” لا تفتح فمك …” / د . محمد شواقفة

” لا تفتح فمك …”

يقال ان النصيحة كانت تباع بجمل و لكن لا يذكر التاريخ أن ذلك حدث فعلا …. و لا أعتقد أن هناك من يبيع أو يشتري النصائح … و كثير منا يلعب دور الناصح بين الحين و الآخر و مجانا و بدون أية شروط … و قد أكرمني أحد الاصدقاء بنصيحة لا أعتقد أنها من بنات أو أخوات أو أي من أقارب أفكاره … ” إمش الحيط الحيط و قول يالله الستيرة” … و هي دعوة صريحة بأن لا أتكلم بما أسمع … ولا أتحدث عما أرى …. و أتخيل نفسي ككائن من خارج الزمان …
كنت أتسوق بدون هدف من أحد البسطات التي جمعت الكثير من غير الضروري و مما لا يمكن ان تحتاجه يوما ما … و لم يك البائع شديد الحرص على أن يقنعني بأي شئ …. و كنت بفضولي أحاول أن أفهم ماهية تلك البسطة و ما تحويه …وقعت عيناي على علبة براغي متعددة القياسات و الاحجام… و دخلت مع البائع بمفاوضات لأجل السعر .. مع أنني لا احتاج لأي قياس… و لكنه أصر على سعره الذي بدا لي باهظا و أصريت بعناد على أن يعطيني ثمنا ارخص و أفضل… و اتفقنا على ” أربعة دنانير فأعطيته ورقة ” العشرين” التي لا أحمل غيرها …فأعاد لي ” ستة دنانير فقط “دخلت معه في نقاش يشبه المشادة دون أي داع فهو ينكر علي حقي و ادعى بأنني أعطيته ” عشرة دنانير فقط “….. و فوق ذلك تجمع علي أهل السوق
ينظرون إلي نظرات الاتهام ….ادركت انني سأخسر كرامتي و ربما بعض اسناني فغادرت البسطة حانقا ملوما محسورا و تذكرت قولا للشعراوي رحمه الله لا تستخدم فمك الا بـ شيئين فقط : هما الصمت و الإبتسامة؛ الإبتسامة : لحل المشكلات .و الصَمت : لتجاوز المشكلات.
و رغم عدم اقتناعي بأنه لا يوجد كلام من فضة و لا سكوت من ذهب….. فقد اعتبرت نفسي منتصرا بالانسحاب و الصمت بأقل الخسائر…… و لدي علبة براغي من مختلف المقاسات ….

“دبوس على الكلام”

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى