غرور أمريكي وخنوع عربي / علا الشربجي

غرور أمريكي وخنوع عربي
صرح وزير الدفاع الأمريكي، آشتون كارتر ، أنه سيطلب من دول الخليج العربي الأسبوع المقبل المساهمة في إعمار العراق.
إعمار العراق .!!؟؟
كلمتين تعيدنا وتعيد كل عربي إلى عام 2003 وإحتلال أمريكا العراق ، بحجة وجود الديكتاتور صدام حسين وسلاحه الذري ، وبول بريمر ذلك الحاكم الذي مزق العراق بدستور خبيث يقوم على أساس المحاصصة و الطائفيه .
ذكريات سوداء تمر أمام أعيننا …نتذكر فيها القتل والدمار والخراب ، الذي حل بكل ركن وكل حي في العراق . بكل طفل كان يبكي على رصيف حي الأعظمية والتقطته عدسات المصورين و الصحفيين .
بكل إمرأة كانت تنتحب جرّاء قصف الطائرات الأمريكية لمنزلها في البصرة . بكل أم فقدت أولادها جرّاء الاعتقالات العشوائيه في الأنبار. بكل أب فقد بيته و عائلته وجيرانه في الموصل . وبكل عراقي فقد كرامته وحريته وحياته .
غارة تلو غارة ، وأكوام من جثث الضحايا الأبرياء ، وذلك المشهد قبل خمس و عشرين سنة في 13 شباط 1991 ( ملجأ العامرية ) الذي ما زال عالقا بذاكرتنا السوداء حيّاً وكان مشهداً جديداً على العرب حين تم قصفه بالصواريخ الامريكية ، ليتبين فيما بعد أنه ملجأ للنساء والأطفال ليس أكثر ، أما الان فقد أصبحنا أقوى وأكثر متانة وتحجرت قلوبنا أيضاً فلم تعد تهزنا الأشلاء و ولا الجثث ولا حتى أطراف الأطفال المتناثرة .

ذكريات السقوط الى الهاوية ، ومدينة عريقة بعراقة بغداد الرشيد تجثو على كبريائها ..
لم يتوقف الامر عند الأرواح والإنسان بل تعدّاه حتى وصل الى روح الحضارة العراقية ، ليُسرق تاريخها من المتحف الوطني العراقي ، والذي سرق منه أكثر من (170،000 ) قطعة اثرية ، وكانت بعض هذه القطع من الضخامة بحيث يستحيل سرقته من قبل المواطنين .
سُرقت آلاف أطنان الذخيرة العسكرية والمعدات الحربية من مستودعات ومعسكرات الجيش العراقي .
ُسرق نتاج سنين طوال من العلم و البحث من (مركز ألأبحاث النووية ) والذي كان يحتوي على 100 طن من اليورانيوم بالاضافة الى أبحاث و تجارب لعمالقة العلماء وقامت شاحنات بنقل محتويات هذا المركز إلى جهات غير معلومة .
و يستمر شريط الذكريات الأسود ليَمُر على تلك المدينة الشامخة ( بغداد الرشيد حاضنة وحاضرة العرب ) ليتم سرقتها وكسر العامود الفقري للعرب وللوطن العربي … وسقطت بغداد .
ويستمر الشريط ونشاهد فيلماً سيء الإخراج ( تنظيم القاعده ) و (قانون 4 إرهاب ) وعقود الشركات الامريكيه ، والفتنة الكبرى في العراق ( شركة بلاك ووتر) والتصفيات والإغتيالات والسرقات ، وتغلغل التاريخ الديني بعقولٍ بات أكبر أحلامها وهمّها أن تمشي و تلطم من البصرة الى كربلاء .
ليظهر بعدها السيد بلير عام 2015 ويعترف بالندم والخطأ الفادح الذي ارتكبته بريطانيا في غزوها للعراق مع امريكا ، وكيف فُسرت المعلومات الاستخبارية التي وصلت الى لندن عن العراق بشكل خاطئ ، وانه لا وجود لاسلحة الدمار الشامل في العراق … وأعتذر بلير (Sorry) .
و يتبعه فلم أكشن آخر (داعش ) لتتراقص فيه دمىً إيرانية على دماء السنه ، في الفلوجة و الرمادي .
بعد أن جاء المسؤولين العراقيين على السجاد الإيراني إلى سدة الحكم، ونشوء شارع سني ، شيعي ، وكردي .. هُمِّشت فيه السنّة وهُجِّرت ، وتقاتلت الشيعة فيما بينها ، وانفرد الكرد بإقليم مستقل يسعى الى تقطيع أوصال العراق و إنشاء الدولة الكردية …
و لكن بلير قال (Sorry) .
و بعد ثلاثة عشر عاما جاء ( كارتر) ليطالب دول الخليج العربي بالعمل على إعادة إعمار العراق ..أي إعادة إعمار الخراب والدمار الذي هم تسببوا به وإعتذار بلير ، وليعترف أن العراق بات بلداً مدمراً، مكسوراً، مريضاً ، خرباً ومنهكاً ، وهو بحاجة إلى مساعدات إقتصادية ، سياسية ، لوجستية وعسكرية كي يتعافى .. هذا إذا تعافى ..لكن يبقى السؤال هل هناك اي ربط بين اعفاء السعودية من تمرير مشروع قانون الى الكونغرس من شأنه أن يورط الحكومة السعودية، لتكون مسئولة أمام المحاكم الأمريكية عن هجمات 11 سبتمبر 2001… و بالمقابل دفعها الى تحمل أعباء اعمار العراق .

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى