كفرقدوم….. أرض الشهداء / مهند ماجد الخطيب

كفرقدوم….. أرض الشهداء
كانسان مسلم وعربي عندما تسمع أن هناك شهيداً على أرض فلسطين ارتقى إلى مراتب الشهداء في جنات الخلود فإنك تشعر بمشاعر غريبة تتضارب ما بين الفرح لهذه المنزلة التي نالها والألم على الفراق ناهيك عن الحقد والغضب على هذا المحتل الذي أهلك العباد والبلاد والذي لا يرحم كل ما يتحرك على أرض فلسطين الحبيبة.
ولكن عندما يكون هذا الشهيد من أهلك ومن أبناء قريتك التي تنتسب إليها وتحبها وتفتخر بها فإنك ولا بد ستشعر بمزيد من الألم والحزن والغضب مع كثير من الفخر والاعتزاز بأنك من أهل الشهيد.
نعم أنا أردني العشق والهوى, فلسطيني الأصل والمنبت , قدومي أنتسب إلى كفرقدوم الحبيبة تلك القرية العظيمة بأهلها وعلمائها ورجالها وأرضها وزيتونها, ولمن لا يعلم فهي قرية تقع إلى الغرب من مدينة نابلس باتجاه مدينة قلقيلية, استفاق أهلها عام 1967 كباقي مدن وقرى الضفة الغربية وقد سقطت بيد الاحتلال الصهيوني الغاشم الذي سيطر على أحد المواقع التي كان يشغلها الجيش الأردني قبل الحرب بساعات لينشأ عليها مستوطنة قدوميم ذلك الجسد الغريب المزروع في خاصرة القرية والذي بات الآن يتحكم بحركة العبور من وإلى القرية عدا عن التهام آلاف الدونمات من الأراضي المشجرة بالزيتون الضارب في أعماق الأرض والتاريخ.
نعم إنها كفرقدوم أرض الأنبياء وقرية الجهاد والكفاح التي وقف أهلها ومنذ عام 1948 وما قبل إلى جانب أبناء الشعب الفلسطيني للدفاع عن الأرض والعرض, قرية قدم أهلها عشرات الشهداء الذين سقطوا على أرض فلسطين الحبيبة لتشرب أرضها من دمائهم الطاهرة معلنة ومؤكدة أن هذا التراب مقدس وأنه لم ولن يكون بإذن الله الا ملكا لأهل فلسطين وأن هذا الاحتلال زائل لا محالة وسيرحل عن أرضنا وسنحمله كل بغض وحقد وارهاب تسبب به حتى جثث قتلاهم لن نسمح لهم أن تبقى في جوف أرضنا وترابنا تدنسه وتنجسه.
رحم الله تعالى شهدينا ابن العم جهاد برهم القدومي الذي استشهد يوم أمس على حاجز قلنديا فهو ليس أول شهيد ولن يكون آخر شهيد فقافلة الشهداء من فلسطين عامة ومن كفرقدوم الحبيبة خاصة ستبقى وستستمر حتى تحرير آخر شبر من أرضنا ومقدساتنا.
نعم لم أتشرف حتى اللحظة بزيارة كفرقدوم الحبيبة لكن والدي زرع في حباً وارتباطاً بها لن يتأثر ببعد المسافة, أو بطول الزمن, أرسم لها في مخيلتي خريطة اتنقل فيها ما بين بيت جدي رحمه الله تعالى إلى أراضيه المختلفة المنتشرة في أنحاء القرية, أحفظ أسمائها, وأتعلم حدودها, أشتم رائحة أشجار الزيتون التي مضى على بعضها أكثر من 60 عاماً والتي غرسها جدي رحمه الله تعالى بيديه الطاهرتين, أسعد بصور بيوتها فهذا بيت عم وهذا بيت خال وهاذ بيت نسيب وكلي أمل وثقة بإذن الله تعالى أنني سأزورها قريبا جدا أنا وأبنائي لأزرع فيهم ما زرعه والدي الحبيب في وفي إخوتي من حب وانتماء لكل ذرة تراب مقدس فيها وفي فلسطين الحبيبة.
حفظ الله تعالى أردن الحشد والرباط, وبارك الله تعالى فلسطين الجهاد والكفاح, وتحية عز وإباء و فخر وكبرياء لكل شهيد بذل أغلى ما يملك دفاعاً عن أرضه وعرضه ومقدساته.
{ وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} صدق الله العظيم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى