في الإقتصاد قوة

في الإقتصاد قوة
المهندس علي ابوصعيليك

يكاد الوضع الإقتصادي المتردي الذي تمر به العديد من دول العالم يستحوذ على أعلى إهتمام بعد الإهتمام بتطورات مرض Covid 19 من نواحي صحية ولأن الإقتصاد عصب الحياة والمال لاعب أساسي في حلول المشاكل بل هو أيضا سبب أساسي للعديد من الصراعات ولأن العديد من الدول العربية تعاني أصلا الأمرين من الترهل الإقتصادي منذ عقود ولم تستغل العديد من الفرص السابقة في إحداث إنطلاقة إقتصادية تؤدي إلى نمو مجتمعي قد يتبعه تطورات أخرى فلماذا لا تكون هذه المرحلة الصعبة هي بداية إنطلاقة إقتصادية جديدة قد لا تتعارض حتى مع القوى الغربية بل وقد تكون داعمة لها ولنا هنا في عمالقة إقتصاد مثل كوريا الجنوبية مثال حي.
إستثمار الأزمات في الإنتقال من عهد إلى أخر ليست بالحدث الجديد عالميا، وتاريخيا كانت اليابان وكوريا الجنوبية في أدنى مستوياتها الإقتصادية والفكرية والثقافية والإجتماعية بل والأخلاقية أيضا في النصف الأول من القرن الماضي بعد أن خسرت اليابان أمام الحلفاء الحرب العالمية الثانية وأيضا تحررت كوريا الجنوبية من الإستعمار الياباني لها، وإستثمرت اليابان في مواطنيها بشكل مميز وتخلصت من النظام الطبقي وتغيرت العديد من النصوص القانونية التي كانت تشكل عوائق أمام نمو البلاد وأيضا رسخت علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية المنتصرة في ذلك الوقت وجلبت ايضا أفضل الخبرات العالمية على سبيل المثال الأمريكي وليام ديمينغ والذي بنى نظرياته في علوم الجودة والإدارة على الأهمية العالية للموظفين في تحسين ظروف الإنتاج ولاحقا كان له الكثير من الفضل في تطور اليابان ولم ينسوا قيمته وفضلة وعلى اسمة توجد في اليابان أفضل جائزة تنافسية بين الشركات اليابانية، وعلى الجانب الأخر تدين كثيرا كوريا الجنوبية للحاكم “بارك تشونغ” في تطورها والذي بدأ بخطوات مهمة في تطوير الأنظمة التعليمية والتدريبية والتي مرت بالعديد من المراحل الحيوية ولكن أهمها ما يذكر عن دور الدولة في حماية الشركات المتوسطة وتمويلها ومساهمة تلك الشركات في التخطيط لإقتصاد الدولة وتوجية الإقتصاد نحو القطاعات التصدير بعد أن أصبحت العديد من القطاعات الصناعية قوية جدا وكانت هنالك العديد من التحديات والمتغيرات وإنتهجت الدولة إقتصاد السوق لمواجهة أبرز التحديات وأصبحت دولة رائدة في مجالات الصناعات التقنية وتكنولوجيا المعلومات.
مما لا شك فيه أن اليابان وكوريا الجنوبية هي دول ناجحة وتعيش شعوبها حالة متطورة من الرخاء الإقتصادي وهي من أقوى إقتصادات العالم حاليا وفي قراءة أسباب ذلك فإن التنمية البشرية كانت أساس للنجاح وترافق ذلك مع نشأة وتطور وحماية الشركات الكبرى ومساهمتها في بناء الدولتين وأيضا إنتصر الصراع بين التطور والبيروقراطية لصالح التطور وتعدلت العديد من القوانين ويسجل للدولتين أيضا حسن إختيار الحليف المناسب في ذلك الوقت وبقياس ما تم ذكره على الوضع العربي حاليا فإن العديد من العوامل التي تساعد على النجاح متوفرة ولكن الإرادة السياسية غائبة كثيرا بل لا يشعر العديد من المواطنين العرب إن بلادهم قد تحررت من الإستعمار إلا ظاهريا لأن العديد من الإمكانيات غير مستغلة وهناك حالة تعليمية شكلية في العديد من الدول وأيضا فإن التركيز والدعم يتجه كثيرا نحو توافه الأمور بينما من يفترض أن يكون لهم دور كبير في تنمية البلاد مغيبون تماما وهناك أيضا ظواهر لا تساعد على التطور ومنها الطبقية المجتمعية والتمييز والعنصرية والبيروقراطية الحاضرة في العديد من المعاملات والغالبية من المواطنين غارقين في شؤون حياتية لا تساعدهم كثيرا في تشغيل العقل الذي هو أساس التطور والبناء بل وأيضا تزايدت الكراهية نتيجة العديد من الصراعات التي لازالت مستمرة وفتكت بين أبناء المجتمع الواحد.
إن الإنسان بشكل عام عندما تتوفر له مقومات الحياة فإنه يساهم في تنمية البشرية جمعاء والعكس تماما فإن غياب العدالة الإجتماعية عواقبة وخيمة ومن مصلحة الجميع إستغلال الوضع الحالي لبناء فكر جديد مفيد للجميع وليس لشريحة معينة وينقل الجميع ليكونوا عناصر فاعلة في الحياة والبيروقراطية وإحتكار القرار وغياب العلم تخلق ضروف صراع والإنسان العربي عاش القرن الماضي في صراعات وأن الأوان أن يقول المواطن العربي تحديدا كلمته ويعود لعقلة وفكرة النير ويستفيد من مقدراته والحقوق لا يمكن أن تمنح عبر البيروقراطية والتطور يحتاج لتضحيات عظيمة وفترة زمنية والتفكير في الأجيال القادمة يجب أن يكون نقطة إتفاق عند الجميع.
aliabusaleek@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى