الانقلاب والشرعية / أحمد فرحان

الانقلاب والشرعية
قدمت مصر في الاونة الاخيرة تنازلات اقتصادية وسياسية تكاد تكون من اضخم التنازلات في العالم، من شأنها اعتراف العالم بالانقلاب العسكري الدموي الذي قام به الجيش المصري بقيادة وزير الدفاع اللواء عبد الفتاح السيسي على الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي.
هذه التنازلات كانت تنازلات بالارض كجزيرتي تيران وصنافير، وتنازلات بحقوق مصر بمياة النيل كتوقيعها على اتفاقيات سند النهضة الاثيوبي، وتنازلات سياسية كما يحصل بالوضع السياسي المصري مع الكيان الصهيوني، والتبعية الاميريكية غير المسبوقة.
هذا من شأنه تثبيت الانقلاب العسكري والاعتراف الرسمي به على مستوى الدول، وقد نجح الانقلاب بذلك على حساب حقوق الشعب المصري وحرياته.
السيناريوهات المطروحة للجيش المصري بعد اربع سنوات من الانقلاب وحسب الدستور الذي انتجه هذا الانقلاب، هو تجديد فترة رئاسية للحكم العسكري، والارجح ان يبقى قائد الانقلاب العسكري في هذا المنصب كونه عمل خلال سنوات حكمه على تحكيم قبضته على مفاصل الدولة، والهيمنة على مؤسسات الدولة جميعها بالقوة المفرطة.
الانقلاب العسكري سيبقى انقلابا مرفوضا من الشعوب الحرة جميعها، وسيبقى الحكم العسكري مرفوضا مهما طال، وستظل وتيرة المعارضة التي تدعم الشرعية قائمة، وسيظل المصريين رغم الخوف شجعاناً.
الاوضاع الاقتصادية التي تمر بها مصر، بحكم عدم خبرة النظام الحالي من جهة، وتنازلاته الواضحة من جهة اخرى، ستؤدي بمصر الى الهاوية، وستزيد من حدة المعارضة، وستوسع من حجمها.
هذه الاوضاع لا اظن ان قيادات الجيش لا يعلمونها، وان الاوضاع المستقبلية في ظل وجود هذا النظام معلومة لهم، ولذلك لا بد من اتخاذ تدابير من شأنها تخفيف التوتر في الشارع المصري.
في حال فكر قيادات الجيش باستبدال رأس النظام باخر، وبقاء الحكم العسكري، وخصوصا في حال اختيار شخص ذو صبغة مدنية مواليا للعسكر، من شأنه تهدئة الاوضاع في الشارع، وتخفيف حدة المعارضة للجهات غير الرافضة للحكم العسكري من حيث المبدأ، تلك الجهات المعارضة بشأن طريقة الحكم لا ماهيته.
بقاء السيسي لفترة رئاسية جديدة، سيكون من مصلحة داعمي شرعية الرئيس المنقلب عليه، للاستمرار برفض الانقلاب العسكري، وإثبات فشل هذا الانقلاب على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحقوق الانسان.
في حال فكر الجيش المصري، وقام بتغيير رأس النظام برئيس أخر بمسلسل انتخابي، من شأنه خفض شعبية تحالف دعم الشرعية، بحجة زوال الانقلاب ولو شكليا، واعادة تجديد شرعية لرئيس جاء بعد اربع سنوات من انقلاب قد زال، وهذا لا يصب في مصلحة رافضي الانقلاب وداعمي الشرعية.
ما سيظهر خلال الفترة القادمة، سيبين ان بقاء السيسي اثبات لقلة خبرة العسكر في تسيير الامور، او تحكم السيسي بشكل فعلي على مقاليد الجيش.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى