قراءة لما جاء به ترامب / أحمد فرحان

قراءة لما جاء به ترامب
اطل ترامب واعلن بان القدس عاصمة بما يسمى اسرائيل، واوعز بنقل سفارة بلاده بالكيان الصهيوني الى القدس، يتسائل العرب عن التوقيت، وكأن الموضوع مقبولٌ به ولكن بتوقيت آخر.
القدس هي ليست مجرد مدينة او عاصمة متنازع عليها، بل هي المدينة التي يحوز عليها الاقوى على مر العصور.
حاول الاحتلال الاسرائيلي عام 1948 الاستيلاء على كامل القدس، ولكنها كانت عصية على الاحتلال، وتشبث اهلها بالجزء الشرقي، الذي يحتوى على المقدسات، وما زال اهلها مرابطون رغم الاحتلال، ورغم التهويد، ليجعلوا من القدس قضية مركزية لجميع المسلمين، لما تحتويه من مكانة اسلامية لكونها اول القبلتين، وثالث الحرمين، ومسرى النبي الاسلامي عليه الصلاة والسلام.
القدس وقف المسلمين وليست لعبة السياسيين، وكل من يحاول ادخالها لمعترك السياسة سيفشل فشلا ذريعا، ولن تحميها سياسة الحكام، بل قوة الشعوب الاسلامية وتماسكها، وليس ضعف حكامها وانبطاحهم.
قرار ترامب هذا لم يكن قرارا جاء به الرئيس المثير للجدل، لانه وببساطة لن يُترك القرار الامريكي يوما بيد ترامب او اي رئيس سواه، والقرار هو قرار امريكي على مستوى المؤسسات، وليس على مستوى الرئاسة، لذلك سنخرج من قوقعة قرار ترامب غير المسؤول والقرار الذي اتخذه الشخص غير المسؤول.
لنذهب لما جاء به ترامب، واعلان القدس عاصمة اسرائيل، القرار ليس قرار ترامب، وهو قرار الكونغرس الامريكي إبان توقيع اوسولو في اواسط التسعينيات، وعو قرار يعتبر الاقوى في الذي يتم اتخاذه في اعلى مجلس امريكي منتخب.
التنفيذ الامريكي لقرار الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، هو ما كان قيد التأجيل، ولذلك حسب الظروف التي يمر بها العالم، وجاء المحللين لاعلان هذا القرار بهذا التوقيت، لانخفاض شعبية ترامب الداخلية، وجاء به لغض النظر عنه داخليا، وهنا نعيد ما جئنا به بأن ترامب ما هو الا الوجه الظاهر لامريكا الذي لا يمتلك القرار الامريكي، وان المجتمع الامريكي تحكمه مؤسسات ربنا تفوق قوة اي رئيس يتولى ادارتها.
لننظر لظروف المنطقة، ونربطها بما جاء به ترامب، فالوضع العربي بعد نجاح الثورات المضاده في وأد الربيع العربي، هو الاسوأ على مر العصور، وهو الاضعف منذ مئات السنين، وهو المُقيد من القوى العظمى بقيد لم يكن له مثيل، وهو قمة الضعف الذي تمر به اي دول وحكومات، لذلك لا بد من استغلال هذا الضعف العربي والاسلامي في العالم، لاعلان القدس عاصمة لاسرائيل.
توقيت الاعلان جاء بما يضمن عدم وجود قوة حقيقية لرفض القرار ورده للادارة الامريكية، وجاء ثمرة جهد امريكي اسرائيلي منذ سنوات لحكم السيطرة على القرار العربي، وخصوصا المصري والسعودي.
وايضا ربما ان توقيت اعلان القدس عاصمة لاسرائيل، يبشرنا بتغيرات في المنطقة العربية، تفقد من خلالها الادارة الامريكية واسرائيل السيطرة على قرارات المنطقة العربية، وان هذا الاعلان جاء لاستغلال قمة السيطرة على القرار العربي.
ربما ما لم تحسب حسابه الادارة الامريكية، بأن هذا الاعلان اعاد للقضية الفلسطينية ككل زخمها على المستوى الشعبي العربي والاسلامي، وان مثل هذا القرار، وإن تم تمريره سياسياً، فلن يمر شعبياً، وسيزيد من صمود المقدسيين وتشبثهم بالقدس، ورفض الاحتلال واي مظهر من مظاهر التهويد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى