لقد عرف العالم حقيقتكم أيها العرب / أحمد فخري العزام

لقد عرف العالم حقيقتكم أيها العرب

في كل جمعة فقهائنا يخطبون ليعلموا الناس نواقض الوضوء و مبطلات الصيام بدل أن يوجهوا الشعوب كيف يحفظوا كرامتهم و يتسلحوا بالثقافة و العلم ليستثمروا ثرواتهم و يحموا أنفسهم من الجوع و يقفوا صناديد ذودأ عن مقدساتهم و ترابهم .
بل أصبح الفقهاء يعلمون الشعوب الخنوع و يروّضونهم جيدا لتقبل الظلم و التسليم لما يأمرون به دون أدنى إعتراض على ما تقوم به حكوماتهم من إعتداء على حقوقهم و عدم إقامة العدل.
على مدار أكثر من تسعة و ستون عاما من التخدير للشعوب لكنها مازالت القدس حاضرة في ضمائرهم و ذكرياتهم ، غائبة عن ضمائر الساسة و الحكومات أولئك الذين شجبوا و استنكروا و اكتفوا بالصمت احيانا و بعضهم يوحي لك أنه غير قادر على الشجب وذلك أضعف الكرامة أقوى أنواع النفاق.
الشعوب العربية أصبحت ما بين فئات جاهلة و أخرى لاجئة مشردة متسولة في كل دول العالم،و عندما تقوم بجولة في الدول العربية لا حزن و لا حداد و لا انفعال حقيقي بل سهرات و ليالي حمر و خمر و حشيش و نبيذ و جنس… شعوب لاهية و نخب إنتهازية و حكومات للثروات ناهبة.
منذ أيام امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بحسابات أبناء العروبة المنكوبة بصور و عبارات عن القدس و المسجد الأقصى و التوسل لاسترجاع و لو أطراف كرامتهم بعد خطاب سيد القوم الرئيس المعظم ترامب ليعلن اعترافه بالقدس عروس عروبتنا انها اغتصبت و فضت بكارتها و أنها أهدُيت لبني صهيون .
تجد العرب في كل مكان خلال هذين اليومين جميعهم مشغولين في الصباح بلقمة العيش و البحث عن قوت أطفالهم و مساءً يبكون عبر مواقع التواصل على قدسهم التي ضاعت بين خبايا وعد بلفور و ما أقرته أوسلو و ما نفذه ترامب.
ترامب الرئيس الأمريكي الحالي في وقت ولايته جاء موعد تنفيذ ما تبقى من الخطط السياسية المتفق عليها و إعلان نقل السفارة الأمريكية إلى القدس و التصريح بأن القدس الشريف (أورشليم كما يودون أن ينطقوها) عاصمة لدولة إسرائيل المزعومة، هو ليس العدو الأول لكم يا شعبنا العربي المهزوم بل ترامب العدو الأكثر جرأة عليكم و الأكثر احتقاراً لكم من بين كل سلفه و من اتفق معهم لتنفيذ مخطط بني صهيون أولياء نعمتهم و استكمال مشروع قيام الدولة المزعومة إسرائيل ،و الله ذكرني ترامب بقصة أبره الحبشي حينما قدم لهدم الكعبة المشرفة مستنفراً ظالما باطشا ، و أوجعتني ردة فعل العرب عليه و ضعفهم و كأن الجميع يقول له : لنا منازلنا و كراسينا نحافظ عليها و للقدس رب يحميه.
حان الوقت للشعوب أن يضعوا حدا للعبث و التسيب الذي يعيشون و ينهجوا سياسات حقيقية للنهوض ببلدانهم و خدمة أوطانهم بدل التذلل لسياسات لم تجعل منهم إلا عبيدا يأتمرون بأوامر الغرب… ما هكذا نريد لكم أن تكونوا يا أبناء العروبة و يا حكام العرب و سياسيوها و ما هكذا نريدكم أن تعيشوا يا شعوب الأمة العربية.
سوف نحرر القدس المحتلة و تصبح عاصمة أبدية للدولة الفلسطينية و سوف تخضع أمريكا لإرادة العرب، لكن بشرط أن نترك النفاق و الكذب على النفس و نشخص مرضنا و الأسباب الحقيقية التي أوصلت الأمة لهذا الذل و الخنوع.
….

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى