ماذا حدث بالقاهرة سنة 88…الجزء الثامن

ماذا حدث بالقاهرة سنة 88…الجزء الثامن
بقلم #فراس_الور
زأرت #المومياوات زئيرا مدويا جعل زجاج المحلات من حولهم يتشقق في شارع مكرم عبيد، كان زئيرهم زئير اسود مهيب ملأ السماء و الارض من حولهم، حتى الناس في داخل عربياتهم التفتوا الى الخارج لمعرفة ماذا يجري، و أطل بعض الموظفين من الطوابق بالمجمعات ليروا ماذا كان يجري بالخارج، حتى الأسود التي حررها الجان اوقفت جريها بين المركبات مرتعبة و ردت رئير المومياوات و لكن لم تتجرء على التحرك من مكانها، فكان زئير الجند مهيبا جدا، بحثت الاسود يمينا و يسارا عن مصدر الزئير القوي الا انها لم تجد سوى #المعركة امامها، اغلق الناس نوافذ عربياتهم من جديد و هم يصرخون بوجه الأسود الهاربة، حاول البعض الخروج بسرعة كبيرة من الأزمة عن طريق السير على جوانب الشارع الا ان الأكتظاظ منعهم، هرب بعض المارة و هم يصرخون طلبا للنجدة حينما رأوا الأسود الهاربة الى داخل المجمعات، تحول الشارع الى فوضى عارمة بسببها و منظر المومياوات المسلحة و هم يحوطون الجان الأزرق،

فجأة أمرت داليا المومياوات “اقتل الجان!!!”

انطلقت نحو سياف ثلاثة حراب حادة بسرعة كبيرة، امسك واحدة فقط بيديه من شدة تعبه لتستقر الأثنتين في جسده، صرخ بجنون من الألم و سقط على الأرض، انتفض جسده و استقر بمكانه يتلوي ثم مكث من دون حراك، تحول جسده رويدا رويدا الى بحيرة من سائل أزرق غليظ ثم اختفى بسرعة في داخل تشققات في الأرض،

صرخة داليا آمرة “اعيدو الأسود الى عربة الحديد!” انطلقت ثلاثة مومياوات بسرعة كبيرة ورائها بين العربيات، كانت الاسود تزأر و تجري بصورة عشوائية في الشارع بسبب ظنها ان هنالك عشيرة اسود بالقرب منها، فتارة كانت تصعد فوق محرك العربيات مسببة الرعب في قلوب الناس، و تارة كانت تحاول دخول المجمعات المحيطة بها الا ان البوابين اغلقوا ابواب بعضها بإحكام، فكانت تعود الى الشارع هائجة، آخيرا ادرك سائق شاحنة السيرك ان الفوضى بالشارع سببها أسوده الهاربة فنزل بوسط الإزدحام هو و مدربهم في محولة لإعادتها، بحثوا ورائها لمسافة قصيرة الا ان منظر المومياوات تسبب لهم بالصدمة و هي تدركها و توقف سيرها، عاد السائق مع المدرب و هما يصرخان من الصدمة و الخوف و راقبا المشهد من داخل الشاحنة، اخرجت المومياوات كرابيج من نار و جلدتها، زأرت الاسود من الألم و وقفت في مكانها و حرس ميريت تروضها، و بعد دقيقة من الجلد المبرح اصطحبتها نحو العربة بكل هدوء، نظر الناس من طوابق البنايات بإستغراب و الأسود تعود الى المقطورة، عادت المومياوات الى ميريت و سجدت حولها صارخة بلهجة فرعونية قديمة “اوامر سمو الأميرة مطاعة، عاش فرعون تحتموس!!!”

مقالات ذات صلة

تحولوا الى عاصفة ترابية بعدها بثواني معدودة، ثم اختفوا كما يختفي التراب بالهواء الطلق، عادت داليا الى طبيعتها، وقفت لدقيقة تتنفس بصعوبة، كانت معركة شرسة جدا احسنت بها الدفاع عن نفسها، و منظر الأسود الهاربة ارعبها جدا فَلِوَهْلَة ظنت ان سياف سينجح بالإنتقام منها، و لكن مستحيل ان تسمح بذلك، الجن لا يجب ان ينتصر بهذه الحرب، كنوز الملكة امانة برقبتها قررت المحافظة على سرية مكانها، كان يتوضح لها رويدا رويدا ان سلطانها بالعالم الفرعوني القديم يعود لها كلما حاول الجان صنع المشاكل للإستلاء عليها،

سمعت اصوات كالهمس من حولها في بادئ الأمر، لم تدرك انه فريد يناديها، كان يناديها من داخل سيارته بتكرار الا انها لم تدرك ماذا كان يريد، فجاة خرج من العربية و سار نحوها و سحبها معه اليها من جديد، ارتفعت سفارات عديدة في خلفية قريبه منهم فكانت الشرطة و الإسعاف بطريقها الى المكان، انطلق فريد بسرعة جنونية في شارع فرعي قريب عليه ليخرج من المنطقة كلها فكان يعلم بأنه لو قبضت الشرطة على داليا لن تستطيع اكمال عملها و حماية بلده من الشياطين التي كانت تطارها،

“داليا هل انت بخير؟”
ارتجفت قليلا و هي تجيب “اظنني بخير، لا اعلم،”
ردً بهدوء “هل كنت انتِ في سوق صور الأزبكية…”
اجابت بإستياء “نعم كنت انا، و ارجوك لا تسالني المزيد، انا تائهة و ليس عندي يقين بشيئ، انا متعبة ارجوك…”
“اهدائي ارجوكِ، لن ارهقك بالمزيد من الأسئلة، لكن ثقي تماما لو امسكتك الشرطة كانت ستضايقك كثيرا، يجب ان تخرجي خارج القاهرة، لا اريد اخافتك لكن كانت هنالك كاميرا للتفزيون المصري تصوير كل شيئ…”
اجابت بغضب “ستنتشر صوري في كل مكان في مصر، هذا ما كان ينقصني،”
“لا تقلقي، سأخرجك الى حيث تريدين، و لكن النيران ستجعل التعرف على وجهك امر صعب، كنت كتلت نيران طوال وقت العراك يا داليا، من انتِ؟”
“فريد خذني الى منزلي، سنحتاج انا و والدتي للذهاب الى سيناء لمقابلة شيخ من شيوخ عشيرتنا، فعنده تفسير كامل لكل الذي يحصل معي…”
امسك هاتف عربيته و قال لها “اتصلي بوالدتك و قولي لها اننا سنتحرك اليوم الى سيناء، لن اتخلى عنك و سننتصر معا بهذه الحرب،”
قابلت حديثه بنظرات عرفان صادقة، اجابت “شكرا لك يا فريد…”
“لا تقلقي بسبب مصروف الفنادق و الإستراحات على الطريق، انا سأتكفل بمصروفكم الى ان تُحَلْ هذه القضية…يبدو لي ان هنالك ايادي خبيثة تلعب لعبة مريبة في داخل القاهرة، “
طلبت داليا والدتها، و ما ان اجابت حتى اخذ فريد سماعة الهاتف و قال “مرحب خالتي، انا فريد البهناسوي زميل داليا بالشغل، انا و داليا بطريقنا اليك، المناسبة سعيدة فهل تحضري الشربات…”
اخذت داليا سماعة الهاتف بسرعة منه، ضحكت رغم استغرابها و قالت “فريد…الوقت ليس مناسب…”
سمع فريد والدتها من سماعة الهاتف و هي تزغرط من الفرح، ابتسم و قال في ذاته “بالعكس…الوقت مناسب جدا سمو الأميرة…”


نظر الساحر الى منقل النار امامه بخيبة امل كبيرة، شعر بالإنكسار لنتيجة المعركة التي رآها امامه فتوقع ان يجبر داليا على النطق بمكان الكنوز، كانت فكرة الحنش الضخم رائعة لولا كانت داليا تستعيد قوتها بكل معركة، سحرة تحتمس و سحرهم مازال يسيطر على هذه السلالة البشرية، او كيف يفسر قدراتها القتالية القوية، لعن في ذاته و قال “تبا لكم من سحرة…!!! تبا لكم!!!” و الغريب قدرتها على تحضير مومياوات قوات صاعقة فرعون، منظرهم و هم يرتفعون من الارض اكواما و يتحولون الى مومياوات ارعبه قليلا فكان هذا الأمر عمل ساحر كبير في علومه، لم يتوقع ان يعيد لها سحرة فرعون سلطانها بالكامل،
“ميريت انا لك بالمرصاد!!! انا و سحري سنقف بوجهك…!!! رئيسنا يسخي علي بالمال الوفير ليعرف طريق كنوز الملكة، فلن اخسر هذه الحرب إطلاقا!!! بيننا معارك كثيرة!!!”
أخذ حفنة من تراب ابيض امامه و قال آمرا “احضر سريعا الى حي السيدة زينب، رداد الأزرق ، رئيسك يطلبك للطاعة امامه هيا،” رمى حفنة التراب على النار فاشتعلت بشدة و انقلب لونها الى الكحلي الغامق، تشكل امامه من ألسنتها صورة انسان صغير، قال له “سمعا و طاعة سيدي”
فجأة ارتفع بالغرفة عواء ذئب شرس، اقترب من قفصه الساحر و نظر الى عينيه، كانتا تستشيط غضبا و توعدا، قفز الذئب بين قضبان الحديد و حاول عض الساحر الى ان الجان الصغير فجأة تمدد حجمه و وقف بينهما، فاصطدم به و ارتفع عويله حينما شعر بألسنته الحارقة، عاد الذئب الشرس الى الوراء متألما، نظر الجان الى الساحر قائلا “علمت ما في ذهنك، اسقيني من دمائه فيحدث ما تريد،”

اخذ الساحر خنجر و اعطاها له، فافترب منه و جرحه فنزفت دمائه، شرب الجان و اعطى الساحر قليل مما تبقى، ذهب الساحر الى منقله المشتعل و رمى بعض قطرات من دماء الذئب، استعرت النيران و تشكلت رؤيا جديدة امامه، وضع يده في النيران و حاول فردها و تكبيرها براحتيه الى شبه شاشة مسطحة فكبرت و اصبحت واضحة للجان،

فسأل “هذا ليس زماننا، اعطيني المكان و الزمان،”
قال الساحر آمرا “مديرية شرطة الإسكندرية، بالمستقبل في سنة 2022،


30 حزيران 2022…الإسكندرية
جلست النقيب نسمه الشريف من شرطة الإسكندرية على مكتبها في غرفة الأرشيف تطالع بعض من الملفات القديمة، كانت الساعة قد شارفت على الحادية عشرة ليلا و كان الهدوء يخيم على الطابق الأرضي للمديرية، فكانت غرفة الأرشيف في مكان نادر ما يدخله احد، فكانت هذه الغرفة ارشيف متكامل و كانت تحتوي على جميع الملفات و القضايا التي تعاملت معها المديرية منذ تاسيسها الى ايامها المعاصرة، و كانت غرفة الأرشيف المحطة الآخيرة للملفات حيث توضع بها حينما تؤيد القضايا ضد مجهول او يتم الحكم على المطلوب فيها من قبل المحكمة، فتوضع الملفات حينها بحسب التاريخ و الأشهر بترتيب مكتبي على الأرفف الكثيرة فيها،

و مؤخرا صدرت ارادة مراتب امنية عليا بتدقيق القديم منها و التأكد من وضعها الورقي، حيث طُلِبَ بتصوير الأوراق القديمة و المهترء منها و استبدالها بنسخ ورقية جديدة، او حينما يتعذر ذلك صنع له نسخة على سكانر و طباعة نسخة منه ورقية لغايات توثيقية خاصة بالمديرية، و كانت هذاه الأوامر الدافع لنسمه بتقسيم العمل بينها و بين زملائها الى ورديات لأن عدد الملفات كان بالآلاف، فتم الإتفاق على ان يكون ضباط شرطة اثنين بوردية الليل للتدقيق و خمس بالنهار في غرفة الأرشيف الى ان يتم انجاز الأوامر بالكامل،

تصفحت نسمة ملف بين يديها لقضية حدثت بعام 1970، فكانت لسرقة بنك من البنوك في المهندسين، و تمت على يد عصابة محترفة كادت ان تنفذ بفعلتها لو لا تمكن رجال المباحث من معرفة هوية اعضاءها بالكامل، العصابة كانت محترفة لدرجة انها لم تترك ورائها دليل واحد يساعد الشرطة بعملها، الا ورقة كانت بحجم نصف ورقة كاملة مكتوب عليها اصناف بعض من المواد التموينية، رجل ذكي من المباحث اكتشف امرها في مسرح الجريمة و كانت الخيط الذي احتاجه لفك اللغز، قرأت نسمة بإنبهار كيف تنبه رجل المباحث الى ان الخط على الورقة فيه تعرجات صغيرة كالذي يحدث مع رجل يتعافى من جلطة دماغية، و دقق باي بصمات ممكنة على الورقة ليتعرف على هوية اللصوص خلال فترة بحث دامت شهرين بأكملهم، كم كانت عمليات تدقيق البصمات مهلكة في ذلك الزمن فلم يكن الحاسوب موجودا، فكانت تتم المطابقة على يد فريق كبير حيث كانت تسحب اصول الفيش و التشبيه و عددها بالآلآف و يتم معاينة البصمة من موقع الجريمة مع ملفات المشكوك بأمرهم من مجريمين،

اخيرا استطاع رجل المباحث معرفة احد افراد العصابة، و كان ذو سوابق، و ذهب الى بيته و نجح بالإيقاع به، و تبين انه ادخل الى احد المشافى الحكومية في مصر منذ فترة بعد اصابته بجلطة، و بمواجهته بالأدلة اعترف بالجريمة، و اعترف على زملائه و قبض عليهم جميعهم، و اللافت بالأمر قناعة رجل المباحث بأن الورقة للجاني، فلاحظ عند معاينة الجريمة ان ارض البنك كانت نظيفة خالية من الأوساخ مما اشعره ان عمال النظافة نظفوا ارض البنك قبل رحيلهم في ذلك اليوم، فلذلك حينما وجد اثار الكسر على مدخل من مداخل البنك و الورقة على الأرض وصل الى نتيجة حتمية ان الورقة لأحد افراد العصابة، او بغير ذلك لتمت ازالتها قبل رحيل وردية النظافة، خيط صغير و لكن حلله رجل المباحث بطريقة صحيحة مما ساعد الشرطة بإعلاق الملف بالسرعة الممكنة،

نهضت نسمه من مكانها بعد شعورها بالكسل نتيجة جلوسها طويلا لقراءت الملفات، فتحت نافذة كبيرة كانت على يمينها مباشرة و استنشقت هواءا رطبا منعشا كان قادما من نواحي الشط مباشرة، كم كان منعشا للرئة بعد ساعات من تنفس هواء المكاتب المغلقة و التكيف المركزي، ذهبت الى جانب من الغرفة و اغلقت التكيف المركزي ثم عادت و اكملت متاعها بالوقوف قليلا قرب النافذة، مرت شلة بنات بالقرب من شارع المديرية و هي تسير ببطئ، فجأة ارتفعت بالأجواء اصوات ضحكات شابة جميلة جدا، كن يتحدثن عن ترتيب لزفاف صديقه لهن، ابتسمت نسمه للحوار الدائر بينهن و قالت في ذاتها “عقبى يوم زفافي…يا رب ان يفرح بي اهلي قريبا،” نظرت الى الساعة فشعرت ان الوقت يمر بسرعة، كانت الحادية عشرة و النصف، التقطت هاتفها النقال و طلبت رقم زميلتها نهال، رن الهاتف بضعة مرات فقابلتها زيملتها بسلسلة اعتذارات،
“آسفة يا نسمه، انا اقوم بركن العربية و انت تكلميني بالقرب من المديرية، انا في خجل كبير منك، آسف،”
“يو يا نهال، لماذا لا تتصالحي مع حضرة الضابط ليسمح لكي بالأصطفاف في ساحة المديرية…”
“انها مسألة مواقف، هو قليل أدب معي بالذات، و كأنه لا يطيقني،”
“ربما لأنك فُرِضْتِ عليه بالواسطة، اطلبي من عمك التكالم معه…”
“عمي لواء بالجيش، قد لا يحب التكلم معه خصوصا بعد منعه لي الإصطفاف بساحة المديرية، انا سأربيه بطريقتي الخاصة…”
“يا سخن يا كبير، ربيه يا وحش في الغد او بعد الغد، الآن تعالي الى المكتب لنراجع بعض الملفات، ثم انت قلت لي تأخير ساعة، انا سامحتك بساعتين، ضريبتك ان تقرأي بعض الملفات و انا سأرتاح…”
“سنتفاهم…” صرخت فجأة “ماذا هنالك…ابتعد عني…!!!”
“نهال…ماذا هنالك!!!”
“يا كلب!!! أأأأخخخخ!!! أأأأيييي!!!”
صرخت نهال صرخات موجعة تقشعر لها الأبدان، سألت نسمه بقلق شديد”نهال اين انت؟! سأرسل لك زملاء من المديرية؟!”
اتصلت نسمة بالعقيد مينا سالم و أخبرته قائلة “سيدي كنت انتظر زميلتي للقدوم الى المديرية، و فعليا حضرت منذ دقيقة، و لأن مديرنا المباشر منعها من الإصطفاف في ساحة المديرية اضطرت الى ركن سيارتها بالقرب من المديرية، و فجأة وهي تكلمني اتبدأت بالصراخ و كانت تشتم اظن من اعتدا عليها للتو…”
اجاب مينا بقلق “سأرسل دورية سير لتفتش كل ركن من محيط المديرية فورا!!! و لكن من سيعتدي على ضابطة بالقرب من مكان عملها!!! و بمحيط مديرية الشرطة!!!!”
“بوركت سيدي، شكرا”
و في غضون ثواني انطلق ما يقارب عشرين رجل امن سيرا على الأقدام و سيارتان لتمشيط محيط المديرية، تمت اضاءت محيط المبنى بالكامل بالكشافات، تبدل حال محيط المبنى و الدوريات تقوم بواجبها، نظرت نسمه الى السماء الصافية المليئة بالنجوم وللقمر المكتمل فوقها، دعت لزميلتها العودة سالمة الى ورديتها بالمديرية، دمعت عينيها و هي تتذكر كيف صرخت بشدة من الهجوم الذي تعرضت له، مرت الدقائق كالساعات و هي تنتظر الأخبار من رئيسها، و لكن لم يأتيها اية اخبار تبشر بالخير، انقبض قلبها داخل صدرها و مديرها المناوب يخبرها بعد عشرة دقائق من البحث الحثيث بمحيط المديرية انهم لم يجدوا اي اثر لها او لعربيتها، و المريب بالموضوع هو تأكيد اسرتها بأنها توجهت الى عملها منذ نصف ساعة بعد اتمام ارتباط اجتاعي،

سألها العقيد مينا “أسف لا اقصاد ان اكون قليل أدب معك و لكن على حد معرفتك فيها هل لزيملتنا نهال مشاكل مع المشروبات الكحولية او الحبوب المخدرة،”
اجابت مؤكدة “صدقا يا باشا انا اعرفها منذ سنة كاملة، منذ ان انتقلت الى الإسكندرية، ليس لها مشاكل تعاطي إطلاقا…”
“لا حول و لا قوة الا بالله، انا اطلقت تعميم شامل عنها و عن ملابسات بلاغك لكل لجنة موجودة بمحافظة الإسكندرية، لو هي على قيد الحياة و تقود عربيتها او حتى لو كانت بأي زاوية جريحة من اي حادث سيجدونها رجال مباحثنا، “
“سترها الله يا باشا،”
“ليس بمقدورنا فعل اي شيئ لها سوى الصلاة الى الله، اجلسي و اكملي عملك و هي مجندة جيدة من قواتنا، و بإذن الله نتمنى انها احسنت الدفاع عن نفسها ضد اي مكروه،”
“شكرا يا باشا،”
جلست نسمة في خيبة امل كبيرة على مكتبها، كانت تعلم انها لن تستيطع فعل شيئ قبل ان تطمئن على زميلتها، فجأة احست من الضيقة و القلق أن ثياب الشرطة تخنقها و النعل الذي بقدميها كقالب الإسمنت، فتحت ازرار السترة التي كانت ترتديها و خلعت النعل من قدميها و داست الأرض حافية من شدة تعبها، حاولت اعادة بعض الملفات الى امكنتها على الرف، سمعت اصوات طقطقت نعل بعيدة خارج غرفة الأرشيف، ظنت انه ربما يكون زميل لها قادم الى الغرفة ليخبرها بما اسفر البحث عنه، اعادة اغلاق ازرار سترتها و لكن بقية حافية، فكانت متعبة جدا، دخلت بين مكتبات الأرشيف و ابتدأت باعادة الملفات مكانها، فجأة ارتفع صوت طقطقت النعل و كأن أحدهم دخل غرفة الأرشيف، كانت اشبه باصوات نعل نسائية، شعرت و كأن الزائر جلس فجأة على كرسي من كراسي المكتب، تسألت “هل يمكن ان تكون نهال…؟”
وضعت الملفات التي بين يديها على رف قريب منها ثم توجهت نحو مكتبها و هي تنادي “نهال!!! من في المكتب؟!!”
توقفت عن المسير فجأة حينما لمحت شيئا على الأرض، كان هنالك سيل من الدماء يمتد تدريجيا من زاوية مكبتها الى منطقة مكتبة الأرشيف، شعرت برعب كبير و هي تنظر الى الأرض الملطخة بالدماء امامها، كان هنالك امر مريب في مكتبها، تسارعت الأفكار في ذهنها عن ما يمكن ان تتوقع و هي تسير ببطئ نحو مكتبها…من ينزف؟ نهال؟ انقبض قلبها في داخل صدرها و هي تقترب من مكتبها، داست على الدماء و هي حافية و مصدومة مما يحصل حولها، وصلت الى نهاية مكاتب الأرشيف و تتبعت بعينيها سيل الدماء الى ان فجعت بمنظر زميلتها نهال تنزف على كرسي من كراسي المكتب،
صرخت بجنون “نهال!!! و هي ترى اثار مخالب وحشية تغطي سواعدها و ساقيها!!!”
تحول صراخها الى عويل و هي تنظر الى جسد نهال النازف…حتى وجهها كان مشوه بالكامل و كأن المخالب سلخت جلدها فالظاهر منه كان احمر من شدة النزيف…”
جَرَتْ نسمه الى الباب لتطلب المساعدة و لكن انغلق الباب امامها بقوة، و كأن يد خفية ارادته موصدا كليا، التفتت الى نهال من جديد لتراها تنهض من مكانها، سارت بضعف كبير بالرغم من نزيفها و قطعت اسلاك التلفونات الارضية…صرخت قائلة “نهال ماذا تفعلي، اريد ان اطلب لك الأسعاف!!!”
نظرت اليها و قالت بضعف بنبرة خشنه “ابتعدي عني…و ألا اصبحت واحدة مننا…”
“ماذا تقصدين!!! حبيبتي هيا اجلسي و ستهتم بأمرك الأسعاف!!!”
كان لباس الشرطة التي عليها ممزق بالكامل من مخالب حيوان ما، نظرت نهال من النافذة الى السماء، فجأة ابتدأت بالصراخ من شدة الآلم، صرخت نسمة لها “ماذا حل بك يا نهال؟ من فعل بك هكذا؟”
اهتز جسدها يمينا و يسارا و هي تحاول الإبتعاد عن النافذة و لكن من دون جدوى، صرخت لنسمة من الألم “انه في داخلي!!! يمزقني من الداخل و الخارج!!!”
فجأة انتفض جسدها و ابتدأت تتغير معالمه، صرخت نسمة من الرعب و هي ترى مخالب وحشية تنمو فجأة على يدين و قدمين نهال، كبر حجم قدميها و مزقا نعلها النسائي لتمكث حافية القدمين، انحت نهال من الألم و ركعت على الأرض و جسدها ينبت له بسرعة كبيرة فروة كثيفة، كانت تنظر الى الأرض و تصرخ من الألم و معالم جسدها تتغير الى ما يشبه وحش شرس، نظرت نسمة مصدومة الى شعر نهال الطويل وهو يتحول الى فروة كثيفة، صرخت “النجدة ساعدوني!!!” ليسمعها احدهم و لكن من دون فائدة، فجأة انتفض جسد نهال بقوة و هي تنهض و تنظر الى نهال، تغيرت معالم وجهها لتشبه ذئب شرسا، فكانت له فروة تغطيه بالكامل و شوراب طويلة تنطلق من اعلى فمها، انطلقت من عينيها نظرات غضب قاتلة جعلت نسمة تحاول الهرب الى خارج المكتب، لم تصدق نسمة ان احدا لم يسمع صراخها، حاولت فتح الباب و لكن من دون جدوى، انطلق من المستذئبة عواء زلزل مكتب الأرشيف فغطت نسمة اذنيها من قوته،
ركعت امامها متوسلة و باكية “نهال، انا زميلتك، نسمة، ارجوك ان لا تؤذيني، اتوسل اليك ان تدعيني اذهب !!!”
اجابتها بصوت خشن كالرجال”اريد ملف قضية حدثت بالقاهرة سنة 88،” اقتربت منها رويدا رويدا فنهضت نسمه و هي ترتجف من الخوف، سألتها و هي تسير معها نحو المكتبة “ما اسم الملف و سأعطيك ما تشأين،”
“هيا لا تضيعي وقتي، اسم القضية قضية كنوز نفرتيتي، اغلقت في اواخر سنة 88،”
صرخت فجأة “تذكرتها،” توجهت مسرعة الى جانب من جوانب المكتبة و تناولت ملف ذو اوراق كثيرة و اعطتها لنهال التي كانت تلحق بها بترقب، اسرعت الى النافذة و اعطته ليد اطلت من اسفلها، كنت يد غير انسية و مريبة المعالم، و كانها لمخلوق وحشي آخر، فجأة سمعت نسمة اصوات وقع اقدام و طقطت نعول تجري صوب ارشيف المديرية، ارتعبت من منظر اليد التي اخذت الملف من نهال فصرخت “اعوذا بالله من الشيطات الرجيم، باسم الله الرحمن الرحيم!” نظرت اليها النستئذبة بغضب و صرخت بصوت عظيم “لا تذكري الله امامي…”
اجابت نسمة “استغفري ربك يا نهال!”
“ربي هو ذئب الجان!!! هذا ما عارفه!!!”
غضبت المستئذبة منها و اسرعت نحوها، فجأة سمعت زملائها من خلف الباب يصرخون الدماء تتوقف عند باب الأرشيف، حاول احدهم فتح الباب من المقبض بعنف و لكن من دون جدوى، فصرخ من خلف الباب “نسمة هل انت في الداخل!”
“نعم انا هنا!!! اكسروا الباب بسرعةّ ارجوكم!!!”
ابتدأوا رجال الشرطة بكسر الباب لتصرخ المستئذبة “اخرسي!!! انت السبب بوجودهم!!!
اسرعت الى النافذة لتهرب مع دخول رجال صاعقة الشرطة و هم مدججون بالرشاشات، اطلقت المستئذبة عويلاً عاليا صدمهم و ابقاهم لبضعة ثواني مرعوبين من منظرها، صرخ مينا مصوبا السلاح عليها “من هذه الشيطانه!!!”
وقفت نسمة بينها و بين الشرطة “انها نهال، انها ممسوسة من الجن!َ!!”
أمر ملازم من صاعقة الشرطة “عندنا اوامر بقتلها!!!”
شحنوا اسلحتهم و صوبوها عليها لتصرخ نمسة “مينا!!! نهال مسيحية مثلك، استطيع اخراج الجن منها، اعطيني الصليب الذي ترتديه!!!”
وقفت المستئذبة مكانها لوهلة بينما خلع العقيد مينا الصليب الذي يرتديه، رماه الى نسمة، فانتزعت آية الكرسي التي كانت ترتيدها حول رقبتها وجمعتهم بقبضتها، رمتهم على المستتئذبة بسرعة، حاولت ابعادهم بمخلبها بعيدا فاستشاطت من الغضب و الآلم حالما لمسوا جسدها، انتفض جسدها بشدة و اتقدت به نار آكلة انتشرت به من رأسها الى كعب قدميها، ابتدأ كائن خشن الصوت بالصراخ من داخلها و النار تحرقها، خرج منها عامود نار تشكل الى هيئة ثور و ابتدأ بالصراخ من الالم لدقيقة ثم غادر الغرفة من النافذة، نظر فريق الصاعقة برفقة العقيد مينا برهبة لما حدث امامهم، انتظروا النار لتنطفئ من جسد نهال ، سقطت ارضا لتختفي عنها معالم الذئب و تعود الى جسدها المشوه، جرت نحوها نسمه ثم لحقها فريق الصاعقة لتفقدها، فحصت نسمه نبضها فصرخت “مازال بها نبض، الله يريد لها ان تعيش،”
اخذ العقيد مينا هاتفه النقال و طلب الطاقم الطبي المتواجد بالمديرية للحضور فورا الى الأرشيف لنقل نهال الى اقرب مستشفى، اغلق الخط مع الأسعاف قائلا لنسمه “ماذا بحق الله و الملائكة حدث بهذه الغرفة!!! اريد اجوبة منك لأنني سأكون مجبورا لتقديم تقريرا مفصلا الى وزارة الداخلية،
“حال نقل نهال الى المستشفى، حاضر سيدي!”(….يتبع…)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى