بسم الله الرحمن الرحيم
ما بعد ٢٠٢٠ وهم لا يشعرون
ضيف الله قبيلات
لما غزا أبرهة الحبشي اليمن ورأى ان العرب يحجون الى الكعبة بنى كنيسة كبيرة بصنعاء و اراد ان يصرف حج العرب اليها وسمع بذلك رجل من بني كنانة فدخل الكنيسة ليلا و لطخها بالعذرة ، ولما علم أبرهة بذلك ثار غيظه و سار بجيش عدده ٦٠ الف جندي الى الكعبة ليهدمها و اختار لذلك فيلا عظيما .
واصل أبرهة سيره حتى بلغ المُغمّس وهناك عبأ جيشه و هيأ فيله و تهيأ لدخول مكة ، فلما صار في الوادي بين منى و مزدلفة برك الفيل ولم يقم ليقدم الى الكعبة و كانوا كلما وجهوه الى الجنوب او الشمال او الشرق يقوم يهرول واذا وجهوه الى الكعبة برك ، فبينما هم كذلك اذ ارسل الله عليهم طيرا ابابيل ترميهم بحجارة من سجيل لا تصيب منهم أحدا الا صارت تتقطع اعضاؤه فتساقطوا في كل طريق وهلكوا بما فيهم ابرهة الحبشي .
اما قُريش فكانوا قد تفرقوا في اعالي الشعاب و تحرزوا في رؤوس الجبال خوفا على انفسهم من معرّة الجيش ، فلما نزل بجيش الغزاة ما نزل رجعوا الي بيوتهم آمنين .
كانت هذه الحادثة في شهر المحرم قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم بخمسين يوما ، فكانت تقدمةً قدمها الله سبحانه وتعالى لنبيه و بيته الحرام ، فلم يسمح جل في علاه باستيلاء نصارى الحبشة على الكعبة وهم المسلمون في ذلك الزمان وأهل الكعبة كانوا مشركين ، ولله في ذلك الحكمة الخفية .
بلغ نبأ هذه الواقعة معظم ارجاء المعمورة حيث كان للحبشة صلة قوية بالرومان في حين كان الفرس لهم بالمرصاد يترقبون ما نزل بالرومان و حلفاءهم و سرعان ما جاءت الفرس الى اليمن بعد هذه الواقعة .
لفتت هذه الواقعة انظار العالم و دلتهم على شرف بيت الله الحرام ، وانه هو البيت الذي اصطفاه الله للتقديس، فاذا قام احد من اهله بدعوى النبوة كان ذلك هو عين ما تقتضيه هذه الواقعة فكان ذلك تفسيرا للحكمة الخفية في نصرة الله للمشركين على أهل الايمان بطريقة تفوق عالم الاسباب ، قال تعالى ( وَمَكَرُواْ مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ) .
ان الاحداث التي وقعت في عام ٢٠٢٠ في كل انحاء العالم و الاخطار الفادحة التي اصابت الاسلام و المسلمين على يد الاعداء تُنبئ بأن مكرا ربانيا سيحدث وهم لا يشعرون .
