فرسان الشاشات وحقائق حرب حزيران . . !

#فرسان_الشاشات وحقائق #حرب_حزيران . . !

موسى العدوان

نجاح عملية ” #طوفان_الأقصى ” العظيمة، التي نفذتها كتائب الأقصى في 7 أكتوبر 2023، وما تلاها من #مقاومة و #صمود_أسطوري لأهالي #غزة، بمواجهة حرب_إبادة إجرامية يشنها #العدو الإسرائيلي، استهوى بعض المحللين العسكريين والمدنيين، في محاضراتهم ومقابلاتهم التلفزيونية، لاتهام ثلاثة جيوش عربية ( مصري وأردني وسوري )، بالتقصير في حرب حزيران 1967 وتساءلوا : كيف لجيوش عربية أن تُهزم أمام جيش إسرائيلي يترسخ فيه الجبن والذعر وفقدان قواعد الاشتباك وسوء إدارة المعركة ؟

ومع تقديري لأولئك المحللين وما يقدموه من تحليلات عسكرية في حرب غزة، إلاّ أن هذا لا يخوّلهم الإساءة لجيوش عربية، في حرب لم يكن لها يد فيها بل كانت محرقة لها. فمن المعروف أن الجيوش هي أداة بيد السياسة تستخدمها في السلم والحرب.

مقالات ذات صلة

كما أن المقارنة بين حرب حزيران وحرب غزة، مقارنة غير منصفة. ففي الأولى جرت الحرب في ساحات قتال مفتوحة، تسمح بانكشاف الجيوش بشكل خاص أمام سلاح الجو المعادي. بينما في الثانية تجري الحرب بين جيش نظامي ومقاومة شعبية، في مناطق مبنية وفي أنفاق تحت الأرض، يسهل على المقاومين فيها الاختفاء عن قصف سلاح الجو، والقتال بالكرّ والفرّ كما في أسلوب حرب العصابات. وما يجري حاليا من قصف جوي يقوم به العدو، يستهدف السكان المدنيين والمنشآت العامة والمنازل، ولكنه لا يطال قوات المقاومة بصورة مؤثرة. ولهذا قيل : ” أن المناطق المبنية مقبرة الجيوش النظامية “.

وبالعودة إلى ما حدث في حرب حزيران، ولكوني شاركت بها كقائد سرية في إحدى كتائب اللواء المدرع 40 بمنطقة جنين، أرى من واجبي إظهار بعض الحقائق التي عرفتها عن تلك الحرب إنصافا لتلك الجيوش، وتفنيدا لاتهامات محللين يجهلون طبيعتها، ولم يشاركوا بها أو بغيرها من الحروب. ولكي لا يساء إلى تاريخ تلك الجيوش بصورة مقصودة أو غير مقصودة أبين ما يلي :

1. كانت الخلافات السياسية تعصف بالعلاقات العربية العربية، وكانت تقف حائلا دون إجراء تعاون عسكري بين جيوشها.

2. لم تكن الدول العربية مستعدة في تهيئة جيوشها للحرب، ولم تبادر بالضربة الأولى عندما توترت الأوضاع السياسية بين الدول العربية وإسرائيل، حيث التزمت السكون استجابة لطلبات الدول الكبرى بألا تكون البادئة في الحرب. وبهذا سمحت للعدو أن يتولى زمام المبادرة، ويفرض ضربته في الزمان والمكان المناسبين.

3. عدم توحيد القيادات العسكرية قبل بدء الحرب بوقت كافٍ، وبناء استراتيجية عظمى لمواجهة العدو الإسرائيلي في حالة الحرب.

4. افتقار الجيوش العربية لأسلحة دفاع جوي فعال وطائرات مقاتلة، توفر السيطرة الجوية والحماية للقوات في الميدان، واعتمدت على سلاح الجو المصري في تولي هذه المهمة.

5. شُكلت قيادات مشتركة لتلك الجيوش على عجل وقبل وقوع الحرب ببضعة أيام، وكان كبار القادة وهيئات أركانهم فيها، يجهلون طبيعة الأرض التي سيجرى القتال عليها، إضافة لعدم معرفة قدرات القوات التي وضعت تحت إمرتهم.

6. حقق العدو مفاجأة استراتيجية للجيوش العربية، في الساعات الأولى من يوم 5 حزيران. ولم يكن لدى الجيوش العربية استعداد للقيام بالضربة الثنية ردا على ضربة العدو.

7. جرى تدمير سلاح الجو المصري على الأرض، في الساعات الأولي قبل بدء الحرب، وبهذا تمكن سلاح الجو من فرض السيطرة الجوية الكاملة على جميع الساحات الحرب العربية، مما كان له أكبر الأثر في خسارة الحرب.

ولا شك بأن أي رجل عسكري يعرف، معنى أن تقاتل الجيوش البرية، تحت سيادة جوية مطلقة للعدو. ويعرف الخبراء والمحللون العسكريون، أن الحرب قد حُسمت في الساعات الأولى يوم 5 حزيران، عندما تم تدمير سلاح الجو المصري كاملا، والذي كان الأمل معقودا عليه، في توفير سيطرة جوية محلية على الأقل في ساحات المعارك، فراحت تلك الجيوش تقاتل تحت سيطرة العدو الجوية المطلقة، ممال أبطل فعاليتها دون أن تلتحم معه وجها لوجه.

بعد انتهاء الحرب التي استغرقت ستة أيام فقط، سُئل الفريق عبد المنعم رياض قائد القيادة المتقدمة في الأردن، عن رأيه فيما جرى بتلك الحرب فقال : ” السياسة العربية هزمت الجندي العربي قبل أن تهزمه الحرب “. وبهذه العبارة يجيب الفريق رياض على تساؤلات فرسان الشاشات التي يتجاهلونها.

ولكن في عام 1968، وعندما كان الجيش الأردني مستعدا للقتال، استطاع مواجهة قوات العدو في معركة الكرامة، عندما اخترقت نهر الأردن إلى الضفة الشرقية على ثلاثة محاور، وجرى القتال فيها لِ 15 ساعة متواصلة، أضطر العدو خلالها ولأول مرة في تاريخه، أن يطلب وقف إطلاق النار، بعد أن تكبد خسائر، فادحة ترك بعضها على أرض المعركة. فكان هذا أول نصر بعد هزيمة حزيران بعام واحد.

وحين استعد الجيش المصري للقتال، فقد سجّل في 6 أكتوبر 1973 ملحمة بطولية كبرى، عندما اقتحم خلال ساعات أعظم مانع مائي في التاريخ العسكري، معزز بخط دفاعي منيع على الضفة الشرقية لقناة السويس هو خط بارليف. ثم اندفع لمسافة 15 كيلو مترا شرقي القناه، تمهيدا للتقدم في وقت لاحق نحو الممرات الصحراوية في سيناء. ولم يقلل من نتائج تلك الحرب إلا التدخل السياسي، الذي تسبب بفتح ثغرة الدفرسوار على قناة السويس، وعبور بعض التشكيلات الإسرائيلية من خلالها إلى غربي القناة.

هذا الانقلاب الإيجابي في أداء الجيشين الأردني والمصري، من الهزيمة إلى النصر جرى بعد حرب حزيران 1967 بفترة وجيزة، وبنفس أشخاصها الذين قيل أنهم هزموا في وقت سابق، ولكن عندما أتيحت لهم الفرصة للاستعداد للحرب علميا ومعنويا وماديا، فإنهم كانوا رجالا أبلوا بلاء حسنا وقهروا العدو في ساحات القتال.

في الختام، أرجو من فرسان الشاشات، أن يتحروا الحقيقة في أحاديثهم عن الجيوش العربية، التي قدمت وما زالت تقدم الكثير من الشهداء، في صراع الأمة العربية مع العدو الإسرائيلي، دفاعا عن الوطن وأبنائه. كما أدعو الله تعالى أن يأخذ بيد المقاومة الفلسطينية نحو تحقيق النصر، وأن يرحم الشهداء ويشفي الجرحى على أرض فلسطين، وشهداء الجيوش العربية في كل مكان، إنه نعم المولي ونعم النصير.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى