليها والخارجين منها وعلى الأنشطة وعلى الممتلكات والأراضي الواقعة ضمن حدود هاتين المنطقتين بغض النظر عن جنسية المالك أو نوع النشاط الذي يمارسه.
أنيس قاسم
المحامي والخبير القانوني أنيس قاسم، بين أن الخطوة القادمة بعد الحسم الملكي لقضية الباقورة والغمر، أن ترسل اسرائيل وفدا يتشاور مع الأردن حول تصفية «التركة» الموجودة في المنطقتين، سيما وأن الأردن اتخذ الخطوة القانونية المطلوبة منه بعد القرار، بأن أبلغت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين اسرائيل رسميا بعدم التجديد وذلك طبقا للمعاهدة قبل سنة من تاريخ انتهائها.
وبين قاسم، بعد هذه الخطوة يدخل الطرفان في مشاورات خلال فترة لتصفية التركة، وفي حال تلكأت اسرائيل وماطلت بهذه الخطوة، ورفضت مبدأ الحوار، يستطيع الأردن عندها اللجوء للتحكيم الدولي، وهنا يمكن الإشارة لتجربة الحكومة المصرية فيما يخص لجوئها للتحكيم الدولي في طابا، وذلك لا يكون إلاّ في حال اضطررنا لذلك بسبب المماطلة الإسرائيلية، لكن يبقى وضعنا أكثر سهولة وقوة من الجانب المصري عند التحكيم الدولي، ذلك أن السيادة الأردنية منصوص عليها بالاتفاقية.
وأوضح قاسم أن الأردن التزم بكافة الجوانب القانونية بهذه القضية، وأبلغ اسرائيل قبل عام من انتهاء مدة الإتفاقية، وسيكون من حقه اللجوء للتحكيم اذا اضطررنا لذلك، علما بأن مبدأ التحكيم منصوص عليه في معاهدة وادي عربة إلا أنه لم يحدد عدد المحكمين ولم يحدد مكان التحكيم والفترة التي يجب ان يستغرقها التحكيم، كما انه لم يحدد القانون الذي يجب أن يطبق بالتحكيم، لكن بشكل عام تحكيمنا أقل تعقيدا من «طابا» لسبب ينطوي على جوانب فنية حيث كان التحكيم فيما يخص طابا يحتاج لخبرات تتعلق بترسيم الحدود وضياع بعض علامات الحدود، لكن فيما يخص الملف الأردني الأمور أقل تعقيدا، ذلك أن اسرائيل تعترف بالسيادة الأردنية على هذه الأراضي، كما أنه ورد نص بالملحقين أن الاتفاقيتين مؤقتتين، وهذا يعني أنه بعد (25) سنة إذا لم يرغب الأردن بتجديد الإتفاقيتين عليه أن ينذر الطرف الآخر، وهو ما حدث، لذا فإن هذا الملف أقل تعقيدا من طابا.
وقال قاسم أنا انصح اسرائيل بعدم اللجوء للتحكيم لأنه سيكون موقفها ضعيفا، ذلك أن الأردن يملك كافة الحجج القانونية التي تؤكد سيادته على أراضيه في الباقورة والغمر.
وشدد قاسم على أن جلالة الملك حسم هذا الأمر بشكل مطلق، وحمل قراره أبعادا هامة، حتى لهجته كانت قاطعة بـ «لا كبيرة لاسرائيل».
وعن مضمون المشاروات التي يجب أن تتبع القرار الأردني، بين قاسم، أن هذه المباحثات والمشاورات ستكون بشأن بعض الحقوق والأشياء العالقة التي قد تكون مزروعات، إذ ينتظر حتى انتهاء موسمها ليجنوا محصولها، وفي حال وجد أثاث ومنازل ومعدات وآلات، منبها أن اسرائيل من النوع التخريبي فلا يمكن أن تترك أي شيء نستفيد منه، لذا فإن الطرف الأردني يجب أن يكون متنبها ويقظا وجريئا.
ولفت قاسم إلى ضرورة أن نتحصن ضد الحرب النفسية الاسرائيلية التي ستطلقها ضد الأردن، فلن يتورعوا عن استخدام أقذر الأساليب في ذلك، والتاريخ يتحدث عن الكثير من هذه الأساليب التي يمكن أن تستخدمها للوصول لهدفهم.
الدستور

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى